فى خضم الأزمات التى تمر بها مصر والصراع على السلطة حينما غاب عنى تفسير ما يحدث من أحداث غير متوقعة، لم أجد أمامى سوى أن أذهب إلى قارئة الفنجان فى القصيدة الشهيرة وسألتها فى حيرة منى بعد أن احتسيت فنجان القهوة فى ليلة سهرت فيها أفكر ماذا يحدث لمصر؟ ولمصلحة من؟ سألتها والخوف بعينيها أن تتأمل فنجانى المقلوب، قالت يا ولدى، لا تحزن، حب مصر عليك مكتوب، يا ولدى قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب. حينها تذكرت شهداء مصر على مر العصور وصولاً إلى ثورة 25 يناير. واصلت قارئة الفنجان: مصر دنيا مرعبة لمن لا يثق فى قدرة أبناء مصر الشرفاء وكيف يرعاها الله فى أشد الأزمات. حياتها أسفار وحروب بحثا عن الحرية والعيشة الكريمة والعدالة الاجتماعية والحفاظ على كل رقعة على أرض مصر. قالت ستحب كثيرا يا ولدى وستموت كثيرا يا ولدى وستعشق من كل بقاع الأرض وسترجع بحب مصر كالملك المقلوب الذى ندم على فراق وطنه وظلمه لشعبه. بحياتك يا ولدى حب مصر ملازم لك فى كل لحظة فى عملك، حتى فى حبك لغيرها، فمصر يا ولدى سبحان المعبود: (عيناها فى مياه البحار الزرقاء) (وفمها مرسوم فى كل ميادينها) تتحدث وتهتف: عيش، حرية، عدالة اجتماعية. (ضحكتها يا ولدى موسيقى) العندليب وكوكب الشرق ودرويش وعبدالوهاب وأساطير الفن (بفكاهة، وكوميديا) تخفف عن هموم أبنائها فى أشد الأزمات كى لا يسأموا العيش. (ورودها يا ولدى شهداء التحرير) فى عز الشباب راح فداء للحرية والعدالة الاجتماعية. (لكن سماءك ممطرة بحبها وعشق ترابها وشعبها)، ولكنى فوجئت بعبارة القارئة التى أغضبتنى حينما قالت: (طريقك مسدود.. مسدود) قلت لها: لمَ هذا التشاؤم؟؟ قالت يا ولدى (مصر نائمة) فى قصر مرصود والقصر كبير وكلاب تحرسه وجنود. أميرة قلبك (مصر نائمة ) من يدخل حجرتها مفقود.. مفقود، من يطلب يدها، من يدنو من سور حديقتها، مفقود من حاول فك ضفائرها، من حاول فك رباط أبنائها، من يتربص بها، من يريد غزو مصر وانتهاك أرضها، من يريد أن يشعل نار الفتنة بين أبنائها (مفقود.. .. .. مفقود). قالت: بصرت ونجمت كثيراً؛ لكنى لم أرى أبدا فنجاناً يشبه فنجانك، لم أعرف أبدا يا ولدى أحزاناً تشبه أحزانك. مقدورك يا ولدى أن تمشى فى حب بلدك على حد الخنجر. وتَظل وحيداً كالأصداف وتظل حزيناً كالصفصاف مقدوركَ أن تمضى أبداً.. فى بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع وتُحب ملايينَ المراتِ وترجعُ كالملكِ المخلوع، قلت لها أنا فى حب مصر، لا حزن يخيم على وجهى مهما عشقت، فمقدروى أجمل الأقدار فى حب مصر ولست كمن أراد أن يخلد فى الملك ونسى أن الحب يخلد والملك يزول. واسألى موج البحر وفيروز الشطآن ومن يجوب بحارا وبحارا ومن فاضت عيونه أنهارا، هل مثل مصر فى البلاد؟؟ هل تستحق ما يحدث بها؟؟ بل كفى بمحبوبتى عبثا وإهانة. فحبيبة قلبى لها أرض ووطن وعنوان، يفخر من يكتب فى سيرته أرضه مصر ووطنه وعنوانه.