شكّل ظهور حركة تمرد تغييراً كبيراً على كل المستويات؛ حيث قدمت صوراً مختلفة لشباب يملك من الوعى والقدرة على التوافق الكثير، وكان من اللافت وجود الشابات بأعداد كبيرة فى الحركة، متحديات كل المخاطر والاعتراضات على المستوى العائلى والمجتمعى والسياسى والأمنى، وكان المتحدث الرسمى فى أغلب المؤتمرات شابات، ولأن الصورة بألف كلمة كان وجود شابات تمرد بهذا الحضور القوى مشجعاً وداعماً للعديد من الأسر، بل اختصر كثيراً من الجهد المطلوب أن تبذله أى شابة أو امرأة مع عائلتها لإقناعها بمشاركتها فى 30 يونيو، فكان وجود الشابات هى الحجة التى استخدمتها الكثيرات فى مواجهة قلق الأسر، وكانت العلامة البارزة فى 30 يونيو وما قبلها وما بعدها هى مشاركة المرأة. ما أن نجح الطوفان البشرى فى تحقيق مطالبه وبدأت اجتماعات خارطة الطريق لرسم مستقبل مصر، فوجئنا بالمفوضين من تمرد ثلاثة من الشباب، عندما سألت أين الشابات جاء الرد أنه تم الاختيار لأسباب متعلقة بالتأخير فى الاجتماعات، وهو سبب غريب وصادم فى ضوء ما تعرضت وتتعرض له شابات تمرد اللاتى شاركن فى ظروف كان الجميع معرضاً للاغتيال والبعض من الشابات تعرضن بالفعل لمحاولات خطف واعتداء ولم يتراجعن. ولأن الصورة بألف كلمة، فكانت الرسالة هذه المرة سلبية للغاية لكل المجتمع وكأن الشابات والنساء لسن إلا غبار الميادين، رغم كل ما تحملنه من مخاطر حينما جد الجد تم إقصاؤهن من المشهد، وإن كان الشباب والشابات فى تمرد لم ينتبه فلابد لنا جميعاً أن نراجع أنفسنا، لأن ما كان يساق من حجج حول ضعف مشاركة المرأة كاذب تماماً، فالنساء كن فى الميادين يجبرن الأعمى على النظر، وعلى المستوى التنظيمى أشاد القاصى والدانى بجهدهن فى جمع الاستمارات والتحرك سواء فى الشوارع أو فى مكاتب الحركة على نفس الدرجة من المخاطرة والكفاءة. إذن المشكلة فى العقل الباطن لدى من لا يرى النساء فى صناعة القرار ويقصيهن ويقدم كل المبررات لذلك، الأمر الذى يؤكد أنه لا بد من وضع قواعد محددة واتخاذ إجراءات ضامنة لمشاركة المرأة، حتى لا يترك الأمر للتفضيلات الشخصية التى عادة ما يتم الدفع بالنساء خارجها وابتزازهن إذا طالبن بأن الوقت غير مناسب للحديث عن حقوق المرأة، وكأن الوقت مناسب فقط حين الحشد فى الميادين، أما غرف صناعة القرار لا مكان للنساء فيها. البداية مقلقة للغاية تتماثل مع بدايات ثورة 25 يناير، والتجربة المريرة للنساء بعدها هى ما دفعتهن فى الشوارع لرفض ما سبق والمشاركة فيما هو قادم، لا ليحصلن على كلمات المجاملة والإعجاب على سعيهن المشكور، وأقل من 10% من مقاعد اللجنة التأسيسية. وعلى حركة تمرد التى وثقت فيها النساء فى مصر أن تعيد النظر فى تمثيلها وضرورة ضم شابات ليسمع صوتهن فى رسم المراحل القادمة، وعلى رئيس الوزراء العمل على تمثيل لا يقل عن 35% من التشكيل الوزارى، لاسيما أن الكفاءات الاقتصادية والبنكية النسائية فى مصر يشار إليها عالمياً على مستوى الكفاءة وأيضاً النزاهة وهو ما نحتاجه الآن، فضلاً على وجود وزارات أدارتها امرأة بعد أن فر الوزير الإخوانى منها مثل وزارة التموين، ووزارات أخرى تصل عمالة المرأة فيها لأكثر من 65% كالسياحة والتعليم والصحة، ولن يصعب اختيار كفاءات تكنوقراط لو كان هذا المعيار الأساسى، حتى نبنى مستقبلنا معاً ولا تكون الموجة الثورية القادمة للنساء ضد هذا الإقصاء المتعمد.