قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إن مشهد وضع الرئيس السابق، محمد حسني مبارك، في قفص الاتهام، هو مشهد عبثي، وكان من الأفضل محاكمته سياسيا، وليس جنائيا، مشيرا إلى أن طريقة التعامل مع مبارك كانت من أخطاء المجلس العسكري، قبل تولي الرئيس محمد مرسي الحكم. وأضاف هيكل "سأتحدث بكل أمانة، أعتقد أن مشهد مبارك داخل القفص عبثي، ويُكمل سلسلة من المشاهد العبثية، وأرى من أخطاء المجلس العسكرى وقتها هي طريقة التعامل مع «مبارك»، فالمجلس العسكري حينها لم يستطع وصف طريقة التعامل معه باعتبار أن الثورة كانت ضده، وفى بداية الأمر تركه في شرم الشيخ يفعل ما يريد، ثم جاء به إلى القاهرة، وأظن أنهم لم يكونوا على علم كيف يجري التعامل مع رئيس سابق وهو تحت المحاكمة، ونحن أمام رئيس حكم البلاد لمدة 30 عاما، وجرى الاختيار بين تركه يخرج خارج البلاد، أو محاكمته سياسيا، وهذا ما لم يحدث، أو التعامل معه بأعقد الأمور، وهو محاكمته جنائياً، ولكن أسىء التصرف معه، فحين يُخلع رئيس دولة ما لا بد أن يُعامل حتى تثبت إدانته بطريقة لائقة". وأكمل هيكل، خلال حواره في الحلقة الأخيرة من سلسلة حلقات "مصر أين؟ ومصر إلى أين؟" على قناة سي بي سي، "أعني من ذلك أن يُترك في أحد بيوته، أي تُحدد إقامته، وهناك نماذج، الثورة الفرنسية التي «قطعت رأس الملك» ظل فى قصر باريس، ولم يُقبض عليه إلا عندما حاول الهرب، وظل عامين فى القصر، وعندما هرب أُلقى القبض عليه بجُرم الهروب، ولو كان بقى لم يكن ليُعتقل، والملك الفاروق أمر بمغادرة البلاد، وكان فى وداعه الجميع، أرى أن الحكم العسكرى أخطأ فى فهم ما جرى، ولم يعلم أنها ثورة، وقرّر أن يُبقى «مبارك» فى شرم الشيخ، وحين بدأ السؤال عن ماذا يفعل هناك؟ أتوا به إلى القاهرة، ودخل سجن طرة، الفكرة المسيّطرة أنه في زنزانة لكى يبرد قلب الناس وهذا فى اعتقادى ليس تصرُّفاً سياسياً، فلا يصح «عيب» أن تضعى رئيساً فى زنزانة بسجن طرة، هناك أصول للتعامل مع الأمور، ولا أعرف الصفقة التى بمقتضاها قَبِل هذا الوضع. هو قَبِل الذهاب إلى هناك، وأظن أن هناك نوعاً من الاتفاق، وفى آخر مرة ظهر بها أراد أن يقول «إن ما جرى له مخالف لما كان يتوقّع»، نحن نسير الأمور ليوم واحد وقدرتنا على التخطيط فيها كثير." واستطرد الكاتب الكبير "مشهد تلويح مبارك لأنصاره كله عبثى، لأنه رئيس محبوس ويلوّح لأنصاره هذا لا يعنى شيئاً، فى الدلالة فإن الإجراءات التى اتبعت معه خاطئة، ومحاكمته تجرى بطريقة طبيعية، وكان ينبغى أن تكون محاكمة سياسية، وألا يوضع فى الزنزانة، فلا يجوز أن تضعى رئيس دولة لمدة 30 عاماً فى طرة، كان «يُضرب السلام» له، فلا يجوز أن تنتقلى من نقيض إلى آخر، لا بد من اتباع الإجراءات، فلديكى «شارل الأول» فى إنجلترا عندما حُوكم سياسياً وتم توجيه التهم له ومن ثم إعدامه وفقاً للاتهامات، فهناك هيبة الثورة وكرامتها". وأضاف "الناس لها حق في الغضب لفكرة الإفراج عن مبارك، لأن كل الأسلوب شاعت فيه المناورات أكثر من المواجهة، وفى مثل هذه الظروف كان لا بد أن تكون هناك استقامة واضحة أمام الناس، هناك شعب يثور يطلب التغيير وحساباً، وهناك بلد وثورة ومؤسسات وتاريخ، المشكلة أننا نناور". وعن الانفجارات في بوسطن، وهل هذا القلق يعيد ذكريات أحداث «سبتمبر» والحرب على الإرهاب، رد هيكل "أظن أن هناك فرقاً فى الحالتين، ما جرى فى بوسطن لم يثبت حتى الآن من هو المرتكب، ولم يجدوا له علاقة ب«القاعدة»، وأعتقد أنها لا تقاس ب«11 سبتمبر»، وفقاً لعنصرين، وهما أن الإمبراطورية الأمريكية بدأت تتراجع من أنها القوة الوحيدة المسيطرة على العالم، وأنها لا تقود العالم وحدها، وكان هناك احتياج إلى تغطية هذا التراجع من خلال الحرب على الإرهاب، والعنصر الثانى هو احتياج أمريكا إلى النزول عسكرياً وبشكل مكثف فى المنطقة، ولكن الآن مع انفجار المنطقة العربية التى اختلف شكلها بشكل كامل وأصبحت منطقة مدمّرة، والأمريكان أصبحوا موجودين فى كل مكان، أظن أن الظرف الدولى مختلف والظرف الأمريكى مختلف، وقد تكون حادثة إرهابية أو هناك خلل، لا أظن أن لها قياساً مع أحداث سبتمبر".