رئيس جامعة القناة يُكلف مديرين جُدد للعمل بالإدارة العامة لخدمة المجتمع    رئيس الوزراء يواصل مناقشة المقترحات الخاصة بتطوير مرحلة الثانوية العامة.. طرحها من خلال آلية الحوار الوطني.. والاستفادة من مناهج النيل المصرية    محافظ بني سويف: حصول 21 مدرسة وروضة على شهادة ضمان جودة التعليم    رئيس الوزراء يشدد على ضرورة تعيين 30 ألف معلم فى المدارس كل عام لسد العجز    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    أمين الأعلى للشئون الإسلامية على رأس وفد يضم 35 إمامًا وواعظة لمرافقة بعثة الحج    175 مليون دولار صادرات الصناعات الغذائية إلى العراق خلال 2023    نواب بالجلسة العامة يؤيدون التحول للدعم النقدى ليصل لمستحقه    أسعار الخضراوات اليوم، ارتفاع البامية والليمون في سوق العبور    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    خروج قطار عن القضبان بسبب الانهيارات الطينية في ألمانيا    علا الدحدوح.. أخر صحفية تستشهد على يد قوات الاحتلال.. وصاحبة الجلالة تفقد 145 أخرين منذ انطلاق طوفان الأقصى    بيريز يتحدث عن قصة حب ريال مدريد ودوري أبطال أوروبا    أخبار الأهلي: مفاجأة في رحيل محمد عبدالمنعم عن الأهلي وبديله    كرة يد - الاتحاد المصري يعلن إذاعة نهائي كأس مصر بين الزمالك وسبورتنج    فتح باب التقديم لرياض الأطفال في القاهرة للعام الجديد    قرار عاجل من النيابة بعد غرق طفل أثناء تدريب سباحة في مدرسة بالغربية    إصابة قاض بمحكمة نجع حمادي في انقلاب سيارة بقنا    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة    قيادات «المتحدة» ونجوم الفن ورجال الدولة في احتفالية العرض الخاص من سلسلة «أم الدنيا 2»    اليوم.. جمعية الفيلم تعرض فيلم بيت الروبي وتحتفل بمئوية الفنانة سامية جمال    دار الأوبرا تكرم سميحة أيوب فى أمسية بهجة الروح، الأربعاء المقبل    ما حكم من أحرم بالحج ثم مات بعد الوقوف بعرفة؟.. «المفتي» يجيب    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير 139 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    عدو خفي للكوليسترول.. احذر نوع طعام يعشقه كثيرون ويدمر جسمك    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    قرار جديد من محكمة النقض بشأن قضية «شهيدة الشرف»    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    السكرتير المساعد لبني سويف يناقش إجراءات تعزيز منظومة الصرف بمنطقة كوم أبوراضي الصناعية    مجلس الزمالك يسابق الزمن لتجهيز مستحقات الفريق.. ومفاجأة بخصوص جوميز (خاص)    أحمد حلمي يطالب بصناعة عمل فني يفضح الاحتلال الإسرائيلي: علينا تحمل مسئولية تقديم الحقيقة للعالم    وزيرا خارجية المغرب وكوريا يبحثان تعزيز علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية    رسمياً.. منحة 500 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لهذه الفئات (التفاصيل والموعد)    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    سيناتور أمريكي: نتنياهو «مجرم حرب» لا يجب دعوته للكونجرس    زيادة رأسمال شركة أبو الهول المصرية للزيوت والمنظفات إلى 200 مليون جنيه    ضبط 9 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالعملات الأجنبية خلال 24 ساعة    جواز ذبح الأضحية للمصريين المقيمين بالخارج: التفاصيل والأولويات    د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء يجيب عن أشهر أسئلة الحج: التخلف من العمرة للحج مخالفة لا تتفق معها العبادة.. ويحقق أذى المسلمين فى الحج    وسائل إعلام لبنانية: شهيدان مدنيان في غارة إسرائيلية على بلدة حولا    الشرقية تحتفل بذكرى دخول العائلة المقدسة ومباركتها لأرض مصر في منطقة آثار تل بسطا    فلسطين ترحب بإعلان تشيلي التدخل في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    بدء تسليم وحدات " بيت الوطن " بمشروع جنة بدمياط الجديدة الأحد المقبل    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    عاجل بالأسماء.. شلبي يكشف رحيل 5 لاعبين من الأهلي    دعاء دخول مكة المكرمة.. اللهم أَمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك    10 يونيو.. معارضة بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي" على حكم حبسه    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    «هل اللي خلقه مخلقش غيره؟».. شوبير عن عودة نجم الزمالك السابق    "صحة الإسماعيلية": بدء تشغيل قسم الحضانات بمستشفى حميات التل الكبير    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    احمد مجاهد: انا مؤهل لقيادة اتحاد الكرة وهاني أبوريدة الوحيد اللي منزلش قدامه    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات مصر المستقبل


مقدمة:
مصر ليست بدعا من الدول والمجتمعات، ولكن مصر الآن في حالة اكتشاف لمكوناتها الرئيسة بعد أن أصبحت هناك حاجة ملحة لأن يفاضل المصريون بين التيارات السياسية والأيديولوجية المختلفة. وهذه محاولة من "الوطن" أن نتعرف على مستقبل مصر إذا سادها حكم أحد التيارات الرئيسية المكونة للدولة والمجتمع المصريين. هناك سيناريو، ليس بعيدا عن التحليل الواقعي، أن يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مقاعد السلطة فترة أطول. ما الذي سيكون عليه شكل الدولة المصرية وما الذي سيظل ثابتا فيها وما الذي سيتغير؟ وهو نفس السؤال الذي نطرحه لو سادت دولة السلفيين أو دولة الإخوان أو دولة الليبراليين؟ وما هو شكل المجتمع بثوابته ومتغيراته مع كل سيناريو من السيناريوهات الأربعة؟ وما هو شكل الاقتصاد بتحدياته وفرصه مع كل سيناريو من هذه السيناريوهات؟ وأخيرا ما هي مصادر قوة وأدوات تنفيذ كل فريق لرؤيته المتاحة له؟ هذه أسئلة نطرحها على أنفسنا في ظل بيئة شديدة التغير وعالية المخاطر، وندع كل تيار يجيب على هذه الأسئلة من خلال الخطاب السياسي للمنتمين له. إنه نقاش حول ملامح مستقبل مصر، مستقبل "الوطن."
النظام السياسي: ثوابت ومتغيرات مصر العسكرية
في مصر العسكرية، سيكون الالتزام بتسليم السلطة لنظام مدني منتخب من قبل الشعب، دون التزام واضح بمتى يحدث ذلك، في ضوء أن معظم التواريخ التي ألزم المجلس العسكري نفسه بها جاءت عبر ضغوط من الشارع عليه.
تفضيل النظام السياسى المختلط، حيث يختص رئيس الجمهورية بالعلاقات الخارجية وقضايا الأمن القومي بدلا من أن تتحول هذه القضايا إلى أن تكون ساحة للصراعات السياسية بين الأحزاب المختلفة.
مدنية الدولة قضية أمن قومى، دون توضيح ما هي الآليات التي سيستخدمها المجلس العسكري للحفاظ على "مدنية الدولة."
العلاقة مع القوى السياسية المختلفة تتسم بالبراجماتية، حيث يتقارب المجلس الأعلى مع القوى التى يغلب على ظنه أنها الأقرب لتحقيق مصالحه، سواء القوى الإسلامية تارة أو القوى الليبرالية تارة أخرى.
الحفاظ على وضع خاص فيما يتعلق بميزانية المؤسسة العسكرية والقرارات الاستراتيجية الكبرى.
مصر السلفية
في مصر السلفية، يفضل السلفيون نظاما مختلطا قائما على تعدد المؤسسات والفصل بين السلطات كبديل عن النظام الرئاسي الذي يمكن أن يؤدي إلى إنتاج مستبد جديد.
الدولة في مصر السلفية لها طبيعة مزدوجة: فهي من ناحية دولة تطبق شرع الله حيث يقوم الحاكم بمهمة الوكالة عن الأمة في إقامة الدين وسياسة الدنيا، وهي أيضاً دولة ليست مدنية (لأنه المدني عندهم يرادف العلماني) ولكن "السلطة فيها مدنية."
الشريعة أصل والديمقراطية تابع عند السلفيين بحيث لا تكون هناك أولوية لحكم البشر على حكم الشرع وإن كان يظل معنى "الشرع" غير واضح تماما بحكم التعدد والتنوع في المذاهب الفقهية والفلسفية الإسلامية.
حزب النور المعبر عن تيار واسع بين السلفيين يفرق بين القوات المسلحة كمؤسسة وطنية حامية للأمن القومي دون أن يكون لها أي دور سياسي، لاسيما بالصيغة التي وردت في وثيقة علي السلمي.
مصر الإخوانية
في مصر الإخوانية، النظام السياسي سيكون مختلطا بين الرئاسي والبرلماني على المدى القصير لعدة أسباب منها ضعف الأحزاب الذي هو شرط ضروري لقيام نظام برلماني فعال على المدى الطويل.
مصر الإخوانية تسعى لنظام سياسي قائم على الفصل بين السلطات، مع تحقيق الاستقلالية التامة للقضاء، وإن كان تحقيق هذا النظام يتطلب درجة أعلى من الإفصاح عن الآليات والمواد الدستورية التي تحققه.
مصر الإخوانية دولة مدنية ديمقراطية مؤسسية، يكون الشعب فيها هو مصدر السلطات، وسيادة دولة القانون. وباعتبار الجماعة الأكثر تمثيلا في البرلمان، لا يبدو أنهم قد نجحوا في تخفيف توجسات القوى غير الإخوانية من تصوراتهم بشأن كل الخصائص السابقة التي ليست محل خلاف من الناحية النظرية.
مصر الإخوانية تتخوف من الدور السياسي للمؤسسة العسكرية، وتزداد تخوفا من المجلس العسكري الذي يطلب بعض الليبراليين بأن يكون حاميا لمدنية الدولة.
مصر الليبرالية
مصر الليبرالية دولة نظامها في الإطار العام لن يختلف عن غيرها تحت العنوان الكبير "نظام مختلط رئاسي برلماني."
مصر الليبرالية ليست بعيدة عن غيرها في الطرح العام بضرورة أن يقوم النظام العام على سيادة القانون واستقلال القضاء، وخضوع مؤسسات الدولة والمواطنين جميعاً للقانون على قدم المساواة ودون أي تمييز، حتى لو كان هذا التمييز نابعا من التفسير الحرفي للشريعة الإسلامية استنادا لأن التفسيرات "الأكثر استنارة" لن تسمح باستخدام الشريعة للنيل من فكرة المواطنة. وهو ما يجعلهم يلجئون كثيرا لدعم الأزهر في مواجهة جماعات "الإسلام السياسي."
الإسلام هو دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
المؤسسة العسكرية في دولة الليبراليين، إشكالية فهم من ناحية يريدونها مهنية غير مسيسة، ولكن في نفس الوقت هم لا يتصورونها محايدة إذا ما حدث انتهاك صريح ومنتظم لقيم وقواعد الدولة والمجتمع مثل المواطنة وعدم إقامة حكومة ثيوقراطية (لاهوتية).
المجتمع: قيود وحريات مصر العسكرية
بعد فترة من محاولات إدارة حوارات مع قوى المجتمع المختلفة، اتخذ المجلس قراره بالتوقف عن مثل هذه الحوارات العامة.
ظل المجلس الأعلى يدافع عن دوره في إدارة ملف الأمن الداخلي والحرص على استمرار المحاكمات العسكرية.
التحفظ على رغبة القوى السلفية فى أسلمة المجتمع والتأكيد على أن مبادئ الشريعة الإسلامية، وليست الأحكام، هي المصدر الرئيسى للتشريع.
يميل المجلس الأعلى للاعتقاد بأن أوضاع المجتمع في مرحلة ما قبل الثورة لا ينبغي أن تتغير كثيرا في مرحلة ما بعد الثورة وهو ما يعكس رؤيته المحافظة بحكم طبيعة تكوين المؤسسة.
مصر السلفية
الحدود: التأكيد عليها كآلية للردع والعقوبة في الشريعة حتى وإن كان تطبيقها يتطلب مدى زمنيا أوسع.
المسيحيون: التفرقة بين جانب العقيدة (أنهم كافرون بالإسلام كعقيدة) وجانب المعاملات (البر والقسط)، وعدم جواز توليهم مناصب الولاية العليا على المسلمين، وبالنسبة (للجزية) فهي فرض إلا أنهم أكدوا أن تطبيقها يتطلب مزيداً من البحث خصوصاً وأن الرسول صلى الله علي وسلم قد تعامل بأكثر من طريقه في حالات مماثلة.
المرأة: عدم جواز ولايتها، وإن تم ترشيحها لمجلس الشعب فهو للضرورة عملاً بمبدأ أخف الضررين، مع التأكيد على منع الاختلاط، ونصح المسلمات، دون إجبار، بارتداء الحجاب.
السياحة: يسعى السلفيون لتطبيق السياحة الحلال التي تتوافق مع القيم الإسلامية وأن يراعي السياح عادات البلد وقيمه في الملبس المحتشم وعدم إظهار شرب الخمر.
مصر الإخوانية
تطبيق الشريعة: سيتم تطبيق الشريعة في مصر الإخوانية من خلال القوانين وليس بتغيير نص المادة الثانية من الدستور. وتطبيق الحدود قضية مؤجلة بعد إقامة المجتمع المسلم الذي هو امتداد للأسرة المسلمة.
المسيحيون: لغير المسلمين الحق في الاحتكام إلى شرائعهم فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية. ووفقا لمبدأ المواطنة، لهم حق تولي كافة المناصب وفقاً لمعيار الكفاءة وبما يكفله الدستور. وإن كان الاختيار الفقهي للجماعة هو عدم تولية غير المسلمين أو المرأة للرئاسة.
المرأة: تمكين المرأة من كافة حقوقها بما لا يتعارض مع تفسيرهم للشريعة الإسلامية وبما يحقق التوازن بين واجبات وحقوق المرأة.
مصر الليبرالية
المجتمع في مصر الليبرالية لن يسعى للتصادم مع الشريعة في المجال العام وإن كان لا يتوقع من الدولة أو المجتمع أن يفرض وصاية على حق الاعتقاد وحرية التعبير والاختيارات الشخصية للمواطنين.
يتسع مفهوم المواطنة لدى الليبراليين ليعني المساواة في مساحة كبيرة من الحريات ليس فقط وفقا للقانون والدستور دون تمييز، ولكن كذلك في الممارسة العملية.
حرية العقيدة مكفولة، ولكل مواطن الحق فى اعتناق العقائد والمذاهب وحرية ممارسة الشعائر الدينية، على أن تمارس هذه الحقوق دون الإخلال بحقوق الغير.
مصر الليبرالية لن تكتفي بأن تكون هويتها الدينية هي المحدد لنطاق الحقوق والحريات ولكن كذلك ما تعارف عليه المجتمع الدولي في مواثيقه العالمية من حقوق وحريات.
الاقتصاد: فرص وتحديات مصر العسكرية
- اقتصاد مصر في رؤية المؤسسة العسكرية يقوم على ازدواج الاقتصاد بين الشق العسكري والشق المدني.
الاقتصاد العسكري
- رغما عن تضارب التقديرات بشأن حجم الاقتصاد الذي تديره المؤسسة العسكرية في مصر، لكنها حريصة على تمتعها باستقلال تام في إدارة المشروعات الاقتصادية.
- التقييم الاقتصادي السليم لهذه المشروعات يشير إلى أن الكثير من نجاح هذه المشروعات يعود إلى الامتيازات والتسهيلات.
- يميل العسكريون إلى المركزية والتسلسل الرأسي في إدارة القطاع الاقتصادي من خلال قيام المؤسسات الرسمية بالإنتاج والإشراف والرقابة.
- وبحكم الوضع الاحتكاري للقوات المسلحة لعمالة من المجندين منعدمة التكلفة تقريبا، وسيطرة شديدة على الكثير من عناصر الإنتاج الأخرى بما يفسر انخفاض السعر النهائي.
- بحكم هذه الآلية في الإنتاج والتوزيع لا يوجد أدلة واضحة على قدرة الإدارة العسكرية على التكيف مع آليات اقتصاد السوق.
إدارة الاقتصاد: من المتوقع أن يلجأ العسكريون إلي حكومة (تكنوقراطية) في إدارة الشئون الاقتصادية للبلاد وتنفيذ السياسات المختلفة والتي يكون عملها فقط للحفاظ على الوضع القائم وضمان استمرارية مؤسسات الدولة في القيام بوظائفها التقليدية دون وجود رؤية واضحة وآلية محددة للتنمية الاقتصادية.
مصر السلفية
يتضح من البرنامج الاقتصادى لحزب النور والذى يمثل الذراع السياسية للسلفيين بمصر أنه فى حال سيطرة السلفيين على مقاليد الأمور فى مصر سيتجهون إلى تطبيق ما يمكن تسميته "بالاقتصاد الإسلامي".
البنوك والإقراض: يؤكد السلفيون على ضرورة التوسع فى صيغ التمويل الإسلامية المبنية على المشاركة فى الأرباح وفى الخسائر، بدلاً مما أسموه بالنظام الربوى القائم على أسعار الفائدة الثابتة والذى تتعامل به معظم البنوك التجارية والمتخصصة التى تعمل بمصر.
مؤسسات الزكاة والوقف: يؤكد السلفيون على أهمية تفعيلها والمشاركة من قبل الدولة والشرائح الغنية لإنشاء مؤسسات اقتصادية واجتماعية، بما يساعد على تحقيق التكافل الاجتماعى فى المجتمع، وتخفيف مشاكل الفقر.
دور الدولة: كغيرهم، وإن كان بصورة أكثر غموضا، تتحمل دولة السلفيين عبئا أكبر في النشاط الاقتصادى جنباً الى جنب مع القطاع الخاص بما يسمح بتواجد العديد من المشاريع العامة.
دولة السلفيين هي دولة هادفة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية وخاصة الزراعية لاعتبارات الأمن القومي.
إيرادات الدولة: السياحة الترفيهية فى دولة السلفيين لن تعد بذاتها من أهم مصادر الإيرادات العامة للدولة، وإن كانت لهم رؤية أوسع بشأن الترويج لأنواع السياحة غير المتصادمة مع الشرع من وجهة نظرهم.
مصر الإخوانية
الاقتصاد الجزئي: مصر الإخوانية تتأرجح بين التزام قيادات الجماعة باقتصاد السوق بحكم خبرتهم الشخصية في تحقيق مكاسب رأسمالية من خلال مشاريعهم الخاصة وفقا لآليات السوق والمنافسة ونظام سعري يقوم علي العرض والطلب، وبين تحديات تدخل الدولة من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد على أساس الأهداف التنموية للدولة.
الاقتصاد الكلي: مصر الإخوانية تؤكد على دور الدولة في توجيه الاقتصاد ومعالجة إختلالات السوق من خلال وضع القوانين والسياسات.
المؤسسات الاقتصادية: رغما عن تأكيد الإخوان على إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية والإدارية للدولة، لكنهم كغيرهم، لم يقدموا آليات واضحة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة ورفع كفاءة العمل بها. وهي عملية شديدة التعقيد ولن تظهر نتائجها إلا على المدى المتوسط.
مشروع النهضة: من المتوقع أن تحرز دولة الإخوان تقدما بطيئا علي المستوي الاقتصادي في السنوات الأولي بينما ستزداد معدلات النمو، إن نجح المشروع، في السنوات التالية. وإن كان واضحا أن النمو المطرد سيكون فقط في المرحلة الرابعة المعنونة "البناء والتشييد" في مشروع النهضة والتي يفترض أن تبدأ في 2019.
مصر الليبرالية
مصر الليبرالية تعمل على دعم المبادرة الفردية والحرية الاقتصادية الكاملة مع وجود دور فعال للدولة في الأنشطة الاقتصادية فى الوقت نفسه، وهى تقريباً نفس الرؤية التي ارتكز عليها أغلب يساري مصر وإن اختلفت درجة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي عند كل منهم.
في مصر الليبرالية سيسود النظام الاقتصادى المختلط، مع تركيز أكبر لليساريين على الاستثمارات الحكومية وإعادة بناء القطاع العام واكتفاء الليبراليين غير اليساريين بأن تقوم الدولة بدور المنظم النشط للاقتصاد والشريك الفاعل والمساند لمبادرات وقوى السوق.
الآليات المتاحة مصر العسكرية
المجلس العسكري هو السلطة القائمة على إدارة شئون البلاد ويمتلك القوة التنفيذية لإقرار القوانين وتنفيذها في حدود ما لا يحدث انتفاضة ثورية أخرى.
نجح المجلس الأعلى في أن يخلق صورة ذهنية لا تفرق بين المجلس بأفراده وبين المؤسسة العسكرية بما لها من رصيد وطني، رغما عن الأخطاء التي ارتكبت أثناء الفترة الانتقالية.
التحكم في وسائل الإعلام المملوكة للدولة والتأثير على بعض وسائل الإعلام الخاصة في المرحلة الانتقالية.
استغلال الخلافات والانشقاقات بين القوى السياسية لممارسة ضغوط على مختلف اللاعبين السياسيين بما يدفعهم لتطوير استجابات تتسق مع رؤية المجلس العسكري.
سيطرة المجلس على العديد من أوجه النشاط الاقتصادي والمشاريع التنموية الهامة يعطيه دوراً محورياً في إعادة بناء نظام الدولة الجديد.
مصر السلفية
دولة السلفيين لها روافد دعم من قاعدة شعبية ترى أن الانخراط في العمل السياسي هو واجب الوقت كأداة "للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر." وتستجيب لهذا التوجه قطاعات من السلفيين الذين يرون أن الالتحام بقياداتهم من العلماء السلفيين الثقات يمنع العلمانيين والليبراليين من إقامة دولتهم التي يفضلونها.
يدعم دولة السلفيين الانتشار الواسع للجماعات السلفية عن طريق العمل الخيري والخدمي والدعوي والذي أمكن "تسييسه" في ظل دولة ما بعد "أمن الدولة."
القنوات الدينية ودورها في توسيع دائرة الأتباع.
حصول حزب النور السلفي على المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية بنسبة تقارب الربع يمكن من تحويل الخطاب الدعوي إلى أجندة صنع القرار عبر المشاركة في التشريع وإعداد الدستور.
مصر الإخوانية
هم الجماعة السياسية الأكثر تنظيماً وقدرة على العمل الجماعي، من خلال قدرتهم على التواصل والالتزام بالقرارات المركزية.
الحشد والتعبئة الانتخابية عنصر قوة، ولكن غير واضح إن كانت نفس الآليات ستنجح في تعبئة الموارد لتحقيق "مشروع النهضة."
جماعة الإخوان المسلمين تضم كوادر من مختلف التخصصات العلمية، وتعبر عن مختلف طبقات الشعب ومناطقه الجغرافية، مما يجعلها الأقدر على التواصل مع الشعب.
يمتلك الإخوان المسلمون موارد اقتصادية خاصة بهم، سواء من رجال الأعمال المنتمين للجماعة أو من اشتراكات الأعضاء في داخل مصر وخارجها.
القدرة على القيام بالمشاريع التنموية والخدمية للفئات الأكثر احتياجاً بأقل تكلفة اسنتناداً إلى إمكانيات أعضاء الجماعة والحزب
مصر الليبرالية
السيطرة على العديد من وسائل الإعلام مما يعطي لهم الفرصة في توجيه وصياغة الرأي العام، ولكنهم يفتقدون القدرة على الحشد الجماهيري لافتقادهم قدرة العمل على الأرض والتواصل مع قطاع كبير من المواطنين.
التيار الليبرالي يطرح نفسه للرأى العام كتيار بديل عن التيارات التقليدية واعدا المجتمع بالتقدم والحداثة؛ وفى بعض الأحيان يتم استخدام الدعاية السلبية ضد بعض القوى الإسلامية كمحاولة لاجتذاب المؤيدين والناخبين.
ينتمي عدد كبير من رجال الأعمال إلى التيار الليبرالي، ولا يمانع الكثير منهم في استخدام مواردهم المالية والشخصية في دعم النهج السياسي والاقتصادي للتيار
ملاحظات ختامية (بعد الجدول):
أولا، من الواضح من المقارنة السابقة أن هناك نزعة نحو تجنب أخطاء الماضي ومحاولة الجمع بين النظم المختلطة باعتبارها الأقل مخاطرة؛ فالنظام السياسي موضع الاتفاق على الأقل على المدى القصير هو النظام السياسي المختلط (شبه الرئاسي – شبه البرلماني) وهو نفسه في ما يتعلق بالتأكيد على الجمع بين اقتصاد السوق ودور نشط ومتدخل للدولة، حيث تختفي صيغ الاشتراكية الناصرية أو الانفتاح الساداتي – المباركي لصالح صيغة تحاول الموازنة بين اعتبارات النمو والتنمية واعتبارات العدالة ومراعاة حقوق محدودي الدخل. .
ثانيا، رغما عما يبدو من اتفاق حول الإطارين العام السياسي والاقتصادي، لكن هناك ملامح حرب أهلية كلامية وفكرية وسياسية بعض ملامح هذه الحرب يرتبط بدقائق التفاصيل التي ستعيد توزيع خريطة القوى السياسية في مصر، وما يزيد من وطأة هذه الحرب، إذا جازت التسمية، أنه لا توجد جهة تحظى بتقدير العدد الأكبر من الفعالين السياسيين والتي ينظر إليها هؤلاء بحيادية، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، من أسف، تحول إلى لاعب ضمن اللاعبين، وقبيل من بين القبائل، وليس حكما بينهم ومديرا محايدا للمرحلة الانتقالية.
ثالثا، رغما عن هذه الاستقطابات والتجاذبات والتباينات بين النخبة السياسية في فصائلها المختلفة، إلا أن التيار الأساسي للمجتمع لا يبدو مؤدلجا بالقدر الذي يجعل هذه التناقضات ظاهرة في توجهات المصريين اليومية، وإنما هي أقرب إلى صراعات نخبة سياسية وإعلامية ودينية نجحت في اجتذاب قطاعات تعد بمئات الآلاف، لكنها تظل بعيدة عن السواد الأعظم من المصريين الذين يفاجئون بملامح مشهد سياسي جديد متغير كل يوم بعد أن عاشوا عقودا بلا أي دور سياسي فاعل.
رابعا، هناك تحد اقتصادي ترادت الأطراف على تجاهله في ضوء صراعاتهم السياسية، الصراع السياسي الراهن يفتقر للنضج لأسباب كثيرة ولكن على رأسها أن أولويات النخبة المتصارعة لا تعكس مخاوف الجماهير القلقة اقتصاديا بما يعني أن الجدل السياسي بعيد عن الرؤية الشاملة التي ترصد المخاطر الاقتصادية وانعكاساتها السياسية والاجتماعية.
خامسا، مقارنة بالدول الأنجح في إدارة فتراتها الانتقالية، فإن الخطاب السياسي لكل تيار يبدو تصالحيا وتوافقيا من حيث نقطة الإنطلاق ولكن الفجوة تتسع عند اتخاذ القرار وهو ما يفسره التنافس السياسي والنزعات الفردية التي تضاعف من مساحة التباينات الفكرية والأيديولوجية على نحو نال من القدرة على التوافق أو على الأقل القبول بحد أدنى من قواعد وقيم مشتركة تحكم سلوك اللاعبين السياسيين.
لا شك أن الوضع الراهن لا يمكن استمراره كما أن أوضاع ما قبل الثورة لا يمكن العودة إليها. نحن بحاجة لوضع جديد يكون لا شك أكثر اتساقا مع هويتنا الجماعة، ومع ما وصلت إليه دول العالم المتقدمة من قواعد للحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة والعادلة. وهذا لن يتحقق إلا بأن نستوعب طبيعة التحديات ونختار الرؤى والآليات القادرة على مواجهتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.