تبدأ مرحلة التأهيل الفكرى والتربوى بدءا من المرحلة الثالثة، وتعتمد هذه المرحلة على غرس قيم مجتمعية وأخلاقية ودينية داخل الفرد، من خلال إطار تنظيمى ضيق يسمى فى العرف الإخوانى ب«الجلسات التربوية». ولا تتمتع هذه الجلسات بالصرامة التنظيمية والانضباط الكامل، فى ظل رغبة الجماعة فى هذه المرحلة التودد إلى «المدعو»، أكثر من توجيه الأوامر له بشكل يدفعه إلى الهروب أو الشعور بالغربة والنفور سريعا من التنظيم. وتعتمد مرحلة «الجلسات التربوية» على مقومات مهمة، أهمها «المحتوى التربوى» الذى يتم تدريسه للمدعو، ويتضمن كافة القيم الأخلاقية والمجتمعية التى تنوى الجماعة زرعها داخله، وهذه المحتويات الفكرية والثقافية تقوم الجماعة بإسناد وضعها إلى قسم التربية فى التنظيم، ويتم تكليف المسئول «النقيب» بتدريسها للمدعو، ويهدف التنظيم فى هذه المرحلة إلى ترسيخ فلسفة الاستيعاب النفسى للشخص، لكى يشعر بقيمة المجتمع الجديد الذى يبدأ فيه أولى خطوات حياته الجديدة، وتقوم فلسفة الاستيعاب النفسى على ما يسمى ب«الإحاطة الاجتماعية»، وأولها أن يشعر بأن حوله حفنة من الجمهور الملتزم، أصحاب الأيادى المتوضئة والوجوه النيرة، وأصحاب الحيثية المجتمعية، لتضفى عليه «قيمة ما» فيشعر بدوره فى المجتمع وحاجة هذا المجتمع له، ومن هنا يشعر وكأنه أحد الأعمدة المهمة فى المجتمع دعويا وسياسيا، وتتولد لديه أهمية الانتماء إلى تنظيم دينى ثم الرغبة فى الولاء التام والتبعية لهذا التنظيم. وثانيها أن يحدث ما يسمى ب«التآلف المادى» حيث تتبنى الجماعة الكثير من شئونه المالية، خاصة إن كان من أبناء الطبقة المتوسطة أو الفقيرة، لكى يترسخ فى داخله ولاء وتبعية مطلقة، بجانب إيمانه الراسخ بأن «الإخوان» هو التنظيم البديل للدولة، وأنه القادر على خلق كافة الحلول التى يحتاج إليها بما فيها الحلول المالية. ويتبع كل ذلك الإطار الفكرى الذى يعتبر كالحبل المتين، من خلال استجلاب بعض الكتب التى تؤصل لقدسية التنظيم، مثل كتاب «الطريق إلى جماعة المسلمين» للكاتب حسين جابر، وهو أحد قيادات التنظيم بالسعودية، الذى يؤصل لأهمية العمل للإسلام من خلال الجماعة ويحاول الكتاب إسقاط النصوص الدينية والشرعية على اعتبار أنها «جماعة المسلمين» وليست جماعة من المسلمين، وأن شرف الانضواء تحت رايتها لا يضاهيه شرف. وتعتمد مرحلة الإطار الفكرى على ما يسمى ب«ذبح الآخر»، حيث يسعى النقيب إلى تشويه صورة التيارات الإسلامية الأخرى، بدعوى نقص أو عدم اكتمال الفهم الكامل للإسلام لديها، وأن «الإخوان» هى الجماعة الوحيدة التى تفهم الإسلام بشموليته، وهذا موجود فى كتاب حسن البنا «إسلام الإخوان المسلمين». ويعمد النقيب فى علاج الشبهات الفكرية إلى بعض النصوص الشرعية، لعلاج أقوى ما يمكن مواجهته من جانب المدعو، وهى الشبهات الفكرية التى يلوكها المدعو على أذن الداعية «الإخوانى»، وربما يكون قد سمعها من جانب بعض أفراد التيارات الإسلامية الأخرى، لمداراة عجزه فى تقديم ردود فكرية وثقافية وعقلانية للمدعو، ويتم توجيه أوامر بعدم الخوض فى أى نقاشات جانبية مع التيارات الأخرى، واستخدام حديث النبى، صلى الله عليه وسلم، «إنى زعيم بيت بربوة فى الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً»، إذ يعتبر الجدل من الأمور المنهى عنها داخل التنظيم ودائما ما يقول النقيب «خلينا عمليين أحسن»، فتزيد مساحة الحركة على الفكرة، لأن النقيب يريد من العضو أن يكون حركيا أكثر منه مفكرا ولذا تبدأ مرحلة تغييب العقل الإخوانى من مرحلة الدعوة الفردية، ليتم تطويعه بعد ذلك من خلال الثقة فى القيادة، وطاعة القيادات دون نقاش ولا جدال. وفى حال الفشل التام فى مواجهة الشبهات ينتقل سريعا إلى مرحلة الدفاع من خلال اتهام المدعو بالتقصير فى طاعته لله، ومن ثم يقول له «راجع موقفك من الله ومستوى علاقاتك مع الله». أخبار متعلقة: مراحل تجنيد«الإخوانى» المرحلة الأولى: البحث عن «الإبل النجيبة».. والأولوية ل«أبناء الأغنياء» المرحلة الثانية: السيطرة على «المُستهدف» بنظرية «المؤامرة على الإسلام»