اعتبر عدد من المرشحين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية أن الأزمة الاقتصادية في البلاد ناجمة عن "سوء الإدارة"، أكثر مما هي عن العقوبات الدولية، متهمين الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد بإهدار الموارد النفطية في إجراءات ومشاريع غير فاعلة، خلال ثماني سنوات. وقال محسن رضائي أحد المرشحين المحافظين الخمسة، إن "العقوبات مسؤولة عن 30% لا أكثر من التضخم، وال70% المتبقية سببها سوء إدارة البلاد". ويعرب رئيس بلدية طهران الحالي المحافظ محمد باقر قاليباف، عن الرأي نفسه، لكنه يضيف: "لا أقول إن العقوبات لم تتسبب بمشاكل (...) لكنها ليست سبب الوضع الحالي، الناجم عن سوء إدارة الحكومة الذي يحول دون استخدام القدرات الهائلة التي تتمتع بها البلاد". وتشير هذه التصريحات إلى عدد من مشاريع الحكومة، لاسيما إعطائها الأولوية للشركات الصغرى والمساكن الاجتماعية التي بُنيت في مختلف أنحاء البلاد، وطريقة تطبيق قانون إلغاء الدعم. وفي كل المناظرات التلفزيونية، وجهت أغلبية المرشحين (خمسة محافظين ومعتدلان وإصلاحي، قبل انسحاب مرشحان محافظ وإصلاحي) الاتهامات إلى الحكومة. ووحده كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي، والمحافظ غلام علي حداد عادل الذي انسحب من المعركة، رفضا "تعكير الصورة" بحسب عبارة المرشد الأعلى. فالمرشد الأعلى علي خامنئي أكد أنه يتوجب أخذ ما أُنجز في الاعتبار، وليس في عهد أحمدي نجاد (المحافظ) فحسب، بل في عهد سلفيه محمد خاتمي (إصلاحي) وأكبر هاشمي رفسنجاني (معتدل). وقال الإصلاحي محمد رضا عارف: "لم يحصل أي رئيس من قبل على هذا القدر من أموال النفط"، علما بأن عارف أعلن انسحابه اليوم. وأضاف أن إيران حصلت على 630 مليار دولار من العائدات النفطية أثناء رئاسة أحمدي نجاد (2005-2013)، مقابل 173 مليارا فحسب في عهد خاتمي (1997-2005). وردت الحكومة من خلال وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني، الذي أكد أن "من يقول إن العقوبات ليست أمرا جديدا منذ 30 عاما مخطئ، فمتى منذ 1979 اضطررنا إلى مواجهة عقوبات مماثلة؟ حتى في أثناء حرب إيران والعراق (1980-1988) لم تكن (العقوبات) بهذه القسوة". وتطرق إلى العقوبات على الصادرات النفطية والمنتجات البتروكيميائية ومشتقاتها، والعقوبات على البنك المركزي وشركات الضمان، وحتى النقل البحري، مشيرا إلى أن إيران خسرت "50% من عائداتها النفطية في العام الفائت مقارنة بالعام السابق". وأضاف أنه عندما "يطلق المرشحون الوعود، فعليهم أن يعلموا أن هذا الوضع لن يتغير في مستقبل قريب". وصرح عضو آخر في الحكومة بأن "بعض المرشحين، عوضا عن طرح برنامجهم، يكتفون برسم صورة سوداء وبالغوغائية". ودافع أحمدي نجاد عن حصيلة حكمه، وأكد أنه "تحت إدارة حكوماتي تم تحقيق 30 مشروعا استراتيجيا، لاسيما إرسال قمر صناعي إلى الفضاء والتقدم في البرنامج النووي". لكن في الواقع استمر تدهور الوضع الاقتصادي منذ مطلع 2012 على وقع العقوبات الاقتصادية الغربية. ويتجاوز التضخم رسميا 30%، فيما انهارت قيمة العملة الوطنية بنحو 80% في عام ونصف. وأقر حسيني بأنه "بسبب العقوبات المصرفية، بات من الصعب علينا إحضار أموالنا النفطية إلى البلاد" من الهند والصين وتركيا. وفيما اتهم المرشحون بأغلبيتهم الحكومة "بسوء الإدارة"، توخوا الحذر حيال إمكان تحسن سريع للأوضاع. وبالتالي أكد قاليباف أنه في حال انتخابه رئيسا سيحتاج إلى عامين للسيطرة على التضخم، لإراحة الاقتصاد بعض الشيء. وقال المرشح المحافظ علي أكبر ولايتي إن "أغلبية الإيرانيين بحسب الاستطلاعات يعتقدون أنه ينبغي منح الأولوية لتسوية وضع إيران الدولي ورفع العقوبات". وتابع وزير الخارجية السابق: "لذلك يجب أن تتولى شخصيات كفؤة في هذا المجال قيادة البلاد"، في تعبير عن اقتناعه بأن الأزمة الاقتصادية ناجمة عن العقوبات.