السينما صناعة ودائماً ما تحتاج إلى رأس مال كبير نسبياً لإنتاج فيلم سينمائى، وصاحب رأس المال يحتاج إلى استرداد هذه الأموال مضافاً إليها ربح يفضل أن يكون كبيراً، لذلك تصبح السينما التجارية أسيرة مخاوف الفشل الجماهيرى والتجارى، فهى دائماً مهددة بكابوس الخسارة فتتحول للطريق الآمن والمخرب الأكثر ضماناً. ولكن الفن يحتاج إلى جدة المعالجة والنظرة المختلفة ويهدف إلى إثارة الدهشة فى تجربة وجدانية وجمالية وهو طريق معاكس لطريق السينما التجارية، من أجل ذلك فالسينما التجارية تتعامل مع الفن تعامل الطباخ مع البهارات القليل منه يحسن النكهة والكثير منه يضر، ويزداد مقدار الفن أو يقل بحسب نوع الجمهور المستهدف ومدى رهافة ذائقته الفنية، فكلما ازدادت رهافة كلما سمحت السينما التجارية بقدر من التجارب الفنية والعكس صحيح.. لذلك أحياناً ما تكون إحدى وسائل السينما التجارية لتحقيق وتأمين الربح التجارى وليكن من المعلوم أن منتجى السينما دائماً ما كانوا مع وجود رقابة على الأفكار حتى يكون ختم الرقابة ضمانا لعدم المصادرة وأيضاً لكى تكون الأفكار المقدمة متوائمة مع جمهور الطبقة الوسطى المحافظ والباحث عن التسلية أكثر منه باحثاً عن بهجة ودهشة الفن. إلا أنه عندما علت موجة التيارات الإسلامية وبعضها محافظ والآخر جاهل ونجحت فى أن تسود كأغلبية فى المجلس التشريعى عندها فقط بدأ المنتجون فى النظر بجدية فى خطر وجود مؤسسة رقابة كاملة السيطرة على الفكر والصورة السينمائية، فالرقابة أيضاً بالنسبة لهم كملح الطعام بعضه مفيد وكثيره ضار ويفسد الطعام. عندئذ فقط بدأت موافقة خجولة لتغيير مفهوم الرقابة على السينما من قبل المنتجين ولكن سيظل بالطبع المقدار المسموح به من الحرية والشجاعة الفنية فى أيدى أصحاب المصالح بحيث يمكنهم المناورة فى تقديم ما يجذب الجمهور والابتعاد عن ما يزعجه. وتظل الحرية هى مطلب مجموعة صغيرة وليست كبيرة من صناع وفنانى السينما وعليهم العمل بدأب للوصول إليها ولحسن الحظ أن التقدم التكنولوجى المتحقق يؤدى إلى الهدف نفسه ومفتاح الطريق الموصل لهذه الحرية هو السينما المستقلة، وهو ما قد يكون موضوع مقال آخر.