أثار اقتراح قدمه عصام سلطان، عضو الجمعية التأسيسية للدستور، بالاستعانة بالدستور الأمريكى فى كتابة الدستور الجديد، مساء أمس الأول، جدلاً داخل الجمعية، ورفضه المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية، بينما أصر البعض على ضرورة دراسته والاستفادة منه فيما يخص توازن العلاقات والسلطات بين المؤسسات. وطالب سلطان بضرورة الاستماع إلى محاضرة للدكتورة منار الشوربجى الأستاذة فى الجامعة الأمريكية، حول النموذج الأمريكى فى توازن العلاقات والسلطات بين المؤسسات كحاله دراسة، وهو الأمر الذى لاقى رفض المستشار الغريانى، وقال: «الدستور الأمريكى ملائم جداً للولايات المتحدة فقط، لأنها دولة اتحادية لها ظروف خاصة، ودستورها فريد، ولا يمكن تطبيقه فى أى دولة غيرها، وبالفعل حاول عدد من الدول الأفريقية تطبيقه عندها إلا أنه بعد وقت قصير تحولت إلى دول ديكتاتورية». واتفق معه الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى، عضو الجمعية التأسيسية، وقال: «أعتقد أن هذا النظام لم يصلح حتى الآن إلا فى أمريكا وحدها»، وحذر من أن النظام الرئاسى فى مصر سيتحول من خلاله إلى ديكتاتورى مع الوقت. كان أعضاء الجمعية استمعوا إلى محاضرة للدكتور البنا حول نظم الحكم فى العالم، وقال: «إننا فى مصر لا يصلح لنا إلا نظام برلمانى رئاسى مختلط»، وأضاف: «لا مانع من أن يكون هناك مجلس واحد أو مجلسان، بشرط أن يعطى مجلس الشورى اختصاصات فعلية، وأن تلغى فيه نسبة ال50% عمال وفلاحين، وأن تقل نسبة التعيين فيه». وأوضح أن النظام البرلمانى يمكن أن يراقب الحكومة، عن طريق طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة، كما يستطيع حزب الأغلبية فى البرلمان الذى يشكل الحكومة أن يتقدم باستجواب ضد وزير أو أكثر، وإن كان مستبعداً سحب الثقة لأنه بالأساس هو من يشكلها. فى سياق متصل، كشف الدكتور يونس مخيون المقرر المساعد للجنة المقومات الأساسية فى الجمعية التأسيسية، عن أن اللجنة اتفقت على نحو 95% من مواد الدستور الجديد، وقال ل«الوطن»، جرى الاتفاق بين الأعضاء على معظم المواد، ويجرى العمل حالياً فى المواد التى من الممكن أن تثير بعض الخلافات حتى تصل اللجنة إلى صياغة مرضية للجميع». وتابع: «لجنة المقومات مسئولة عن أول 39 مادة من الدستور من ضمنها المادة الأولى التى تتناول شكل الدولة والمادة التى تضمن مرجعية الدستور». وأوضح أن أبرز المواد التى يثار حولها خلاف هى المتعلقة بتعريف الدولة والمادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية، وشدد على حرصه أن تكون الشريعة هى مصدر التشريع بدلاً من مبادئها لأنها أشمل وأعم وتتضمن مبادئ الشريعة وأحكامها. واستطرد: «لا يوجد دستور فى العالم ينص على مدنية الدولة»، رافضاً وضعها مقابل الدولة العسكرية لأن مصر دولة بها مؤسسة عسكرية، كما رفض تعريف الدولة المدنية بمعنى يقارب معنى الدولة العلمانية اللادينية، مؤكداً على عدم وجود مسلم أو غير مسلم يوافق على إلغاء دينه. وأوضح أنه لو قصد بالدولة المدنية دولة المؤسسات والقانون، فنحن أول من نرحب بذلك، ولا نجد مبرراً لاشتمال الدستور على هذه النقطة، وقال: «عند التنازع على المدنية سنرد الكلمة إلى معناها الأصلى وأنها وافدة غربية ليست نابعة من ثقافتنا وترادف العلمانية»، مؤكداً أيضاً على رفض الدولة الدينية الثيوقراطية كما كانت فى العصور الوسطى فى أوروبا، وملامحها المتمثلة فى هيمنة الكنيسة على الحياة واعتبار الحاكم ظل الإله فى الأرض الذى يملك تفويضاً إلهياً يقرر به ما يشاء. وأشار مخيون إلى حرص حزب النور السلفى على أن تكون مؤسسات الدولة مرجعيتها الإسلام الذى يضمن حقوق كل طوائف الشعب بلا استثناء ويضمن حرية العقيدة والعبادة لغير المسلم، خصوصاً أن الشرع يأمرنا بإعطائهم كل حقوقهم كاملة وحمايتهم ولا يجد غير المسلم ضمانة ليعيش عيشة كريمة مثلما هو موجود فى الشريعة الإسلامية. وقال: إن الحزب يطالب بأن يكون شكل الدولة فى الدستور «رئاسى برلمانى مختلط»، يضمن الحريات العامة والشخصية ويقيد سلطات الرئيس، حتى لا ننتج فرعوناً جديداً، إضافة إلى وجود توازن بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وضمان استقلال القضاء واحترام القانون وتطبيقه على الجميع.