شاهده البعض يتقدم في أرياف كيبيك مع شعلة مشبوهة في إحدى عرباته. ف"القطار - الشبح" الذي كان ينطلق بسرعة فائقة ليلا، دمر، أمس، وسط مدينة لاك ميغانتيك في كندا مخلفا وراءه ما لا يقل عن ثمانين مفقودا. وكان القطار المؤلف من 72 "عربة صهريج" وخمس قاطرات محملة بالنفط، انطلق من مونتريال على بعد 250 كلم غربا، على أن يتوجه إلى الساحل الأطلسي في ميناء سانت جون. وكانت وجهته النهائية الشارع الرئيسي في هذه المدينة الصغيرة، التي يقدر عدد سكانها بستة آلاف، مدمرا كل شيء على مساحة كيلومترين مربعين. في هذه المنطقة التي تغطيها الغابات الواقعة عند حدود ولاية ماين الأمركية، حيث تكون السماء صافية لدرجة أن علماء الفلك على الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة يستعينون بمرصدها، تاريخها المحلي مرتبط بشكل وثيق بتاريخ رحلات هذا القطار. هنا سكة القطار باتت جزءا لا يتجزأ من مشهدها منذ نهاية القرن ال19. لدرجة أن شعار المدينة بات "من السكك الحديد إلى درب التبانة" بحسب ما قاله ريمي ترامبلي رئيس تحرير صحيفة "ليكو دو فرونتوناك" المحلية. وأضاف "منذ بعض الوقت سجلت رحلات القطار زيادة ملحوظة". وتابع الصحفي الذي اضطر إلى مغادرة منزله القريب من الحرائق على غرار ألفي من سكان المدينة "كان عدد قطارات البضائع يزداد وشكل هذا الأمر مصدر قلق". وفي بذلته الصفراء يقول رئيس فرق الإطفاء دوني لوزون، إن مكتبه كان يريد أن تبلغ السكك الحديد مسبقا بمواعيد قطارات البضائع وطبيعة الشحنات التي تنقلها. وأضاف "لكننا لم نكن قدمنا طلبا رسميا بهذا المعنى". وبعد نحو 24 ساعة من وقوع الحادث الذي أوقع رسميا قتيلا وجريحا، لا تزال العربات-الصهاريج تشتعل وتصاعدت فوق المكان سحابة من الدخان الأسود. وسكان المدينة المصدومون يقفون وراء حواجز الشرطة بانتظار أي معلومات من شأنها الطمأنة. ويقول شاب لأصحابه الذين تجمعوا أمام بقالة صغيرة "لم يكن هناك سائق. كان القطار مشغلا عن بعد". ولدى عودتها من أمسية بينغو في نانت شمال لاك ميغانتيك، تتذكر أنطوانيت باريه (78 عاما) بأنها شاهدت "شعلة. حريق في قطار كان يتقدم ببطء وسط الظلام". ولدى وصولها إلى المنزل كانت هذه المرأة المتقاعدة في غرفتها المطلة على السكك الحديد عند مدخل وسط المدينة وقالت إنها سمعت "انفجارا قويا أضاء كافة أرجاء المنزل". فهرعت إلى الشارع برداء النوم. وقالت شركة "ذي مونتريال أند اتلانتيك" الأمريكية صاحبة القطار، إنه قبل الكارثة، توقفت العربات-الصهريج في بلدة نانت المجاورة لتبديل الطاقم. وقال المتحدث باسم الشركة كريستوف جورنيه إنه لسبب مجهول "بدأ القطار يتحرك باتجاه المنحدر المؤدي إلى لاك ميغانتيك" في حين أن أنظمة الكبح كانت مشغلة. وأضاف أنه "لم يكن هناك سائق داخل القطار" عندما بدأ يتحرك. ويراقب السكان الذين تجمعوا على الضفة الأخرى من بحيرة ميغانتيك تائهين وسط مدينتهم وهي تحترق. ووراء منظار، تدل ليندا رودريغيز إلى ألسنة لهب وتقول "هذه هي الصيدلية ومنزلنا يبعد 50 مترا في الجانب الآخر من الشارع". وتقول مارييت سافوا "كان هناك مساكن فوق كل متاجر الشارع الرئيسي. ولم يتمكن الأشخاص الذين يسكنون فيها من مغادرتها"، مشيرة إلى أنها شاهدت "جدارا من النار" يشتعل ليلا.