تباينت ردود أفعال القوى السياسية في القليوبية، على قرار تعيين الدكتور حسام أبو بكر، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، محافظا ل"القليوبية". فبينما سادت حالة من الغضب الشديد بين المنتمين للقوى السياسية المدنية والتيارات والحركات الثورية، والذين دعوا لرفض المحافظ الجديد وإعلان العصيان المدني عليه، بأن تكون الاحتجاجات ضده هي بداية لثورة ل30 يونيو، رحبت القوى الإسلامية باختياره لهذا المنصب، وطالبته أن ينحي انتماءه السياسي جانبا وأن يتعامل مع الجميع بمنطلق خدمة الإقليم. أكد المحللون أن تعيين قيادي إخواني محافظا للقليوبية بداية لعودة المحافظة إلى أحضان "الجماعة"، ودخولها مرحلة الأخونة التي طالما حاول الدكتور عادل زايد، المحافظ السابق، الوقوف في وجهها، ما سبب سخط رموز وقيادات الجماعة عليه، وطالبوا برحيله أكثر من مرة، بعد عدم نجاح محاولات "الأخونة" إلا في تعيين عدد قليل من وكلاء الوزارة في مديريات التعليم والزراعة والري والتنظيم والإدارة والأوقاف بقرارات وزارية مركزية، بينما لم تنجح الجماعة في فرض رجالها على أجهزة الحكم المحلي والوحدات المحلية والقروية ومجالس المدن، وهو الأمر الذي سيفتح على مصرعيه أمام الجماعة والموالين لها في المرحلة المقبلة وفق التقديرات. وأضاف المحللون أن تعيين قيادي إخواني محافظا للإقليم سيكون له دور كبير في الحشد ل30 يونيو داخل القليوبية، التي كانت تعد من البؤر الهادئة في مثل هذه الفاعليات، وسيساعد على جمع عدد كبير من القوى المعارضة للإخوان لإسقاط النظام. ميدانيا، غادر الدكتور عادل زايد، محافظ القليوبية السابق، الذي تولي مهمة المحافظة منذ عامين، عقب تلقيه النبأ قبل دقائق من إعلانه بوسائل الإعلام عن طريق مجلس الوزراء، حيث كان متواجدا في استراحته بمدينة بنها، واستدعى عددا من المسؤولين بالمحافظة، وكلف مدير مكتبه بجمع أغراضه من مكتبه، وتحرك لمنزله بالقاهرة في حالة غضب شديد، مؤكدا أنه أدى واجبه وفق ما تطلبته المرحلة الحرجة التي تولي فيها المسؤولية، مشيرا إلى أن قرار إقالته تم بهدف استكمال منظومة الأخونة وليس على أساس الكفاءة. وقضى المحافظ السابق اليوم الأخير له داخل مكتبه بديوان المحافظة ببنها، وأدى أعماله بانتظام وسط أنباء ترددت من المقربين من وزير التنمية المحلية بأن هناك نية للإبقاء عليه، وفي نفس الليلة بعد لقاء مع عدد من قيادات المحافظة منها اللواء أحمد بكر رئيس هيئة الرقابة الإدارية، وألمح المحافظ السابق أنه سيعود لعمله كأستاذ متفرغ في جامعة القاهرة. أما على مستوى القوى السياسية والحركات الثورية، فكان القرار صادما لكافة القوى المدنية، خاصة في ظل حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع السياسي بالمحافظة بين القوى المدنية والإسلامية وجماعة الإخوان، ما دفع القوى المدنية لرفض تعيين أبوبكر محافظا للإقليم. وتحولت مسيرة للعشرات من أعضاء الأحزاب والقوى السياسية ببنها، لحث المواطنين على النزول يوم 30 يونيو لإسقاط النظام وجمع توقيعات "تمرد"، إلى مظاهرة لرفض أخونة المحافظة والتنديد بقرار تعيين المحافظ الإخواني، وردد المتظاهرون هتافات "أنا مش كافر أنا مش ملحد يسقط يسقط حكم المرشد"، و"إصحى يامرسي صحي النوم 30 يونيو آخر يوم"، و"ياللي ساكت ساكت ليه بعت حقك ولا إيه"، و"مسرحية هي هي والعصابة هي هي"، و"يوم 30 العصر الثورة هتحكم مصر". وأكد محمود عفيفي، منسق حركة 6 أبريل السابق بالمحافظة، أن تعيين حسام أبوبكر أمر مؤقت لمدة أسبوعين فقط لحين تنظيم مظاهرات 30 يونيو وإسقاط النظام بأكلمه. ودعت حركة "كفاية"، على لسان رمضان العطرب عضو الحركة، لإعلان العصيان المدني ضد المحافظ الجديد ومنعه من دخول المحافظة وتنظيم اعتصام ضده على أبواب الديوان العام. وأعربت جبهة الإنقاذ الوطني بالمحافظة عن قلقها إزاء حركة المحافظين الأخيرة، وأكدت في بيان لها أنها ستكون الوقود لإشعال ثورة الغضب الثانية، داعية المواطنين لرفض المحافظ الجديد والتصعيد السلمي ضده بالتنسيق مع كافة الأحزاب والقوى والحركات المدنية والثورية لمواجهة مخطط الهيمنة والتمكين الذي تمارسه جماعة الإخوان. وقال أحمد حسين، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ بالقليوبية، إن حركة المحافظين مجرد محاولة للتأثير وعرقلة فاعليات 30 يونيو، ودلالة واضحة على أن الرئيس ونظامه يعاندون الشعب ويسيرون في وادي منعزل عن مطالب وتطلعات المصريين. وأوضح الدكتور إبراهيم كامل، عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، أنه في ظل فشل الإخوان في إدارة الدولة فإن تعيين محافظ إخواني لمحافظة القليوبية معناه مزيد من الفشل، مشيرا إلى أن حسام أبو بكر ليس لديه خبرة في العمل بالإدارة المحلية. وأضاف كامل السيد، أمين حزب التجمع بالقليوبية، أن الحركة الأخيرة استمرار لسياسات الرئيس مرسي وجماعته وحكومته في السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها واختيار المسؤولين من أهل الثقة والولاء، بدلا من أهل الخبرة والكفاءة وحسن الرؤية والقدرة على الإدارة، بهدف مواجهة فاعليات 30 يونيو، التي تربك حسابات النظام الحالي وتخيفه، ولكنها ستزيد الاحتقان والكراهية وستزيد رغبة الشعب في النزول لتظاهرات سحب الثقة من الرئيس. ومن جانبه، قال جمال الصعيدي، منسق التيار الشعبي بالقليوبية، إن الرئيس يريد أن يحكم قبضته على المحافظات قبل 30 يونيو، ولهذا السبب أصدر حركة المحافظين الآن حتى يقوم المحافظون الجدد ببعض الممارسات خلال الأيام القليلة القادمة من شأنها شل حركة القوى السياسية أو التأثير على فاعليات سحب الثقة. وأصدر الحزب المصري الديمقراطي، بيانا رفض فيه تعيين الدكتور حسام أبو بكر محافظا للقليوبية، مؤكدا رفض الحزب تعيين محافظ إخواني وعضو بمكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وجاء في البيان أن "هذا القرار يوصف بالغباء السياسي، وجاء في وقت عصيب، ويزيد الاحتقان بالشارع المصري وبالمحافظة بأكملها، وسيكون هذا القرار في صالح الحشد لمظاهرات 30 يونيو، وأن الحزب يرفض أخونة المحافظة، وأن حركة المحافظين هذه هي المسمار الأخير في نعش هذا النظام الديكتاتوري الذي فشل في إدارة شؤون البلاد". وعلى الجانب الآخر، أكد وليد مصطفى، المتحدث باسم حزب الوسط بالمحافظة، أن أساس التعامل مع أي محافظ على أرض المحافظة هو كفاءته وليس توجهه السياسي، قائلا "سنحكم على المحافظ الجديد من خلال عمله وما سيقدمه، والمفروض أن أي محافظ عليه أن يتخلى عن توجهه السياسي ويتفرغ للعمل العام". وكشف وليد مصطفى أن ائتلاف القوى الإسلامية بالمحافظة قرر التعاون مع المحافظ الجديد، مع عدم السماح في نفس الوقت بوجوده إذا لم يخدم المحافظة. وأشار أحمد زكريا، نائب رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بالقليوبية، وأمين حزب البناء والتنمية بالمحافظة، إلى أن تعيين الدكتور حسام أبو بكر سيتم التعامل معه بسياسة الأمر الواقع، وأنه سيتم تشكيل جماعة ضغط عليه من القوى السياسية المختلفة لتحقيق مصالح المواطنين بدلا من ضياع الوقت في الاعتراض والمظاهرات. ومن ناحية أخرى، ذكرت مصادر مقربة من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة بالقليوبية أن الجماعة والحزب في غاية السعادة بتعيين الدكتور حسام أبو بكر محافظا للقليوبية.