عندما بدأت أكتب هذه السطور لصفحة «اتكلمى»، فكرت هل يجب على المرأة عندما تكتب لصفحة تم تخصيصها للمرأة وقضاياها أن يكون الحديث فقط عن النساء وما يهمهن؟ أرى أن هذا يقسم المجتمع إلى قسمين؛ أولهما مجتمع الحريم -وأنا أقصد استخدام هذا التعبير- وآخر للرجال، وهو ما أرفضه. فالرجل عندما يكتب يكتب فى كل نواحى الحياة، يكتب عن المرأة وعن المجتمع وعن السياسة والاقتصاد إلخ، لذا يجب أن يكون هذا هو الحال مع المرأة عندما تكتب وأرجو ألا يخل ذلك بسياسة الصفحة. لهذا سأكتب عن أمر لا يؤرقنى وحدى وإنما يهم المجتمع ككل وهو حق المواطنة. طالما شغلتنى هذه القضية حتى إننى أقول لو أن ثورتنا العظيمة لم تحقق سوى أمر واحد وهو تحقيق مبدأ المواطنة، وهذا طبعاً غير وارد وأقوله مجازاً، لو حققت الثورة هذا لكان مفخرة لها، يعتز بها تاريخ مصر على مر السنين، ويضعه على صدر صفحاته. الفكرة تشغلنى لأنه بدون المواطنة لن تشعر المرأة بأنها تقف على قدم المساواة مع الرجل. ولن يشعر المسيحى أنه يتساوى مع شقيقه المسلم. ولن يشعر أبناء سيناء والنوبة والصعيد أن لهم من الحقوق ما لباقى أبناء الشعب المصرى. وعندما تتحقق المواطنة لن نجد من يبحث عن الهجرة لأنه فقد انتماءه لهذا الوطن. ولن نجد من يقول إن هناك من سيجعل المرأة لا تعمل أو لا ترتدى ما تريد، سيكون حق المواطنة فوق كل اعتبار. على مدار الفترة السابقة. وبعد الثورة وجدنا من يتحدث وبإسهاب عن حق المواطنة، وعادة ما يكون الحديث مجرد كلمات متناثرة وعند التطبيق نجد الهروب الكبير. نجد من يقول إن صوت المرأة عورة، وإن صورتها يجب أن تختفى من قائمة المرشحين. ويضع وردة بدلاً منها. ولكن هل أدركنا أن التفرقة لا تكون فقط عندما لا نلتحم بالمجتمع الواسع. وإنما تبدأ أحياناً من أصغر خلية فى المجتمع وهى الأسرة. فقد نجد أحد الآباء يسعد بميلاد مولود ذكر أكثر مما يسعده ميلاد أنثى، حتى الأم نفسها أحياناً ما توحى لابنتها بأن تطيع شقيقها طاعة عمياء. ودون تفكير، وربما طالبتها بأن ترتب له غرفته أو تحضر له كوباً من الماء. والمحزن أكثر أن نجد فى بعض الأحيان أن الفتاة رغم تفوقها قد تحرم من استكمال تعليمها ليكمل الولد تعليمه رغم عدم تفوقه. عندما تكون الظروف غير مواتية. أما على مستوى الدولة، فنجد أنها كثيرا ما تخل بمبدأ المواطنة، فبينما نجد اهتماما بالعاصمة والمدن الكبرى، نجد إهمالا للقرية أو لمناطق مثل الصعيد أو سيناء أو النوبة. وكأن هناك مناطق يعيش فيها مواطن من الدرجة الأولى، وأخرى يعيش فيها مواطنون من درجة أقل. وختاما أقول عندما تتراجع هذه التفرقة بين مواطن وآخر يتقدم مبدأ العدل والمساواة ونجد أن حياتنا تتغير إلى الأفضل وبشكل جذرى. وبهذا يتقدم المجتمع. ويأخذ مكانه بين الأمم. الحق يقال إن هدفاً سامياً مثل هذا يجب أن تصطف من أجله كل القوى الوطنية حتى نحققه لمصر. ونحن على أبواب جمهورية جديدة. نرجو الله أن يكتب له الرفعة والكرامة والمساواة.