أيها الرئيس الجديد لا تنم، أمامك مهام جسام وتركة ثقيلة من الفساد، أمامك مهمة إعادة مصر من جديد، أمامك شعب يعيش فى المقابر وعشش الصفيح، أمامك 15 مليون عاطل ينتظرون على أحر من الجمر فرصة عمل، أمامك جهاز إدارى فى الدولة مسجل فى موسوعة جينس العالمية بأنه لا يعمل سوى 20 دقيقة فى اليوم! وملىء بالمفسدين، أمامك تلال من المحسوبية والرشوة والواسطة والسرقة، أمامك اقتصاد وطنى مريض بأمراض مزمنة ومنهك من عمليات السلب والنهب التى وقعت طوال عشرات السنين الماضية، أمامك شعب يعيش بلا أمن ولا أمان الجميع خائف ومرعوب من غياب الامن، أمامك ملايين من البلطجية من مرتزقة النظام السابق يحتاجون إلى إعادة تأهيل، وملايين المرضى ينتظرون علاجا حقيقيا ومعاملة آدمية، أمامك من يتربصون بك من بقايا الفلول الذين يحلمون بعودة أيام العز والثراء وعودة أيام النهب من جديد! ، أمامك أشياء كثيرة جدا تتزاحم فى مشهد غير مسبوق. أيها الرئيس جاء بك الشعب إلى سدة الحكم، فاعدل واتق الله، فى كل مواطن يطمع ويطمح فى حياة كريمة آدمية، أقترح عليك أن تكون أولى زياراتك إلى سكان المقابر وعشش الصفيح وأدعوك لتناول وجبة الغداء بينهم، لتشعر بهم، كما أدعوك إلى المرور على المقاهى لترى خيرة شباب مصر وهم يائسون لا عمل، ولا سكن ولا زواج. يا رئيس مصر، لا تجلس فى مكتبك، بل اجلس بين الناس تلمس مشاكلهم بنفسك، عش بينهم الأخ والأب والصديق والرئيس، أعتقد أن أضخم مشكلة تواجه الرئيس هى البطالة وهى قنبلة انفجرت بالفعل ونتج عنها ثورة 25 يناير، ومازال مفعول الانفجار يدوى فى ميادين المحافظات، معظم شباب الثورة لا يعمل، رغم حصوله على أعلى الدرجات العلمية، اتجه الشباب المفعم بالأمل إلى تغيير بلاده إلى الأفضل، واستثمر طاقته الجبارة فى عمل وطنى رائع هز عرش العالم بأسره، صنع الثورة، ورفض أن يستثمر طاقته فى الانحراف وعالم الجريمة، أراد أن يقول للعالم، إن مصر بشبابها، قدمت 1000 شهيد، لكى يعيش باقى مواطنيها الذين لم ينالوا شرف الشهادة بعزة وكرامة وحرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية، على الرئيس الجديد أن يشمر عن ساعديه، ويبدأ فوراً فى تنفيذ خطط مدروسة، لفتح باب الرزق للعاطلين، على الرئيس أن يعلم ويتأكد أن تشغيل شباب مصر وتوفير الحياة الكريمة لهم، يساهم فى إخلاء طبيعى لميدان التحرير، لأنه لا وقت إلا للعمل، فلم يعد هناك عاطل أو مخرب، سوف يشعر الجميع بالانتماء، وحب الوطن، وأن ثورتهم آتت أكلها. سيدى الرئيس إذا تم حل أزمة البطالة، فثق أن أزمات أخرى مرتبطة بها سوف تحل، أبرزها تحسن الأداء الاقتصادى، وزيادة معدل النمو، وارتفاع معدلات الإنتاج، وانخفاض معدلات الجريمة والانحراف، وبزوغ هدف قومى عام أظن أنه يقع فى محيط بناء مصر من جديد وتحدى الدخول فى عالم الدول المتقدمة، لقد فضحنا النظام السابق أمام العالم، حيث حبسنا النظام البائد لمدة 30 عاماً، فى سجن ما يسمى بالدول الناشئة، اندفعت إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة والهند وقبلها الصين وتركيا وإيران إلى مصاف الدول المتقدمة، رغم أننا من أول الدول التى من المفترض أن تسبق هؤلاء وغيرهم، لولا مجىء حاكم ظالم، لا ينصف شعبه، تضيع على يديه المطالب، وتنتهك الحرمات، وتصطنع الازمات، وجاءت نهاية الطغاة وحل عهد جديد، نأمل له الخير.