"جرى إن الهوا باعت بوسة لإذاعة مصر المحروسة".. هكذا غنى الشيخ سيد مكاوي، أحد أبناء هذا الأثير الصافي، والذي اعتمد مطربا فيها بداية الخمسينيات، مؤديا للأغاني التراثية الشرقية من أدوار وموشحات على الهواء مباشرة في مواعيد شهرية ثابتة، وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، عُيّن الفنان محمد حسن الشجاعي مستشارا موسيقيا للإذاعة المصرية فطلب من الشيخ "سيد" أن يتجه إلى التلحين. وفي أحد الاحتفالات السنوية بعيدها في الحادي والثلاثين من مايو، لم تجد الإذاعة المصرية إلا شيخ الملحنين سيد مكاوي، أحد حماة التراث الموسيقي الشرقي، ليعد لها أغنية خاصة، فما كان منه إلا أن غنى على صوت الكورال، المكون من أطفال، أغنية "تورتة مدورة"، والتي تعد واحدة من الأغنيات القليلة التي تُصنع لكيان إعلامي، وكأنه نوع جديد من الغزل، بعيدا عن تراث الغزل في تاريخ العرب. نفس تلك الأغنية، أدتها مطربة الثمانينيات الشهيرة، سوزان عطية، والتي تميزت في أداء الأغنيات الوطنية، بمشاركة الشيخ سيد، لكنها بعد أعوام قليلة تعتزل الغناء وتصبح محاضرة دينية بأحد مساجد مدينة نصر.
وتاريخ الشيخ "سيد" مع الإذاعة لا يمكن حصره بسهولة، فلا أحد ينسى "المسحراتي"، فضلا عن برنامج "من نور الخيال وصنع الأجيال عن تاريخ القاهرة"، والتي غنى فيها الشيخ سيد تحفته النادرة "أول كلامي سلام" من أشعار المبدع فؤاد حداد.