تناولت الصحف البريطانية المشهد السياسى المصرى فى ظل خروج نتائج أولية غير رسمية ترجح فوز مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسى بالانتخابات الرئاسية، وإلقاء المجلس العسكرى قنبلة الإعلان الدستورى المكمل فى بحر السياسة المصرية الهائج، فيما أكد الكاتب البريطانى روبرت فيسك أن الجيش المصرى أدار المرحلة الانتقالية بدهاء ليحافظ على امتيازاته ووضعه الخاص. ونشرت صحيفة «الجارديان» تقريراً أكدت فيه أن الإعلان الدستورى كبّل يد الرئيس الجديد ورسخ وجود العسكر فى مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس. كما لفتت إلى تقدم محمد مرسى على المرشح المدعوم من المجلس العسكرى أحمد شفيق وفق مؤشرات أولية غير رسمية. وذكرت الصحيفة أن « رفض جماعة الإخوان للإعلان الدستورى ووصفهم إياه بالباطل وغير الدستورى يزيد احتمالات المواجهة بين وحشى السياسة المصرية ولكن على مسرح مؤسسات الدولة العليا». وقالت صحيفة «ديلى تليغراف» فى تقرير لها أمس إن تساؤلات كثيرة تحيط بأهمية العملية الانتخابية برمتها بعد ترسيخ المجلس العسكرى لسلطته بالإعلان الدستورى المكمل، حيث قبض «العسكرى» بموجبه على السلطة التشريعية واحتفظ لنفسه بحق الاعتراض على نصوص مشروع الدستور الجديد، وفى حالة النزاع يكون القرار الأخير بيد نفس المحكمة التى أبطلت البرلمان المنتخب!، مؤكدة أن ذلك الإعلان منح «العسكرى» السيطرة على مرحلة الانتقال الديمقراطى بغض النظر عن شخصية الرئيس القادم. وناقشت صحيفة «الفايننشال تايمز» المشهد فى مصر مؤكدة على أن الإعلان الدستورى وسع دور العسكر فى النظام السياسى الجديد، وقالت الصحيفة «الخوف على مستقبل الثورة المصرية رفع أسهم مرشح الإخوان المسلمين فى الإعادة، كما أظهرت الانتخابات الخصومة بين إسلاميى مصر وعلمانييها، وبين أكثر الآلات السياسية تنظيماً: الإخوان وشبكات مصالح النظام القديم التى التفت حول شفيق». وقال الكاتب روبرت فيسك فى مقاله فى جريدة «الإندبندنت» إن جيش الرئيس المخلوع حسنى مبارك ما زالوا على رأس عملهم رغم الانتخابات الرئاسية، وأضاف «الجيش المصرى لعب لعبة خبيثه عندما أصر على مثول مبارك أمام المحكمة، فى الوقت الذى يعيد فيه تنظيم أنصاره للحفاظ على الامتيازات والوضع الخاص للجيش، واستشهد فيسك بالخلاف الذى حدث بين عبدالناصر ومحمد نجيب حول مصير الملك فاروق بعد نجاح ثورة يوليو 1952، حينها كتب ناصر لنجيب «لا يمكن إعدام فاروق دون محاكمة لأن العدالة هدفنا، ولا يمكن إبقاؤه فى السجن لأنه سيشغلنا بما كان صواباً أو خطأ شاب قضيته، فالنفى هو الأفضل لأن التاريخ نفسه سيحكم عليه بالموت». ويرى فيسك أن عبدالناصر كان مصيباً فى نفى الرجل السابق، عوضاً عن إقامة محاكمة تستهلك الوقت وتشتت الأذهان، فى حين أن مستقبل مصر «وأهداف الثورة الأخرى» هى التى ينبغى أن تبقى فى مركز الاهتمام. وتابع فيسك «إذا كان مبارك يمثل فاروق، ونجلاه جمال وعلاء يمثلان وارثى نظامه، فإن ثورة مصر 2011 تمثل أحداث 1952، ولكن بدون نفى الملك، وبقاء ظل النظام الملكى فى السلطة». وعاد فيسك فى آخر مقاله لمحمد نجيب مرة أخرى حين أراد وداع الملك فاروق الذى قال له «أتمنى أن تعتنوا بالجيش» فرد عليه الجنرال «الجيش فى أيدٍ أمينة»، فقال فاروق آخر كلماته «مهمتك ستكون صعبة، فليس من السهل -كما تعلم- أن تحكم مصر». قال نجيب بعدها إن الحكم سيكون أسهل للجيش لأنه من الشعب وله وبعدها أطاح عبدالناصر بنجيب وفُتحت السجون واستمر القائمون على التعذيب، ثم أتى الجنرال أنور السادات وتلاه الجنرال مبارك، والآن..؟