مصر التى نحلم بها، ينام فيها الفقير دون أن يحمل هموم ديون أمسه، أو أعباء قوت غده، يستنشق فيها الجميع هواء نظيفاً، ويشرب ماء خالياً من السموم والطفيليات، ويتناول غذاء بلا هرمونات أو مبيدات مسرطنة، ويجد فيها رغيف خبز صالحاً للاستهلاك الآدمى، ودواء فعالاً فى علاج الأمراض. مصر التى نحلم بها لا نرى فيها الملايين محبوسين فى عشش الحيوانات، ولا مدفونين فى مقابر الموتى وهم أحياء، بينما نسمع ونشاهد كل يوم الرئيس وهو يفتتح آلاف الوحدات السكنية التى سبق وافتتحها عشرات المرات، فى عشرات المناسبات. مصر التى نحلم بها يجد فيها الفقير وسيلة مواصلات آدمية، ولا تكون عربات نقل الماشية هى الوسيلة الرسمية، و«التوك توك» هو الوسيلة السياحية، وأن تجد السيارات طرقاً آمنة، غير قاتلة، ولا تكون القاعدة تكسيرها فى اليوم التالى لرصفها دائماً. مصر التى نحلم بها تحترم العلم، ولا تطرد العلماء، تقدس العمل ولا تهين العمال، يجد فيها الخريحون عملاً شريفاً، يناسب إمكاناتهم ودراساتهم، بدلاً من أن يختتموا سنوات طويلة من التعليم والدروس الخصوصية «باعة» على الرصيف، أو «صياعة» على مقهى العاطلين. مصر التى نحلم بها يدخل فيها المواطن الأقسام ومديريات الأمن آمناً على حياته، واثقاً من أن الشرطة فى خدمته، ويخرج منها دون إهانة، يسير فى شوارعها فلا يرهبه بلطجى أو مسجل خطر كل خطوة، يلجأ للقضاء فيأخذ حقه من ظالمه، مهما قل شأنه، أو علا شأن الظالم، وكثر ماله. مصر التى نحلم بها، لا تحارب الدين ولا المتدينين، لا تستنكر الأخلاق، ولا تروج للرذيلة والخلاعة، لا يكون إطلاق اللحية فيها تهمة أو ارتداء النقاب والحجاب سبة. مصر التى نحلم بها، تحترم إرادة مواطنيها، فلا تزور اختياراتهم فى صناديق الانتخابات، ولا تسود لهم بطاقات التصويت قبل خروجها من المطابع الأميرية، ولا تعلن النتائج أو تحل البرلمانات المنتخبة بقرارات سابقة التجهيز، ولا تكون فيه أى سلطة أو هيئة، حتى لو كان اسمها القوات المسلحة، دولة داخل الدولة. مصر التى نحلم بها، هى بلد الديمقراطية، والحرية، والعدالة الاجتماعية، بلد الأمن والأمان والإنسانية، الجميع فيها أمام القانون سواء لا فرق بين وزير وخفير، ولا بين رجل أعمال وموظف شريف، بلد يكون فيها الرئيس خادماً وليس إلهاً، والوزير موظفاً، وليس سيداً، الأمر فيها للشعب والحكم فيها باسم الشعب، تصون الأعراض والممتلكات، لا مجال فيها للرشوة والمحسوبية والفساد، وغير مسموح أبداً بسيطرة رأس المال على مقاليد الحكم. مصر التى نحلم بها لا يصادر فيها الحاكم رأياً ولا يرهب أو يشترى قلماً، تحترم إرادة الناس واختياراتهم أياً كانت، لا ديكتاتورية بزعم حماية الأمن القومى، ولا اعتقالات ولا إرهاب أو طوارئ أو ضبطية قضائية لعسكرها بزعم حماية الجبهة الداخلية، بلد نرى فيها يوماً رئيساً سابقاً بعد أن عشنا سنوات الهزيمة والمرض والفساد فى عصور الرئيس الراحل والمقتول والمخلوع.