استمر الإعصار الإسبانى فى تدمير كل ما يقف أمامه، وكان المنتخب الفرنسى آخر الضحايا. بسهولة لم تكن متوقعة تمكنت كتيبة ديل بوسكى من الفوز بهدفين نظيفين على الديك الفرنسى الذى ظننته نداً عنيداً لإنيستا ورفاقه، فقبيل انطلاق مباريات ربع النهائى، توقعت صعود البرتغال وألمانيا وإيطاليا، وفضلت عدم توقع هوية الفائز فى هذه المباراة لصعوبتها على الطرفين، لكن يبدو أن طريقة التمرير القصير السريع «تيكى تاكا» التى يتبعها الفريق الإسبانى ما زالت صعبة على الخصوم، وبالرغم من أن الجميع يعرفها جيداً كالكتاب المفتوح لكن أحداً لا يستطع فك طلاسمها والوقوف أمامها، والأمل فى المنتخب الألمانى القوى لفك طلاسم تلك الطريقة. أما المفاجأة الأكبر بالنسبة لى فكانت فى عودة المنتخب الإسبانى للعب بدون رأس حربة صريح والاعتماد على لاعب الوسط ذى النزعة الهجومية سيسك فابريجاس فى ضرب دفاع الديوك بالتحركات القُطرية التى يتميز بها المنتخب الإسبانى. بدأ المنتخب الإسبانى المباراة بتشكيل يضم ستة لاعبى وسط، بحيث يتولى سيرجيو بوسكتس مساندة الدفاع والتغطية خلف الظهيرين خوردى ألبا وألفارو أربيلوا عند تقدم أحدهما للهجوم، وتشابى ألونسو صاحب الهدفين لضبط إيقاع الوسط وتغطية راموس عند العودة للدفاع أو التحرك إلى أحد الجانبين، وتبادل الثلاثى تشابى هيرنانديز وأندرياس إنيستا وديفيد سيلفا صناعة اللعب والتحرك على الأطراف وعلى حدود منطقة الجزاء، على أن يلعب فابريجاس دور المهاجم، ونجح الفريق الإسبانى فى ضرب دفاعات فرنسا فى كثير من الهجمات المنظمة والمرتدة، ومرر لاعبو الوسط أكثر من كرة بينية ممتازة جعلت فابريجاس منفرداً بالحارس هوجو لوريس، لكن عدم استغلال سيسك لهذه الكرات حال دون هز الشباك الفرنسية، حتى وضع إنيستا كرة رائعة للظهير الأيسر ألبا على حدود منطقة جزاء فرنسا، فمر ألبا من الظهير الفرنسى ورفع كرة متقنة داخل منطقة جزاء المنافس، قابلها برأسه ألونسو القادم من الخلف، مغيراً اتجاهها إلى يمين لوريس، ليعلن عن الهدف الأول لإسبانيا فى الدقيقة 19، واستمر وسط إسبانيا فى ترويع الديك الفرنسى دون هز الشباك، حتى تخلى ديل بوسكى عن نظريته الرافضة للرقم (9)، فدفع بمهاجمه الصريح فيرناندو توريس بدلاً من فابريجاس الذى لم يكن موفقاً، ودفع بالمتحرك بيدرو رودريجيز بدلاً من ديفيد سيلفا. وللمباراة الثانية على التوالى فقد المنتخب الفرنسى جماعيته ولعب على الرهان الخاسر بالاعتماد على كريم بنزيمة وفرانك ريبيرى فى توزيع اللعب والقيام بدور المايسترو، وكلاهما لا يجيد لعب هذا الدور، حيث إن قمة شجاعة بنزيمة تكون داخل منطقة الجزاء أمام المرمى مباشرة، أما ريبيرى فهو لاعب جناح يعتمد على الهجوم من الأطراف والتسديد من خارج منطقة الجزاء، ولعبت الخطة الإسبانية المعتمدة على تضييق المساحات فى الثلث الدفاعى من الملعب بتقريب خطى الدفاعى والوسط لأقرب درجة، دوراً كبيراً فى تقليل الخطورة الفرنسية، كما اعتمد الثلاثى راموس وبيكيه وأربيلوا على خبرتهم بأسلوب لعب بنزيمة ونالوا منه فى كل الهجمات تقريباً. وحاول المدير الفنى لفرنسا لوران بلان إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فدفع بلاعبه المحورى سمير نصرى فى الدقيقة 64 بدلاً من ماتيو ديبوشى، ثم خاطر فى الدقائق الأخيرة من اللقاء بسحب ثنائى الوسط فلوران مالودا ويان مفيلا والدفع بالثنائى جيرمى مينيز وأوليفير جيرو لكن دون جدوى، بل كان من الممكن أن تتضاعف النتيجة بعدما فرغ بلان وسط ملعبه على أمل التعويض حتى تمكن بيدرو رودريجيز من استخدام مهارته الكبيرة فى الحصول على ركلة جزاء فى الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع، ليهدى لزميله تشابى ألونسو الذى سدد ركلة الجزاء بنجاح هدفه الثانى فى مباراته الرسمية رقم 100 مع إسبانيا.