دائما ما تبدو قطر هي الدولة التي لا تعبأ بالتناقضات في مواقفها وتصريحاتها، فتارة تهاجم دولا بعينها وترفض مطالبها وتوطد علاقاتها مع بلاد معادية لتلك الدول، وأخرى ترتدي ثوب البلد المحافظ على واجبه رغم أية أزمات مع غيره. اتخاذ دول عربية أربع، منها المملكة العربية السعودية، قرارا بقطع العلاقات مع "الدوحة"، رد عليه المسؤولون القطريون بإصرار على موقفها ورفض التعاطي مع أسباب تلك القرار بل ومهاجمة تلك الدول واتهامها بإشعال الأزمة بين الدول الشقيقة، في حين تقرر، في الوقت نفسه، التودد للمملكة العربية السعودية من خلال برقية تهنئة يبعثها الأمير القطري للعاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز يهنئه فيها بتولي نجله، الأمير محمد بن سلمان، لولاية العهد، دون أي إشارة للأزمة بين البلدين. دول المقاطعة قررت إعطاء قطر فرصة جديدة لاسترجاع مواقفها من خلال مطالب طرحتها من أجل إنهاء الأزمة، أبرزها خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق ملحقياتها ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثوري الإيراني الأراضي القطريةوالاقتصار على التعاون التجاري بما لا يخل بالعقوبات المفروضة دوليًا علىإيران وبما لا يخل بأمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي مع طهران، غير أن "الدوحة" تجاهلت تلك المطالب ورفضت تنفيذها خلال 10 أيام كانت مدة المهلة التي أعطتها دول المقاطعة ل"قطر" من أجل الاستجابة لمطالبها مقابل إنهاء الأزمة. مع تهديد الدول العربية بالتصعيد ضد "الدوحة" اقتصاديا وقانونيا، بعث أمير قطر رسالة تعزية إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، محمد بن سلمان، في وفاة الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سعود، دون أي موقف قطري مصاحب للرسالة من شأنه احتواء الأزمة أو نية حلها، ليبقى التودد القطري للسعودية نهجا سارت عليه "الدوحة" قبل المهلة العربية وبعد انتهائها.