أعلنت "دولة العراق الإسلامية"، وهي جناح تنظيم القاعدة في العراق، أنها تحدت مع جبهة النصرة المعارضة في سوريا لتشكيل جبهة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، فيما يضاعف من مأزق الدول التي تؤيد الانتفاضة لكنها تخشى تصاعد التشدد الإسلامي. وقال أبو بكر البغدادي، زعيم دولة العراق الإسلامية إن جماعته مولت خلايا مقاتلين من جبهة النصرة السورية -المدرجة على القائمة السوداء للولايات المتحدة- منذ الأيام الأولى للانتفاضة التي بدأت قبل عامين. وقال في بيان، وضع على مواقع إسلامية اليوم، إن الجماعتين ستعملان تحت اسم موحد هو الدولة الإسلامية في العراق والشام. وقال البغدادي في كلمة صوتية نشرت على مواقع جهادية على الإنترنت أمس، "قد آن الأوان لنعلن أمام أهل الشام والعالم بأسره أن جبهة النصرة ما هي إلا امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها". وتابع "عقدنا العزم بعد استخارة الله واستشارة من نثق بدينهم وحكمتهم على المضي بمسيرة الرقي بالجماعة متجاوزين كل شيء فنعلن متوكلين على الله إلغاء اسم دولة العراق الإسلامية وإلغاء اسم جبهة النصرة وجمعهما تحت اسم واحد الدولة الإسلامية في العراق والشام". وأثارت هيمنة العنصر الإسلامي، على الانتفاضة السورية مخاوف قوى غربية وعربية حليفة لها تعارض الرئيس السوري بشار الأسد وتؤيد الإطاحة به لكن في الوقت ذاته تشعر بالانزعاج من السطوة المتنامية للمقاتلين الجهاديين السنة الذين أذكت معتقداتهم المناهضة بشراسة للمعتقدات الشيعية التوترات الطائفية في الشرق الأوسط. وقال محلل أمريكي، إن الإعلان لن يغير من قواعد اللعبة وإنما يعكس ثقة القاعدة في وضعها في سوريا. وقال آرون زيلين، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "لا أعتقد أنه بالضرورة يغير من حسابات أي شخص.. الولاياتالمتحدة تعلم بالفعل بشأن هذه العلاقة منذ العام الماضي ولم يحدث أي تغيير في السياسة في حد ذاتها من جانب الولاياتالمتحدة أو من جانب حلفائها في سوريا في الشهور الستة الأخيرة". ولم يتسن على الفور، التأكد من صحة البيان الذي نقلته في البداية خدمة سايت لمراقبة المواقع على الإنترنت. وقال إن جماعته نشرت مقاتلين أشداء، وأرسلت أموالا إلى خلايا النصرة المحلية التي شكلت في سوريا لتمهد الطريق للانتفاضة المسلحة التي تمخضت عن الاحتجاجات المعارضة للأسد، التي اندلعت في مارس 2011 لكنها امتنعت عن الإعلان عن هذه العلاقة لأسباب أمنية. ولم يخرج أي بيان بشأن وحدة الجماعتين من جبهة النصرة. وخرجت الجبهة إلى دائرة الضوء في أوائل العام الماضي عندما أعلنت المسؤولية عن عدة تفجيرات قوية في العاصمة السورية دمشق ومدينة حلب الشمالية. ومنذ ذلك الحين توسعت في عملياتها في أنحاء البلاد، وتمكنت من تجنيد أفراد من بين المعارضين الذين يرون أنها أكثر القوى القتالية فاعلية ضد قوات الأسد واتخذت دورا قياديا في السيطرة على أراض في شمال وجنوب وشرق سوريا. وفي يوم واحد في نوفمبر، قال موقع سايت، إن النصرة أعلنت المسؤولية عن 45 هجوما في محافظات دمشق ودرعا وحماة وحمص التي ذكرت تقارير أنه قتل فيها عشرات الأشخاص ومن بينها 60 شخصا في تفجير انتحاري واحد. وقتل 70 ألف شخص على الأقل منذ اندلاع الاحتجاجات التي تزعمتها الغالبية السنية ضد الأسد. وحصلت النصرة، على تأييد عندما قاد العنف والبؤس في سوريا السكان الذين اعتادوا العيش خلال حكم الأسد العلماني إلى التشدد. ويقول خبراء منذ فترة طويلة إن النصرة تتلقى دعما من مقاتلين لهم صلة بالقاعدة في العراق. ويقول مسؤولو أمن عراقيون منذ العام الماضي، إن دولة العراق الإسلامية تعيد تنظيم صفوفها وتقوم بتجنيد أفراد في المنطقة الصحراوية الغربية النائية المجاورة لسوريا حيث تتسم العلاقات القبلية السنية عبر الحدود بالمتانة. ويشترك جناح القاعدة في العراق، والمقاتلون الإسلاميون السنة في سوريا، في كراهيتهم للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد وحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي يتزعمها الشيعة وهم يرون أن الاثنين يضطهدون السنة. ورفض البغدادي مطالب الجماعات العلمانية بسوريا ديمقراطية قائلا: إن الهدف هو إقامة دولة إسلامية. وقال عن الديمقراطية إنها ثمن بخس وميراث سيء. ويقول مسؤولو أمن، إن محافظة الأنبار التي كانت مركز حرب القاعدة ضد القوات الأمريكية أصبحت مرة أخرى ملاذا آمنا لهذا التنظيم فيما تسعى القوات العراقية لتغطية أراض شاسعة دون دعم جوي كانت توفره في السابق القوات الأمريكية. وقال زيلين، إن الحدود التي بها ثغرات حيث يمتد نهر الفرات في البلدين والكهوف والتلال النائية عبر تلك الأراضي تعد مثالية للمقاتلين للتهرب من قوات الأمن العراقية وتهريب أسلحة ومقاتلين بين العراق وسوريا. وفي ديسمبر، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، جبهة النصرة منظمة إرهابية أجنبية وصنفتها على أنها منبثقة عن القاعدة. وفي الأسبوع الماضي دعا أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة في بيان على الإنترنت إلى إقامة دولة إسلامية في سوريا بعد الإطاحة بالأسد وهي خطوة نحو الهدف الإسلامي بإعادة الخلافة الإسلامية على الأراضي المسلمة. وهذا الاحتمال يثير قلق كثيرين في سوريا سواء كانوا من الأقلية الدروز أو المسيحيين أو العلويين أو الشيعة أو السنة المحافظين المتسامحين الذين يخشون من أن النصرة ستحاول فرض حكم مماثل لطالبان.