مع سعيها لامتلاك طائرات مقاتلة من دون طيار، تعتزم فرنسا خوض الحرب بطريقة جديدة، وإن كان امتلاك تلك الطائرات دون طيار التي يستعملها الأمريكيون منذ فترة في باكستان أو أفغانستان يثير تساؤلات إستراتيجية وأخلاقية وقانونية. وعلى المدى القصير، قررت فرنسا حيازة 12 طائرة تجسس من دون طيار، اثنتان منها أمريكيتان من طراز "ريبر" للقيام بعمليات في مالي. وكتب وزير الدفاع الفرنسي جان أيف لودريان، في مقال نشرته صحيفة ليزيكو، "أخيرا، هناك المدى الأطول، مع مجال للطائرات المقاتلة دون طيار بحلول 2030، ستأتي لتكمل وحتى تعوض أسطولنا من الطائرات المقاتلة" مؤكدا "إننا لن نتخلف عن ذلك الموعد". وخلال فترة طويلة، لم تكن الطائرات بدون طيار أولوية العسكريين ولا الصناعيين الفرنسيين الذين فاتهم سوق طائرات المراقبة، لكن مع الطائرات المسلحة دون طيار يستعد الجيش الفرنسي لخوض نوع جديد من الحرب دون رجال بمساعدة تكنولوجيا وقدرة تدخل قويتين جدا. وقال قائد أركان سلاح الجو في الجيش الفرنسي الجنرال دوني مرسييه، خلال لقاء مع الصحفيين في معرض لوبورجيه، الأربعاء، "في الفترة ما بين 2025 و2030 نعلم ما الذي سيكون لدينا، لكن ليس هناك أي بلد لديه فكرة بالغة الوضوح حول استعمال طائرات القتال بدون طيار". واعتبر الجنرال أن الطائرات بدون طيار لن تعوض الطائرات المقاتلة، من طراز "رافال" التي ما زال أمامها عقود كثيرة، بل ستضاف إليها، موضحا "سنقوم بتسيير الطائرات المقاتلة وطائرات القتال بدون طيار معا". وفي فرنسا، ينصب الاهتمام حاليا على "تبني قوانين إنسانية" وإبقاء الإنسان في قلب عملية استعمال الطائرات بدون طيار، وبالتالي توخي الحذر، بينما أثار استعمال الطائرات دون طيار بشكل مكثف في مجال مكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدة غضب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بسبب طريقة خوض الحرب التي اعتبرتها المنظمات مخادعة وغير إنسانية. وتعتبر الحرب تاريخيا قانونية عندما يعرض الطرفان المتناحران حياة رجالهما إلى الخطر وإلا يتم الخروج عن نطاق المعركة، وقد انتهك هذا المبدأ كثيرا باستعمال الطائرات المقاتلة التي تستطيع الإغارة على أهدافها على مسافة كيلومترات مع تعريض طياريها إلى أدنى قدر ممكن من الخطر. وبالطائرات المسلحة دون طيار، تم الانتقال إلى بعد آخر، إذ إن طائرات بريدايتور الأمريكية تسير عن بعد من قاعدة في نيفادا تبعد آلاف الكيلومترات عن أهدافها لا سيما أن الغارات الأمريكية أسفرت بحسب بعض المصادر عن سقوط أربعة آلاف قتيل منذ 2004 وتسببت بمقتل العديد من المدنيين. وتعتبر "الخسائر الجانبية" مناقضة لقوانين الحرب التي تحظر استهداف المدنيين وتعرض المسؤولين عن تلك الغارات إلى ملاحقات قضائية، وقد أثارت قانونية العمليات الأمريكية خصوصا حيال هذه النقطة، جدلا حادا في الولاياتالمتحدة حيث أعلن باراك أوباما نهاية مايو أن استعمال الطائرات دون طيار ضد طالبان سيخضع في المستقبل لمراقبة أكبر.