أمام لافتة كبيرة، مطبوع عليها شعار جماعة الإخوان، جلس الشاب العشرينى «الناشط»، كانت الندوة برعاية الجماعة «المحظورة آنذاك» التى سيُكتب لها الحكم بعد سنوات من ذلك اليوم، وقتها جلس «أحمد دومة» بين أقرانه من الإسلاميين واليساريين ساعة كان الجلاد يوجه سياطه على الجميع دون تمييز، ليتلو بعضاً من أشعاره: لا أبالى من سجونك أو عذابك والقيود أيها الجلاد عربد.. أنت للنار الوقود تناوبت الأعوام والسنون، رحل جلاد وجاء آخر، وظل «دومة» محافظاً على دربه، طالته اتهامات بإهانة رأس الدولة فيرد مدافعاً: «مرسى متهم مثلى وفقد شرعيته بسفك دماء المصريين مثله مثل مبارك»، اعتاد أن يثور بقلبه ولسانه ويده حتى اتُهم إبان الفترة الانتقالية بالتحريض على حرق المنشآت العامة، وأودع فى سجن طنطا من ديسمبر 2011 حتى أبريل من العام التالى. يفخر «دومة» بعدد مرات اعتقاله على أيدى نظام مبارك ونظام المجلس العسكرى، وبأنه عضو مؤسس فى الكثير من الحركات الاحتجاجية المعارضة منذ ظهوره الأول فى حركة كفاية، شارك فى عشرات الوقفات الاحتجاجية، آخرها أمام أسوار مكتب الإرشاد بحى المقطم، وخط على الأرض بيديه «حظيرة الخرفان» وسهماً يشير إلى مقر الإخوان الرئيسى، فنال نصيبه من التنكيل والسحل على أيدى أتباعها. حقبة جديدة من حياته بدأت بوصول «مرسى» إلى سدة الحكم، يتحدث عن حياته: «والدى سعد دومة، أحد قيادات الإخوان فى البحيرة، وأنا شخصياً كنت من الإخوان حتى 2008، إلى أن خرجت عنهم بسبب موقفهم من إضراب المحلة فى السادس من أبريل»، إخوان الأمس صاروا اليوم أعداءً، باركوا سحله أمام مكتب الإرشاد، توجهوا إلى النائب العام متهمين إياه بالاعتداء على «مقر المقطم» فصدر على الفور أمر بالقبض عليه وإيداعه الحبس على ذمة التحقيقات. دعوات عديدة أطلقها عدد من النشطاء السياسيين للدفاع عن «دومة» ووصفه بالثائر الذى تُحاك ضده المؤامرات من جانب جماعة الإخوان المسلمين والنائب العام بسبب موقفه المعارض لهم، وثمة تشكيكات أخرى من جانب أعضاء الجماعة ومجموعاتها الإلكترونية تساءلت عن وظيفته وحقيقة مصادر دخله التى تمكنه من إقامة حفل عرسه بإحدى القاعات الفخمة، بخلاف سيارته وشقته. «منسق حركات شباب الثورات العربية» الذى قضى خمس سنوات كاملة فى سجون مبارك قبل الثورة، بخلاف ما قضاه بعدها ما يزال يتحلى بالصمت إزاء المشككين فى وطنيته، رافضاً التعليق على كل من يتهمه بالعمل لصالح جهات خارجية، وصار «شاعر الإخوان الأسبق»، كما كان يحلو لهم أن يلقبوه، خائناً عميلاً فى أعينهم. وبعد انتهاء التحقيقات معه وإخلاء سبيله من سراى النيابة بطنطا، اختفى الناشط أحمد دومة، المعارض دائماً، فى ظروف غامضة لتبدأ وقفات الاحتجاج المطالبة بالإفصاح عن مكان احتجاز الناشط اليسارى، ولكن دون جدوى.