وإن لم تستحِ، فافعل ما شئت، واللى اختشوا ماتوا، وقل ما شئت من هذه الأقوال والأمثلة التى تصف هؤلاء المتبجحين الذين لا يخجلون من أفعالهم المقيتة التى راح ضحيتها الأبرياء. شاهدت لقاءً تليفزيونياً لمن اسمه للأسف «عاصم» عبدالماجد وأقول للأسف لأنه يشاركنى فى الاسم وهو من أكره شراكته فى الدين وفى الوطن بل وفى الإنسانية. مقدم البرنامج، قال له نصاً: نقول الرئيس السادات الله يرحمه، فقال عبدالماجد: الله يرحم المسلمين، فكرر المذيع: نقول الله يرحم الرئيس السادات، فقال عبدالماجد: الله يرحم المؤمنين، وأبى هذا الأحمق أن ينطقها بالتخصيص الله يرحمه، ومعنى كلامه أنه لا يقتنع بأن الرحمة جائزة على الرجل، لأن الرحمة لا تجوز على الكافرين، مع أن الرجل نفسه فى لقاء آخر وعندما تم سؤاله عن عمليات القتل التى فعلها هو وجماعته فى أوائل الثمانينات، قال: لقد قمنا بمراجعات معروفة فى هذا الشأن، وهو إذن يكذب لأنه كيف قاموا بهذه المراجعات ومع ذلك يستقر فى ضميره أن ما فعله هو ورفاقه كان حقاً وكان مباحاً، إنه نفس الشخص الذى كرم والدة خالد الإسلامبولى، باعتبارها أم البطل فى ميدان الجامعة، وهو نفسه القاتل لأكثر من مائة ضابط وجندى فى مديرية أمن أسيوط، بعد اغتيال الرئيس السادات فى محاولة للسيطرة التامة على المحافظة وهو نفسه مَن دأب على التهديد والوعيد للمعارضة التى تسعى لعمل انتخابات رئاسية مبكرة، إلى درجة أنه نُقل عنه تهديد إلى مسيحيى مصر ألا يخرج أبناؤهم فى 30 يونيو، وإلا فليستعدوا لفقدانهم. لقد كان يسارياً متشدداً، ثم أضحى يمينياً متشدداً، وسوف تتبدل عنده الصفات إلا واحدة وهو أن يظل دائماً متشدداً، وهناك حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، متفق عليه، حيث قال: «سيخرج قوم فى آخر الزمان، حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية»، هؤلاء كانوا، ولا يزالون، مصدر الخطر الحقيقى على الإسلام وهم لم يريدوا الحق، فأخطأوه، بل إنهم أرادوا الدمار، وبلغوه،ويضمرون فى أنفسهم كراهية لو وزعت على قلوب البشر أجمعين، لأفسدت طهارتها ولعكرت دماءها ولوثت مشاعرها، فباتت من ظلامها الدامس الدائم تكره النور والضياء. إن عبدالماجد وأمثاله فهموا خطأ ورددوا بهوى وجشع بأن ذلك الزمن هو زمن التمكين، أى تمكين التيارات الإسلامية فى الحكم ومن ثم أقنعوا جمهوراً جاهلاً من مريديهم البسطاء فهماً والغلاظ قلباً وشعوراً أن اللحظة التاريخية الحالية هى فرصتهم السانحة وأنه من الجرم أن يفلتوها، ومن ثم، فإن عليهم أن يضحوا بأرواحهم فى سبيل أن تكون هى الممر الذى يعبرون عليه إلى الحكم الذى يزعمون أنه حكم إسلامى والحقيقة أنه لا يؤمنون أو يعتقدون فى الإخوان، بل لو إنهم وجدوا أنفسهم مع الإخوان وحدهم فى ميدان السلطة، فسوف ينقضون عليهم قتلاً وتدميراً حتى يظفروا فى النهاية بالسلطة والحكم وهم والإخوان يعلمون ذلك كل العلم ويدركونه غاية الإدراك. السؤال: كيف ولماذا خرج بعض هؤلاء من السجون؟ وكيف يتورط إنسان فى قتل أكثر من مائة إنسان، ثم لا يتم إعدامه؟ أم أن هذه التهم لم تثبت عليه، الغريب أنه لا يحرص على إنكار الفعل، بل يغلب على مزاج حديثه الرضا عما فعل وأحيانا الزهو والفخر به. إن أمثال هؤلاء يدفعون المشهد دفعاً إلى صدام مروع، وإن شهوتهم للصراع والصدام بل والقتال منذرة باشتعال الميدان الذى بات لا يملك من قوة الممانعة لهذا العنف ما يكفى لصده أو حتى ترويضه وتهدئته. إن قوة ما فى مصر العزيزة مدخرة لاشك لهذا اليوم دورها التاريخى ألا تترك مصر لقمة سائغة لأطماع الجشعين للسلطة أو المجانين المغرمين بهوس اللحظة، وكلنا يرمى ببصره نحوها، يترقب حركتها ويأمل أن تكون هنالك فى الموعد تلبى نداء مصر قبل أن يعجزها عن النطق طول الصراخ.