الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، رجل كثير البكاء عندما يدخل فى الصلاة أو يسمع آيات القرآن الكريم، وذلك خشوع المؤمن حين يحسن التعبد لله، وهو شىء طيب نسأل الله تعالى أن يثيبه عليه بما يعلم فى نيته. لكننى أعيب على بعض الإخوان المتاجرة بصور الرئيس الباكى فى مواضع مختلفة لكى يخلقوا له نوعاً من الشعبية، فلا ينبغى استثمار هكذا أمور فى الدعاية السياسية. كما أنبه الرئيس ذاته إلى أن البكاء بين يدى الله جزاؤه الجنة إن شاء الله، ومسح دموع من يبكى من البشر جزاؤه التمكين فى الدنيا إن شاء الله. ونحن نريد من الدكتور «مرسى» أن يلتفت أكثر لمن يبكى من الجوع أو المرض أو العوز، نريد منه أن يتجول فى عشوائيات مصر وبعض قراها ونجوعها ليرى كيف يشرب المواطن مياه المجارى، وكيف يعيش فى علب الصفيح، وكيف يرتدى الأطفال الملابس الممزقة، وكيف ترعى الهوام فوق أجسادهم المختلطة بوحل الأرض. فربما لو رآهم -بقلبه الرقيق- حنّ لهم وبكى على مصيبتهم واجتهد فى حل مشاكلهم. لقد كان عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أكثر الناس خوفاً من الله وأشدهم تعبدا له، ولم يؤثر عنه أنه كان يبكى فى عبادته، وما كان أسهل أن يرتج كيانه المهيب لصرخة طفل يبكى. ولعل الرئيس وإخوانه يعلمون تلك القصة التى خرج فيها عمر بن الخطاب لتفقد أحوال الرعية، فسمع صراخ طفل يبكى فسأل أمه عن سبب بكائه؟.. فأجابت: إنه جائع ولا أجد ما أسد به رمقه ثم أردفت: والله بيننا وبين عمر، فقال أمير المؤمنين: وما أدرى عمر بك يا أمة الله، فردت: أيتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟!. على الرئيس أن يتوقف قليلاً عن بكائه ويلتفت إلى العيون الدامعة من الفقر والإحساس بالظلم والغبن. وليركز فى مشاكل الناس أكثر، ولينصح إخوانه بالتوقف عن الاحتفاء بصوره الباكية، وليعلم أن كثرة البكاء يمكن أن تصبح حائلاً بين المسلم وبين التصدى لإمامة الناس، ولعله يذكر أن السيدة عائشة -رضى الله عنها- عندما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر أبا بكر الصديق بإمامة الناس فى الصلاة -خلال مرضه- قالت له: إن أبا بكر رجل أسيف -أى كثير البكاء- فإذا صلى بالناس بكى وحشرج صوته فلا يستطيع أحد سماعه. على الرئيس أن يجهد ذهنه ونفسه وخياله السياسى فى تشكيل حكومة قادرة على التعامل مع مشاكل الناس، وأن يحسن اختيار أعضائها بعيداً عن مفهوم «الصحبة والصحوبية» حتى لا تأتى عليه لحظة لن يبكى فيها بين يدى الله، بل بين يدى الناس.. والله الموفق والمستعان.