«مباحث الآداب تلقى القبض على (فلانة) دون سبب».. أما فلانة فهى فنانة معروفة، وأما العنوان فهو منشور فى أحد المواقع الإلكترونية التابعة لصحيفة ورقية، وأما سعادتك فأنا متأكد من أنك تقول فى عقل بالك: «هى مباحث الآداب إيه اللى مشغلها فى رمضان»؟! ستتحرك ذاكرتك الانتقائية يا سيدى الأرشدوق على حسب موقفك من الفنانة فلانة، فتنتقى مشاهدها (اللى مش ولابد) لكى تقول: طبعاً.. هى تستحق.. كان باين عليها من زمان.. أنا عارف هذه الأشكال. ولو كنت تحبها ستلعن سلسفيل جدود الداخلية على مباحث الآداب، وذاكرة الانتقائية تتذكرها كفتاة أحلامك، وتنتقى لها مشاهدها التى أدتها بمنتهى الملائكية، ويا سلام لو أن الفنانة فلانة لها رأى سياسى، فوقتها ستقسم بأغلظ الأيمان أن القضية مفبركة وأن الداخلية عادت لسابق عهدها، لكنك ما إن تبدأ فى قراءة الخبر، حتى تكتشف أن الفنانة فلانة تقوم بدور فى مسلسل، وأنها فى هذا الدور تلقى مباحث الآداب القبض عليها. يسمون ذلك الابتذال الصحفى، ويمكنك مد الخيط على استقامته لترى إلى أى مدى وصلنا فى ابتذالنا، خصوصاً فى (توجيه) و(تضليل) و(تسخين) وأحياناً (فبركة) الأخبار السياسية، واستقائها من أى جلسة نميمة، أو استخدامها فى تصفية حسابات، كأن (تهبش) فى (أحدهم) لمجرد أنه قال رأياً لم يعجبك، وبدلاً من أن ترد عليه (بالأدب) تتفرغ (للردح) ليقال مستقبلاً إنك (عَلّمت) على هذا الوغد، وكلها تصفية حسابات سياسية لا أكثر ولا أقل، ولربما نتحدث عنها بعد رمضان، لأنها من المفطرات بجدارة، لا سيما وأنت تكشف علاقة هذا بذاك، وتلك بهؤلاء، وسلم لى على المهنية. من الابتذال الذى ملأ الشوال حالة التعميم الخطيرة، التى تجرنا إلى مناطق يصبح فيها الاختلاف مع أحدهم كفيلاً بإطلاق حكم على فصيل كامل، ولعل الجالية السورية فى مصر أبلغ مثال. يأتى أحدهم لكى يرى أن سوريين يخرجون مؤيدين لمرسى، أو يطلق الأمن تحذيرات من وجود عناصر (أجنبية) فى أماكن التظاهرات، فيتم تعميم الأمر على الجميع، والتحريض عليهم بقصد أو دون قصد، فى خطاب لا يختلف عن هؤلاء الذين حرضوا على الشيعة بالمرة، فى استدعاء (بغيض) لاستخدام العنف ضد (فصيل) كامل، وضع بدلاً من السوريين كل هؤلاء الذين تختلف مع بعضهم فتعمم الأمر على الجميع، من إخوان أو سلفيين أو إصلاحيين أو إعلاميين أو صحفيين أو أى جن أزرق، وبالمناسبة: هناك خبر لم يكتبه أحد وهو أن السوريين الراغبين فى دخول مصر أصبح لزاماً عليهم أن يحصلوا على تأشيرة دخول توافق عليها الإجراءات الأمنية ولا تستغرق أقل من شهر إن لم يكن يزيد على ذلك. يسمون هذا ابتذالاً فى المواقف والمبادئ يمكن تطبيقه على كل مناحى الحياة وها هى السياسة نموذجاً. أما لو شاهدت مسلسلات رمضان، فستعرف معنى آخر للابتذال، وهنا لا أجد أبلغ من تغريدة الصديقة رانيا شكرى، على «تويتر»، حين كتبت أمس عن مسلسل غادة عبدالرازق على سبيل المثال لا الحصر: «مسلسل غادة عبدالرازق: أمها بتخون أبوها.. وأخوها بيخون مراته ومراته بتخونه.. وجوزها بيخونها مع أختها.. إنها حقا عائلة واطية!» رمضان كريم يا مبتذلين