سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمم المتحدة تحث مصر على عرض مشروع قانون "المجتمع المدني" على خبراء دوليين قبل إقراره المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بلاي: الدستور الجديد يقوض استقلالية القضاء
حثت نافي بيلاي، المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الحكومة المصرية على القيام بخطوات تكفل وضع المسودة الحالية من مشروع قانون منظمات المجتمع المدني أمام خبراء حقوق الإنسان المصريين والدوليين، ليقوموا بدراسته دراسة متأنية، وأن تقوم الحكومة استنادا إلى مشورتهم بملائمة نص القانون مع المعايير الدولية قبل إقراره من قبل مجلس الشورى. وقالت بيلاي، في بيان صحفي تلقت "الوطن" نسخة منه اليوم، إنه "إذا ما تم إقرار مسودة هذا القانون، الذي يقيد بشدة من أنشطة منظمات المجتمع المدني، التي تعتبر مساهماتها حاسمة في تحديد مستقبل البلاد كدولة ديمقراطية بناءة، فإن ذلك سيمثل ضربة أخرى للآمال والتطلعات التي برزت خلال الثورة المصرية في عام 2011". وأضافت: "نمر بلحظة حاسمة، مع تزايد المخاوف بشأن مجموعة من القضايا بما فيها الدستور الجديد والطريقة التي اعتمد بها، بالإضافة إلى المحاولات الظاهرة للحد من سلطة القضاء، ومشروع هذا القانون الذي يخاطر بوضع المجتمع المدني تحت سيطرة الوزارات الأمنية، التي تملك تاريخا من انتهاكات حقوق الإنسان، والتي من مصلحتها التقليل من السيطرة". وأشارت المفوضة السامية إلى أن الدستور الجديد يخاطر بإعطاء السلطة التنفيذية سطوة مفرطة على السلطة القضائية، من خلال التعيين المباشر لقضاة المحكمة الدستورية العليا من قبل رئيس الجمهورية، مؤكدة أن "هذا التركيز في السلطة يقوض من استقلالية القضاء". وقالت بيلاي إن "المفوضية تتابع التطورات الأخيرة عن كثب، بما في ذلك الإجراءات القانونية التي تستهدف المتظاهرين والصحفيين والنشطاء الآخرين، التي تشمل السياسي الساخر البارز باسم يوسف". وأضافت أنه "في نفس الوقت الذي تتم فيه هذه الإجراءات، فإن المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن ضمنهم أعضاء من القوى الأمنية، مثل القتل والتعذيب والاغتصاب وغير ذلك من أشكال الاعتداءات الجنسية على المتظاهرين وسوء معاملة المعتقلين، لم يتم التحقيق معهم في حالات كثيرة من قبل النيابة العامة على النحو اللائق، ناهيك عن عدم تقديمم إلى العدالة". وأوضحت أن المفوضية قدمت تعليقات ومقترحات تفصيلية بشأن مشروع قانون المجتمع المدني، مؤكدة أن "القانون المقترح مر بمسودات متعددة ولا يزال هناك بعض الالتباس والكثير من القلق، حيث إن آخر مسودة، مثلها في ذلك مثل سابقاتها، تجاهلت إلى حد كبير الإسهامات المقدمة من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية و الدولية، وإذا ما تم اعتماد هذه المسودة فإنها ستفرض سلسلة من القيود الصارمة على منظمات المجتمع المدني، خاصة تلك التي تركز في عملها على حقوق الإنسان"، مضيفة: "يبدو لي أن هناك خطر حقيقي من أن المسودة الحالية لن تجعل من الصعب فقط على المجتمع المدني أن يعمل بحرية وفاعلية، وإنما ستتعارض أيضا مع التزامات مصر بموجب القانون الدولي، بما يخص دعم الحق في حرية تكوين الجمعيات". وذكرت بيلاي أن "مسألة الشفافية كانت أيضا من القضايا المثارة، غير أن جميع المسودات التي أتيح لنا الاطلاع عليها كانت أقل بكثير من التزامات مصر في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك الالتزامات الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه مصر"، معربة عن أملها في أن "تنعكس المعايير الدولية بالكامل على نسخة المسودة النهائية، وكما سبق لي أن أبلغت الحكومة في عدة مناسبات، فإن مكتبي على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة في هذا الصدد". وقالت المفوضة السامية إن الحق في حرية تنظيم الجمعيات وحرية التجمع أساسي للتمتع بالعديد من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى، وهذه هي نفس الحقوق التي سبق أن تجمع للمطالبة بها رجال مصر ونسائها في يناير 2011. وأضافت أن "المطلوب هو إيجاد إطار قانوني واضح، من أجل إيجاد بيئة تسمح للمجتمع المدني بأن ينظم نفسه ويمارس عمله، لما فيه مصلحة الشعب بأكمله". وحذرت من أن "الحكومات التي تسعى إلى تقييد هذه الأنواع من الأنشطة، على سبيل المثال من خلال التحكم بطرق الحصول على التمويل، وإعطاء صلاحيات واسعة لأجهزة الأمن لممارسة الرقابة، وفرض قيود من غير مبرر على منظمات حقوق الإنسان الدولية، وكلها عناصر مدرجة في العديد من مسودات هذا القانون، قد تصل إلى مخاطر الانزلاق السريع نحو النظام السلطوي، حتى ولو لم يكن ذلك مقصدها في البدء". وقالت إن تقبل النقد والحوار والرصد الخارجي للانتهاكات وأوجه القصور في قوانين ومؤسسات البلاد مسائل أساسية لقيام ديمقراطية تعمل على الوجه الصحيح، معربة عن قلقها من أن القانون الجديد، إذا ما اعتُمِد، سيترك منظمات المجتمع المدني المحلية في وضع أسوء مما كانت عليه في الفترة التي سبقت سقوط حكومة مبارك عام 2011، حيث إن ذلك سيمثل تطورا مأساويا حقيقيا، بعد كل ما مرت به البلاد في السنتين الماضيتين.