تمثل التحويلات المالية من الصوماليين في الخارج مصدر الدخل الرئيسي لنحو خُمس الأسر في الصومال، لكن قرارا اتخذه بنك باركليز في الآونة الأخيرة بإغلاق حسابات معظم شركات التحويلات النقدية الصومالية في بريطانيا، ستكون له تداعيات خطيرة على ملايين الصوماليين، الذين يعتمدون في معيشتهم على الأموال التي يحولها لهم ذووهم في الخارج. كما أن التحويلات الخارجية هي المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي في الصومال، ويعتمد كثير من السكان الذين يبلغ عددهم عشرة ملايين نسمة في معيشتهم على نحو 1.2 مليار دولار، هي إجمالي تحويلات الصوماليين في الخارج سنويا. وتشير بيانات البنك المركزي الصومالي إلى أن الصوماليين في بريطانيا حولوا نحو 500 مليون دولار إلى بلدهم خلال العام الجاري. وقالت شركة "دهابشيل" إحدى أكبر شركات التحويلات النقدية في الصومال ولها وكيل في بريطانيا ومكتب في دبي وفي دول إفريقية أخرى، إنها أُبلغت بأن حسابها لدى بنك باركليز في بريطانيا سيُغلق. وقال عبدالرشيد دوالي الرئيس التنفيذي للشركة: "يحول ما يصل إلى مليار دولار أمريكي إلى الصومال سنويا من أنحاء العالم، ونحو نصف ذلك يأتي من بريطانيا. إذن فلو لم يتمكن الصوماليون من مساعدة أسرهم في الوطن فكيف سيعيشون. ثانيا، نحن نخدم كل الوكالات الرئيسية للأمم المتحدة وأوكسفام وكير ومنظمات غير حكومية، وليتمكنوا من مساعدة الشعب الصومالي يستخدمون شركات مثلنا.. معظمهم يستخدم (دهابشيل) في واقع الأمر". وذكر بنك باركليز في بيان أنه ستقديم خدمات مصرفية لبعض شركات التحويلات النقدية الصومالية، خشية وصول بعض الأموال المحولة إلى "إرهابيين". وجاء في البيان أنه "من المسلم به أن بعض شركات الخدمات المالية لا يضع الضوابط المناسبة لكشف الأنشطة الإجرامية، وبالتالي يمكن أن تساهم بغير علم في تسهيل غسل الأموال وتمويل الإرهاب". لكن خبراء في شؤون الصومال يقولون إن الإجراء ربما يشجع على اللجوء إلى طرق غير مشروعة لتحويل الأموال. وقال دوالي إن "مثل هذا الإجراء الذي سيتخذه بنك باركليز سيزيد غسل الأموال، وسيستخدم الناس وسائل بديلة غير مشروعة". وتساهم شركات مثل "دهابشيل" في ملء الفراغ الذي نشأ عن توقف البنوك التجارية عن العمل في الصومال، منذ انقلاب التسعينات على الرئيس السابق سياد بري. وأوضح ديالي أن وقف التحويلات "يوجه إشارة غير صحيحة عن تعافي الصومال"، مضيفا: "سيؤدي إلى أزمة إنسانية. سعى الجميع في السنوات العشرين الماضية إلى تدمير الاقتصاد الصومالي ولم يفلحوا، لكن مثل هذا الإجراء سيدمر الاقتصاد الذي ظل باقيا كل تلك السنوات". ووقَّع ما يزيد على مائة باحث في شؤون الصومال وعامل في مجال الإغاثة في البلد خطابا إلى بريطانيا الأسبوع الماضي، طالبوا فيه بالبحث مع باركليز عن وسيلة للتعامل مع "دهابشيل" وشركات أخرى في نفس المجال. وذكر الاتحاد الصومالي للخدمات المالية أن 12 من بين أعضائه ال17 الذين يعملون في بريطانيا أُغلقت حساباتهم لدى بنوك كبرى مثل باركليز وإتش.إس.بي.سي. وقال بنك إتش.إس.بي.سي. إنه سيتوقف عن تقديم خدماته لشركات تحويل الأموال في أنحاء العالم، في إطار سياسة بدأ تنفيذها العام الماضي.