إن كان ميدان التحرير هو ميدان الثورة التى انطلقت منه المظاهرات المليونية التى أدت إلى خلع الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، فإن مثلث «ماسبيرو»، وتحديداً شارع الكورنيش الذى يقبع فيه مبنى «ماسبيرو» مكان لا يقل أهمية فى تاريخ الثورة المصرية، سواء فى فترة ال18 يوماً التى تسببت فى سقوط «مبارك»، أو حتى بعدها خلال فترة حكم المجلس العسكرى، وأيضاً مع حكم الرئيس محمد مرسى. قبل ثورة يناير، لم يكن أحد يتخيل أن يكون «ماسبيرو» مكاناً للتظاهر والاعتراض، لكن خلال فترة الثورة، وتحديداً مع سقوط الشرطة يوم 28 يناير، تحول «ماسبيرو» إلى واحد من أكثر الأماكن استراتيجية فى التظاهر، لما يتمتع به من موقع جغرافى يربط بين عدة مناطق حيوية، فهو يقع بالقرب من ميدان عبدالمنعم رياض، كذلك فى وسط منطقة بولاق، بالإضافة إلى وجود عدة منشآت حيوية فى نفس المنطقة. 30 يناير 2011 بدأت أولى المظاهرات أمام منطقة «ماسبيرو» التى لم تتوقف إلا بانتهاء ال18 يوماً وتنحى الرئيس السابق «مبارك»، وقف الثوار أمامه معترضين على سياسة التليفزيون المصرى فى تغطية أحداث ثورة يناير، لكن أياً من هذه المظاهرات والاحتجاجات لم يجعل التليفزيون الرسمى يغير من سياساته المنحازة للنظام فى نقل الأخبار. النقطة الفاصلة فى مظاهرات «ماسيبرو» كانت وقفة الأقباط أمامه يوم 9 أكتوبر 2011، أى بعد 7 أشهر فقط من قيام الثورة ونجاحها، واصطلح الإعلام على تسمية هذا اليوم باسم «مذبحة ماسبيرو» و«الأحد الأسود»، حيث بدأ اليوم بمظاهرة من الأقباط خرجت من منطقة شبرا رداً على هدم كنيسة بقرية «الماريناب» بمحافظة أسوان، وأيضاً احتجاجاً على تصريحات مصطفى السيد محافظ أسوان وقتها، التى لم تكن على مستوى الحدث، تدخلت قوات الجيش لفض المظاهرة، وقُتل 25 متظاهراً، وأصيب أكثر من 329 فى ذلك اليوم، وفى ذلك اليوم لم يُقتل المتظاهرون فقط برصاص قوات الأمن، لكن أيضاً دهساً تحت عجلات المدرعات التى حاولوا منعها من فض اعتصامهم. فى نفس التاريخ 9 أكتوبر من عام 2012 شارك عدد من السلفيين فى مظاهرة أمام مبنى «ماسبيرو»، لإحياء ذكرى شهداء «مذبحة ماسبيرو»، ورفع المتظاهرون عدداً من اللافتات المناهضة لحكم المجلس العسكرى وذلك أثناء تجمع آلاف المتظاهرين أمام مبنى «ماسبيرو» لإحياء ذكرى الحادث، ورردوا هتافات «وكلام ليك يا دكتور مرسى حق الشهداء قبل الكرسى»، و«مينا دنيال مات مقتول والمجلس هو المسئول». وبنهاية عام 2012، وتحديداً فى شهر ديسمبر خرجت مظاهرات أخرى أمام مبنى «ماسبيرو» ضد وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود مطالبة بتطهير الإعلام، بسبب تغطية التليفزيون المصرى للمظاهرات الرافضة للإعلان الدستورى، التى رأوا أن التليفزيون يتجاهلها لحساب مظاهرات الإسلاميين. فى الذكرى الثانية لثورة يناير عام 2012 حاصر المئات من المتظاهرين وبعض الملثمين من الشباب مبنى «ماسبيرو» اعتراضاً على النظام وعلى سياسة التليفزيون المصرى، وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لحكم الرئيس محمد مرسى ومنها «الشعب يريد إسقاط النظام» و«يسقط محمد مرسى»، و«الشعب يريد تطهير البلاد»، وقاموا بمحاصرة المبنى وقطع الطريق أمامه الذى يصل بين المظلات وميدان التحرير. آخر تلك المظاهرات كانت فى شهر مارس الماضى، وكانت من العاملين فى مبنى «ماسبيرو» أنفسهم اعتراضاً على عدم صرف رواتبهم، مما أدى إلى قيامهم بقطع الطريق مرددين هتافات «ارحل يا صلاح» و«اللى خربها إخوان» و«لا لبيع الإعلام».