«هما عارفين فى شركة الكهرباء إن هنا بيت رئيس الوزراء عشان كدا النور مبيقطعش خالص زى باقى البيوت فى مصر».. بهذا التفسير البسيط يرى العاملون بمحل الفول والفلافل المجاور لبيت الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، ويتساءلون لماذا لا تنقطع عنهم الكهرباء أبدا، ولا يلبثون أن يتذكروا الفارق الشاسع بين حال الكهرباء فى منازلهم المتواضعة، وحالها فى محال عملهم التى صادف أن جاورت رئيس الوزراء، ويتمنون لو أن الحظ يمتد إلى منازلهم فتحتفظ بأنوارها دون انقطاع. صانع الفول والطعمية فى المحل المجاور لبيت رئيس الوزراء، يدقق فى حبات الفول ينتقيها جيدا، يقضى يومه كله فى تصنيع الفول وطحن مكونات الطعمية، لا يلبث أن ينهى عمله ويعود إلى منزله فى بولاق الدكرور ليواجه الحقيقة المرة. «النور إمبارح قطع عندى 5 مرات.. كل مرة ساعة ونص»، قالها الشاب اليافع الحاصل على بكالوريوس تجارة، متذكرا حال النور فى منطقة الدقى قبل فترة ليست بالطويلة: «النور كان بيقطع عادى فى المربع ده قبل ما يمسك هشام قنديل رئيس وزراء، لكن من وقت ما بقى فى الحكومة عمره ما قطع». يتردد رئيس الوزراء بين وقت وآخر على محل الفول والطعمية الواقع أسفل منزله، المحل لا يحمل اسما، لكنه يحمل شكاوى بالجملة لزبائنه والعاملين فيه، يقولون: «رئيس الوزراء بيشترى مننا عادى، هو كشخص بيسلم عادى ويعدى زى الناس، متواضع جداً، وبنته وزوجته بتيجى تشترى سندوتشات فول وطعمية ويمشوا من غير حراسة، والحرس بتاعه بياكل من عندنا عادى، الإنسانيات حلوة جدا، لكن الخدمات مفيش، للأسف ماينفعش يبقى رئيس وزراء»، يقف على باب المحل، إيهاب، عامل فى مغسلة بالمنطقة، يطلب وجبة الإفطار، ويؤمّن على حديث العاملين بالمطعم: «ساعات بيجيب الحاجة، وأحيانا بيدفع الحساب بنفسه». لم يحاول أى من العاملين بالمطعم أن يتحدث مع رئيس الوزراء أو يقتربوا منه بمشكلتهم العويصة: «الكهرباء»، لا يعتبرون ذلك جبنا أو تخاذلا، لكنهم يعرفون ما ستؤول إليه شكواهم، يقول عمال المحل: «يعنى هو مش عارف، هو فاهم الكلام ده كله وعارف، حتى لو قلنا هيقول لنا عارف، ما بنحاولش، كمان فى حاجات كتير أهم من الكهرباء، الأكل اللى عمال يغلى، والأمن اللى ضايع، هانكلمه فى إيه ولا إيه؟ بنسكت أحسن، هو ملهوش دعوة بالمنصب اللى هو فيه، مش تخصصه، ده راجل كان بتاع رى، يا ريت يرتاح ويريحنا». محل الفول والفلافل تخطى وجوده ال60 عاما فى المنطقة، أحمد جمال حفيد مالك المحل، والبالغ من العمر 16 عاما، قارن بين وضع الكهرباء التى لا تنقطع فى محل عمله، وبين حال بيته فى شارع ناهيا ببولاق الدكرور: «معدش فيه أمان، هو صحيح راجل طيب بس معملش حاجة، مالهوش علاقة بالسياسة، ولا عارف يخدمنا، والله العظيم النور بيقطع أحيانا فى شارعنا 5 ساعات متواصلة، لدرجة إن الأكل باظ فى التلاجة، والحاجات خربت». رئيس الوزراء والعمارات المجاورة له هم الناجون فقط من فيضان الظلام الذى لا ينجو منه آخرون، الحاج على، أحد الأصدقاء القدامى لوالد رئيس الوزراء، جعله وجوده على الصف المقابل لبيت رئيس الوزراء فى مهب انقطاع الكهرباء، صحيح أن الأمر لا يتكرر كثيرا، لكنه يحدث: «النور بيقطع، ساعتين تلاتة فى اليوم ييجى ويروح، لكن ده حاجة بسيطة، وأهو بقاله يومين تلاتة مقطعش، يمكن عشان إحنا فى الدقى، لكن فى بيتى، فى العمرانية، حدث ولا حرج، بيفضل مقطوع 6 ساعات متواصلة، ده غير لما ييجى ذبذبة الكهرباء، عندنا تلاجة اتحرقت، وغرمنا تجهيزات بأكتر من ألف ونص، اشتريت مولد كهربائى من طنطا، عشان يقوم اللمبات الموفرة بس، واشتريت منظم للكهرباء، ومع ذلك المعاناة مستمرة، عندنا أطفال صغيرين، متبهدلين مع الانقطاع المتكرر للكهرباء، وفى بيتنا فى طنطا تليفزيون وتلاجة اتحرقوا». 55 عاماً من الجيرة مع أسرة الدكتور، لكنه كالآخرين لا يحاول أن يتواصل مع د.هشام قنديل بشأن مشكلة الكهرباء، فهو متأكد أنه لا يملك من الأمر شيئا، وأنه لا يتحكم فى مسألة انقطاعها أو رجوعها: «مكنش ليه فى الوزراء والكلام ده، أنا أعرفه من زمان، كنت باصلى مع والده فى الجامع، وهو كان لسه طفل، وشقى». يتذكر الرجل السبعينى ملامح حياة رئيس وزراء مصر على مدار السنوات الماضية: «همّ من زمان فى الشقة دى، إيجار قديم ملك والده، لما اتوفى الوالد جه قعد، وليه أخ تانى دكتور، هو طيب فى حاله وكويس، لكن جه وجه معاه البلاء والمصايب للبلد، مبحاولش أبدى رأيى لأنى مش باحب الإخوان، والد هشام قنديل مكانش إخوان، معرفش هو طلع لمين، والده كان طيب جدا وعلى قد حاله، ومتواضع، يمشى للمكان اللى هو رايح له، عمره ما جاب عربية، لحد وفاته». لا يعلم الكثيرون أن د.هشام قنديل، حين نصح الأسر المصرية فى بداية رئاسته للوزارة بارتداء الملابس القطنية واستخدام اللمبات الموفرة، والجلوس معا فى غرفة واحدة، أنه كان صادقا فى ذلك، كل من يعرفه عن قرب يدرك أنه على رأس قائمة الموفرين.. «على»، كهربائى المنطقة، الذى عمل أكثر من مرة فى شقة رئيس الوزراء، أكد أن الرجل يرشد استهلاك الكهرباء إلى حد بعيد، وأنه يستخدم 5 لمبات موفرة فقط فى الشقة: «الحياة عنده بسيطة جدا، فوق ما حد يتخيل». يقارن الكهربائى الذى يسكن فى شارع الخطيب بالدقى بين حاله وحال رئيس وزرائه القاطن بالقرب منه فيتذكر أن الكهرباء ظلت تنقطع عنه بمعدل 3 مرات يوميا: «واضح إن فيه نظام هنا فى قطع الكهرباء، إمبارح كنت بانضّف العربية فى بنزينة مش بعيد، قال لى النور دلوقتى قاطع كمان شوية هيقطع فى الشارع اللى ورانا وييجى هناك، ويقطع فى الشارع الفلانى». «أحمد»، أحد العاملين بالشارع، أمّن على حديث الرجل، واصفا قطع الكهرباء بالدواء ذى المواعيد، هو لا يرى انقطاع الكهرباء كثيرا فى موقعه بشارع المساحة، لكنه يعلم ما تكون عليه جيدا من موقع سكنه فى بولاق الدكرور: «عندنا فى البيت بيعملوا الطبيخ بسرعة، يقولوا النور هيقطع بعد ساعة ومعاه المية، عارفين مواعيدهم، وفعلا بيقطع». فى شارع السرجانى يجلس رجل القرفصاء على كرسى بالرصيف، يتأمل أحوال المنطقة ويقارنها بما يحدث فى بقية المساكن والمناطق فى مصر، يتجاذب أطراف الحديث مع أصدقائه، ويقول لهم بثقة: «لو المسئولين وولادهم عارفين يعنى إيه قطع كهرباء، لو الأسانسير بيتعطل بيهم، ويتخنقوا فى الضلمة ولا بيعملوا عملية فى مستشفى والدنيا فصلت عليهم، ولا ولادهم عندهم امتحانات ومش شايفين يراجعوا، لو عايشين عيشتنا، وجربوا يعنى إيه بتاع الزبالة يفضل يوم واتنين وعشرة ميجيش، ويعنى إيه الكهرباء تقطع شوية والمية تقطع شوية، كانوا فهموا حجم المصيبة اللى هم وقعونا فيها.. منهم لله». على بعد أمتار من بيت رئيس الحكومة، يقع مستشفى «أم الأطباء» الذى لم يحمه وجوده فى شارع المساحة من أن أن يتعرض للظلام، وقوعه على الصف المقابل لرئيس الوزراء جعله يبتعد عن دائرة الرغد، والنور، فأصبح كبقية مبانى الشعب، يصاب بانقطاع التيار الكهربائى كأى مبنى عادى، ولولا وجود مولد كهربائى ضخم، لانضمّ المستشفى الصغير إلى دائرة البؤس الطبى، ولأعلن بين الحين والآخر عن وفاة طفل رضيع هنا أو مسن على جهاز التنفس الصناعى هناك. «النور عندنا أحيانا بيقطع، بالليل أكتر من النهار.. زينا زى أى منطقة، رغم إن رئيس الوزراء ساكن هنا، غالبية المرات اللى كان بيقطع فيها النور كان بيقطع على الجنب بتاعنا اللى فيه المستشفى، وفى الشوارع الجانبية، لكن الجنب اللى فيه رئيس الوزراء، مش ممكن يقطع فيه أبدا» يتحدث أحد حرس المستشفى، واصفا الصف الذى يقبع فيه مستشفاهم ب«الجنب الغلبان». يضم مستشفى «أم الأطباء» فى جنباته جمعية أصدقاء مرضى روماتيزم القلب للأطفال: «أنا من بنى سويف، الكهرباء بتيجى عندنا ساعتين فى اليوم، أولادى فى الجامعة، مابيعرفوش يذاكروا، الكهرباء ممكن تقطع من الضهر لحد أذان المغرب، وإن جات من المغرب ما تكملش لحد العشا، وإن جات فى العشا تقطع لحد الساعة واحدة بالليل، الأرياف متدمرة فى الكهرباء، محاولتش أكلم رئيس الوزراء هو صحيح هنا فى نفس الشارع لكن الحرس منعنا». فى شارع رئيس الوزراء قد تنقطع الكهرباء لأعطال أو مشاكل طارئة، وإذا استلزم الأمر قطعا، فيكون عن مارة الشارع، حيث يتم فصل الكهرباء عن أعمدة النور، أحد الحراس بالشارع، يتذكر المرة الأخيرة التى انقطع فيها التيار الكهربائى فيقول: «من قيمة 4 أيام قطع نص ساعة، عن الشارع بس، لكن عمارتنا مقطعش عنها». فى محله بشارع المساحة جلس شاب فى مقتبل العمر يتأمل حال انقطاع الكهرباء فى منطقته، وما يحمله من تمييز واضح، الشاب الذى يسكن إلى جوار سينما التحرير لم يسلم فى محل سكنه من انقطاع التيار الكهربائى، كما لم يسلم فى طريقه إلى عمله من انقطاع التيار الكهربائى فى شارع أمين الرافعى الذى يعد أحد أكثر شوارع المنطقة تضررا من انقطاع التيار الكهربائى، يبتسم الشاب للمفارقة والتفريق بين المناطق فى نعمة الكهرباء، لكنه يعود ليؤكد: «يقطع إزاى واحنا عندنا هنا الدكتور هشام قنديل فى شارع المساحة، ووزير الرياضة فى شارع رشدان، ووزير الاستثمار فى أول عمارة عالية بعد الجنينة، تلات وزراء فى منطقة واحدة صعب الكهرباء تقطع عندهم، إحنا هنا كنا بنشتكى من الزبالة، لكن من وقت ما بقى الدكتور هشام قنديل وزير انتهت المشكلة تماما، والنور كمان». شارع الموسيقار على إسماعيل، الذى يحمل بين جنباته مستشفى أكتوبر، لا يسلم هو أو المستشفى من انقطاع الكهرباء، ولولا توافر المولدات والسولار بالمستشفى لتوالت الكوارث، فى وحدة الغسيل الكلوى بالمستشفى دار حديث ساخن بين مجموعة من الزملاء حول التيار الكهربائى وانقطاعه، أحد ممرضى الوحدة، يروى: «النور بيقطع كل شوية، والمولد يشتغل، حوالى تلات مرات فى اليوم، كلهم بالليل من بعد العشاء»، يتذكر أشرف عبداللطيف المرة الأخيرة التى انقطع فيها التيار الكهربائى عن المستشفى: «كنا واقفين على الباب الكبير للمستشفى، وفجأة لقينا الدنيا ضلمة كلها، اشتغل المولد، ولع النور محسيناش بعدها الكهرباء جات امتى؟». يخشى العاملون فى حديثهم من اللحظة التى قد لا يعثرون فيها على سولار لتشغيل مولدات المستشفى، يتذكرون الطوابير الطويلة على محطة البنزين القريبة منهم، فيهزون رأسهم بأسى: «مشكلة فعلا». الممرض الشاب فى وحدة الغسيل الكلوى كبقية العاملين فى المنطقة يقارن بين الوضع فى منطقة الدقى، والحال فى بيته بمنطقة بين السرايات: «بيقطع كتير، مابنعدش يقعد ساعة، مرتين فى اليوم»، 15 عاما من العمل بالمستشفى جعلته خبيرا بمسألة انقطاع التيار الكهربائى. «أنا مؤيد، وأتمنى أن أكون من الإخوان».. هكذا قدم محمود فاروق عبدالسلام نفسه، مؤكدا للمتحدثين أن المعارضة هى المسئولة بشكل غير مباشر عن كل المشاكل التى تتعرض لها مصر: «يسيبوا الريس يشتغل كويس وميعجّزوهوش عن الشغل، الحياة قدامنا كويسة إن شاء الله». المؤيد الذى يعمل كاتبا بوحدة الغسيل الكلوى، له وجهة نظر طرحها بوضوح على المتناقشين: «يعنى إيه النور مبيقطعش عن الدكتور هشام؟ كلام مش معقول، هيكون له تيار لوحده مثلا، هل بعقلنا نتصور إن هشام قنديل جايله كابل لوحده من كشك الكهرباء اللى على بعد كيلو ولا 2 كيلو له لوحده ولشقته؟ ده كلام غير صحيح.. مش ممكن، أنا قبل ما أكون كاتب، فأنا فنى، مش ممكن شركة الكهرباء تعمل كابل مخصوص لعمارة ولا 2، ده مستحيل يحصل، ونوع من أنواع المزايدة لو نسيبه يشتغل هيعمل حاجة كويسة، مين اللى بيكسر فى البلد وبيحرق المقرات وبيعمل مشاكل هم المعارضة، حسبى الله ونعم الوكيل فيهم»، هنا حاولت زميلته فى المكتب التدخل: «دلوقتى أنا عايزة أسألك سؤال.. إيه اللى فرق فى مسألة النور وخلاه يقطع كتير كدا؟» رد الرجل: «خلاص بقاله 3 أيام أهو كويس وتمام» فانفعلت مدام إيناس: «إنت ما ينفعش تحكم على 3 أيام، دى مسئولية مين، وزير الكهرباء ووزير البترول، الغلط عند مين.. فى عيال بتمتحن ومستشفيات ومصانع متعطلة؟»، هنا كان رد محمود: «ما هى لما بتقطع على عيالك بتقطع على عيالى برضو، لكن فيه حلول، لازم نفترض إننا فى حالة البلد كلها سايبة، كل شوية نسمع دلوقتى عن تهريب سولار، سلاح، الناس كلها فجرت، كل واحد بيعمل اللى هو عاوزه، لكن لو كل واحد يلتزم ويعمل اللى عليه ويراعى ربنا، فى شغله وقرشه اللى داخل على بيته وماياكلش حرام، كله هاينتظم لكن الناس اللى بتهرب السولار عشان قرشين زيادة، وبيحرقوا المقرات ويرموا مولوتوف مش سايبين الريس يشتغل». شيئا فشيئا احتدمت المناقشة، ردت السيدة: «مين اللى قال لك إن المعارضة اللى بتحرق المقرات، دول الإخوان هم اللى بيعذبوا الناس وبيبهدلوهم» فكان الرد واضحا: «إنتى عارفة مين اللى بيتمسك؟ عمرهم ما مسكوا حد من الإخوان بيحرق ولا بيعمل حاجة، محصلتش أبدا، حرام عليكى يا شيخة عمرك شوفتى حد من الإخوان عذب حد؟ إنتى عمالة تسمعى القنوات المخربة، لميس، ومحمود ومنى، إنتى بتسمعى لكن مش بتشوفى، لما تلاقى الإعلام يقول جبهة الإنقاذ والمعارضة بتنادى بوقفة احتجاجية فى التحرير والمكان الفلانى»، هنا حاولت السيدة معارضته بما لديها من معلومات مؤكدة: «طب والزيت والسكر اللى بياخدوه يوزعوه على الناس واحنا مانلاقيش التموين؟!»، رد «محمود»: «أنا لسه صارف التموين وكان كامل، 8 سكر و4 رز و4 مكرونة و6 زيت، ولو ناقص يديكى ورقة يقولك تعالى بعد أسبوع»، ردت السيدة: «ما باخدش الناقص بيقول لى معنديش»، فرد مبتسما: «طب ما انتى اللى ما بتروحيش!». «محمود» متفائل وراضٍ عن أداء الرئيس ورئيس وزرائه، يرى أن ما يعوقهم هو «المعارضة التى تجذبهم باستمرار إلى الخلف» هنا تدخل أشرف عبداللطيف فى الحديث: «أصعب من قطع الكهرباء قلة الأمان، ودا بيزوّد دا، بلطجية وصُيّع فى الشوارع، تعبنا نفسيا، اللى كان عشرة على عشرة محمد جمال، كان ينزل الشارع على طول ويحبب الشعب مع الشرطة، كان يقول لهم إحنا فى الآخر خالص إخوات كلنا مواطنين مصريين، كان يمسك ضبطيات لكن دلوقتى ما بنشوفش حاجة، غير هو بس ضرب الآلى والخرطوش، أنا واقف على الباب فى المستشفى كتير بيتفتح علينا مطاوى وبنعمل محاضر، كذا محضر، آخرها واحد له قريب حالته تحت الصفر فى المستشفى، جات قريبته عيطت وباست على دماغنا واتنازلنا». رغم عدم انقطاع الكهرباء كثيرا عن شارع الموسيقار على إسماعيل فإن هذا لا يسعد أصحابه كثيرا، على ناصية الشارع تقف سيدة فى منتصف العمر تبيع فى محل بقالتها، تؤكد لزبائنها أن الكهرباء نادرا ما تنقطع عن هذا الشارع بسخرية: «أنا باسمع خرافات وأساطير عن الكهرباء اللى بتقطع عن باقى المصريين، لكن مش بحس بيها هنا، لأننا جنب رئيس الوزراء.. كوسة طبعا»، كشك آخر فى نفس الشارع أكد صاحبه أن الكهرباء نادرا ما تنقطع: «بتقطع وبتيجى كل أسبوع مثلا أو 4 أيام، حاجة بسيطة، كل ما الشارع يبعد عن شارع الدكتور هشام الكهرباء بتقطع فيه أكتر». لم يكن شارع الموسيقار على إسماعيل من الشوارع التى انقطعت عنها الكهرباء خلال فترة المعايشة، لكن شارع أمين الرافعى لم يسلم من انقطاع الكهرباء، ففى اليوم الأول للمعايشة انقطعت الكهرباء فى تمام الثانية عشرة ظهرا، لربع ساعة، ثم انقطع بعدها مرة خلال فترة العصر، وأخرى نحو الثامنة مساء، حيث فوجئ سكان المنطقة بالشارع بالكامل وقد دخل فى ظلام دامس، الشارع الذى يشهد انقطاعا متكررا للكهرباء شهد انقطاع التيار خلال الجمعة السابقة للمعايشة لثلاث مرات متتالية الأولى فى تمام العاشرة والثلث، والثانية فى تمام الساعة الحادية عشرة، والثالثة فى تمام الحادية عشرة والثلث، ما بين ربع ساعة إلى 10 دقائق، لكنه لم ينقطع خلال اليومين التاليين للمعايشة. فى شارع رشدان لم يكن الأمر بأفضل كثيرا، صحيح أن فترة التحسن التى تشهدها الجمهورية شهدها الشارع الواقع فى منطقة الدقى، لكن الدكتور مايكل فى صيدلية الدكتور جورج كان مستاء إلى حد كبير، لم يكن متفائلا، كما لم يستطع أن ينسى المرات التى كان فيها التيار الكهربائى ينقطع من 3 إلى 4 مرات يوميا فى كل مرة ساعة تقريبا. الدكتورة منة، فى إحدى شركات الأدوية القريبة، بنفس الشارع كانت واحدة من المتضررين أيضاً: «أنا الشيفت بتاعى من 10 الصبح لحد الساعة 4 العصر، صحيح هو بقاله 3 أيام مقطعش لكن له معاد ثابت من فترة طويلة كان بيقطع فيه، من الساعة 3 لحد الساعة أربعة إلا ربع، ودا طبعا كان بيأثر عليا جدا، لأنى أحيانا كنت باضطر أتعامل مع العملاء بره الشركة عشان النور، لما النور بيقطع التليفونات كمان بتقطع، فبنضطر نتعامل مع الموبايل بدل الأرضى، لو رجع تانى يقطع واستمر كدا طول فترة الصيف أكيد هانتفق مع إدارة الشركة إن فترة الانقطاع ما دامت ثابتة تبقى فترة راحة أو فترة مانتفقش خلالها على لقاءات مع عملاء». يبدو أن شارع رفاعة أيضاً كان من الشوارع التى لم تُمنَ بانقطاع الكهرباء لثلاثة أيام متتالية.. «إبراهيم»، أحد العاملين بالشارع كان مع أصدقائه يتحدثون فى أحوال البلد وفى «تمرد» والأحداث، ما إن جاءت سيرة الكهرباء حتى قال بألم لأصدقائه: «الكهرباء تيجى، المية بتقطع، للأسف المية قاطعة فى العمرانية من يوم الجمعة، الحمد لله إن النور موجود هنا، هاتبقى ضلمة فى الشغل وضلمة فى البيت!»، على المنوال نفسه سار شارع حسين واصف الذى لم يُمنَ بانقطاع الكهرباء لثلاثة أيام متتالية. الغريب فى أمر الكهرباء بمنطقة الدقى، ما كشفه أحد الحراس القائمين على أحد المحلات الشهيرة بميدان الوحدة الأفريقية، حيث أكد أن الكهرباء لا تنقطع أبدا عن العمائر، وأن الانقطاع قد يحدث بأعمدة الكهرباء فى الميدان فقط، وأنه قبل فترة قصيرة جاءه أحد محصلى شركة الكهرباء يسلمه إخطارا من الشركة، يعلمهم أن الكهرباء ستنقطع عنهم فى يوم الأحد التالى ل3 دقائق فقط، هى مدة نقلهم من خط إلى آخر، الحارس الذى تسلم الإخطار تذكر كيف تنقطع الكهرباء عنه فى محل سكنه بدوران شبرا، ل3 و4 مرات دون أدنى اعتذار، شبّه حال مصر كما يراه من موقعه: «زى اللى راكبين تاكسى قلنا له روح بينا الجيزة، راح بينا على الصحراء».