شهد الشارع السياسي اليمني حراكا ونشاطا كبيرا خلال ال24 ساعة الماضية، بعد نجاح الإرادة الشعبية المصرية في تصحيح مسار ثورة 25 يناير وإسقاط الرئيس محمد مرسي. وتواصلت الاحتفالات الشعبية وإطلاق الألعاب النارية والرصاص الحي في الهواء حتى الساعات الأولى من الصباح، في العاصمة صنعاء ومدن يمنية عدة بينها العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، ابتهاجا بعزل مرسي ونهاية حكم جماعة الإخوان. ويأتي ذلك في الوقت الذي لا يزال أعضاء الإخوان باليمن يعيشون صدمة سقوط إخوان مصر وعزل مرسي بعد عام من الحكم، والتزم كثير من قيادات الجماعة في اليمن الصمت، في انتظار ردود الأفعال ليس المصرية الداخلية وإنما الدولية، التي بموجبها سيعلنون مواقفهم، تجنبا للإحراج والتصادم مع أي موقف دولي، خاصة أنهم في الوقت الحالي لا يرغبون في إزعاج الغرب، لأن عيونهم على حكم اليمن الذي حلموا بحكمه منفردين منذ عقود. وقياسا على تعليقات ناشطي الإخوان اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر بجلاء تذبذهم بين مدافع عن مرسي باستحياء ومتشنج يرد على غيره شاتما ويكيل كلمات الويل والثبور، وهو انعكاس لموقف القيادة العليا للجماعة، التي تفضل عدم المجازفة بالتصريحات في وقت تعتبره حساسا. وخلى خطاب محمد عبدالله اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين)، من الخطاب التقليدي للجماعة الحريص على الإسلام، تماشيا مع ذات الفكر الذي تجاهر به الجماعات المتشددة التي خرجت من عباءة الإخوان، أراد بها أن يمتص صدمة شباب الإخوان في اليمن، ويعطيهم جرعة ثقة بأن ما حصل في مصر ليس محبطا وإنما يستهدف الإسلام، لكنه زاد الطين بلة ووضع نفسه في موقف محرج ومتصادم مع ناشطين محسوبين على حزبه يؤيدون موقف الجيش المصري، ما أوقعه في مرمى نيران صديقة. كما أن تصريحات اليدومي وضعته في مواجهة شباب الثورة، الذين خرجوا مساء أمس في أكثر من مدينة يمنية للاحتفال بسقوط حكم مرسي بمصر، وحتى الآن لم تتبلور المواقف الدولية مما يحدث في مصر، ومثلها لم تتبلور مواقف إخوان اليمن وتونس وليبيا، التي تثبت أن مواقفهم لا تزال ملتزمة للغرب حتى وإن تشدقوا بأنهم يحملون فكرا إسلاميا مغايرا لرأسمالية الغرب. ناشطو الإخوان الذين غردوا خارج السرب، كانوا يقرأون الأمور بعين ثاقبة، ويرون أن تشدد الجماعة سيفقدها شعبيتها، وتشبثها بالحكم قد يدق آخر مسمار في نعشها، فانحازوا لخيار ملايين المصريين، حتى لا يعيشوا عزلة قد تُفرض على الجماعة إذا ما لجأت إلى العنف، خاصة أن كبار منظريها ما يزالون يعيشون الماضي الجهادي وحمية الدفاع عن المقدس. وقال مصدر محلي في صنعاء إن موالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح ذبحوا العجول تنفيذا لنذور نذروا بها في حال سقوط حكم الإخوان بمصر. وسارع القيادي في حزب "المؤتمر الشعبي" نجل شيخ مشايخ قبيلة بكيل محمد بن ناجي الشايف، إلى تهنئة المصريين بهذا الانتصار، وأكد أن "ما حدث في مصر كان شيئا طبيعيا، فالإخوان لم يستطيعوا إدارة دولة ولم يكونوا في مستواها، فقد أداروها بعقلية العصابات، والدولة أكبر من أن يديرها أشخاص لا يفقهون شيئا لا في السياسة ولا في الإدارة". وأضاف: "وإذا نظرنا في اليمن، فإن نصف وزراء حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين معارون من أحزاب أخرى، بينها المؤتمر الشعبي العام، ونحن الآن أحوج ما نكون في اليمن لتكرار ما حدث في مصر لمغادرة الإخوان"، مشيرا إلى أن "إخوان مصر إذا كانوا في حاجة إلى 70 عاما ليعودوا مرة أخرى إلى الحكم، فإنهم في اليمن بحاجة إلى قرون ليصلوا إليه، لأن ما حدث في مصر أحرق الإخوان في العالم الإسلامي كله، وفي اليمن على وجه خاص، وجعل فرصهم في الانتخابات المقبلة ضئيلة جدا إن لم نقل إنها انعدمت".