«الرئاسة كانت فى وقت من الأوقات حلماً يبدو مستحيل التحقيق، وكان لدىَّ تحدٍّ أن أثبت أن أى مواطن تونسى له الحق فى أن يكون له هذا الطموح»، لم يكن يعلم الرئيس التونسى منصف المرزوقى، وهو يفصح عن مشاعره بهذه الكلمات، بأن الرئاسة ستظل حلماً بعيد المنال فى ظل معاناته من صلاحيات منقوصة بعد 7 أشهر له فى السلطة. ويصل اليوم إلى القاهرة الرئيس التونسى اليسارى للقاء نظيره المصرى الإسلامى محمد مرسى، بعدما طالت أزمة الصلاحيات المنقوصة عدداً من رؤساء «الربيع العربى» بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية. ففى الوقت الذى تحتدم فيه الصراعات فى تونس بين رئاسة الجمهورية التى يتولاّها المرزوقى ورئاسة الحكومة التى يقودها الأمين العام لحركة النهضة، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، حمادى الجبالى، حول معركة الصلاحيات، يخوض مرسى النضال نفسه لكن هذه المرة ضد المجلس العسكرى من أجل انتزاع بعض صلاحيات رئيس الجمهورية. ونظراً لعناده السياسى المعروف، قام المرزوقى بشبه إضراب عن العمل فى سابقة هى الأولى من نوعها، حيث أجّل التوقيع على بعض القرارات كنوع من الضغط على حكومة الجبالى، وذلك بعدما اتخذ الأخير قرار تسليم رئيس الوزراء الليبى السابق، البغدادى المحمودى، للسلطات الليبية لمحاكمته دون علم رئيس الجمهورية. من جهة أخرى، سرعان ما بدأ مرسى أيامه الرئاسية الأولى بمناورات مع الجنرالات على معركة السلطات، والأشهر القادمة ستجيب عن: «لصالح من يحسم هذا الصراع؟». ويعتبر الكثيرون المرزوقى، صاحب الملامح السمراء والوجه الذى يعكس وهج الصحراء، شخصاً نزيهاً، يملك ماضياً لا غبار عليه، غير أن البعض، خصوصاً بين اليساريين العلمانيين، ينتقدون اقترابه من الإسلاميين، ويأخذون عليه إعلانه بعد ثلاثة أيام من فرار الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على فى 14 يناير 2011 أنه ينوى الترشح لرئاسة الجمهورية. ورأس المرزوقى (67 عاماً ) المتحدر من الجنوبالتونسى، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومى) الذى أسسه فى 2001، وطالب من خلاله بإسقاط نظام بن على، لإيمانه بأن فساد نظامه غير قابل للإصلاح، فصدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام، إلا أن هذا الحكم واجه ضغوطاً دولية على الحكومة التونسية، ليرحل بعدها المرزوقى إلى فرنسا، ويواصل نضاله فى المنفى. فى أسرة تتحدر من قبيلة المرازيق فى الجنوب، ولد الناشط السياسى فى 7 يوليو 1945 بقرية قرنبالية (30 كلم جنوب شرق العاصمة)، وهو أب لطفلين من طليقته الفرنسية. ودون موافقة السلطات عاد إلى تونس فى 2006 للدعوة إلى عصيان مدنى بهدف إسقاط النظام، لكنه سرعان ما رحل إلى فرنسا بعد 5 أيام تعرّض خلالها إلى الترهيب والتضييق الشديد من قبل البوليس السياسى. وعاد إلى بلاده مرة أخرى فى يناير 2011 بعد فرار بن على ولم يكن يتوقع حينها أنه سيصبح رئيساً للجمهورية ولو بشكل صورى.