ندرة الكفاءات فى البلاد، وعدم وجود رجال مناسبين للمواقع الحساسة، يضع أعضاء مكتب الإرشاد الأكفاء فى معضلة حقيقية، حيث يتنازعهم الشعور بالمسئولية بين كونهم رجالاً أكفاء يديرون جماعة كاملة كالإخوان، وحزباً كبيراً كالحرية والعدالة، بهذه الدقة وهذا النجاح، وبين مفاصل الدولة المصرية وأجهزتها التى تحتاجهم، للدرجة التى وضعت العديد من رجال الإخوان فى مأزق يعبر عنها القول الشعبى الشهير: «أكلك منين يا بطة؟». الدكتور محمد البلتاجى، واحد من هؤلاء الذين تنازعتهم المناصب الحساسة فى البلاد، كانت البداية مع جهاز الشرطة الذى لم يخفَ على أحد حجم الأزمة التى يمر بها، الأمر الذى رشح اسم البلتاجى، عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة، لأن يكون مطروحاً كى يقوم بمهمة الإشراف على قطاعات الأمن المركزى والأمن العام والأمن الوطنى، وهى المهمة الوطنية الصعبة التى جرت محاولات لإثناء البلتاجى عنها، ليس رفضاً له، ولكن «ادخاراً» لقدراته فى مكان آخر أهم وأكثر حساسية وهو جهاز المخابرات. الآثار الفورية التى كادت تحدث مع تولى البلتاجى لهذه المناصب الحساسبة دفعت العديد من المغرضين إلى مهاجمته، وانتقاد ما أسموه ب«الأخونة»، الأمر الذى جعل البلتاجى يؤثر مصلحة البلاد وسلامة الجميع ويعلن أن الترشيح وكل ما قيل عن الأمر «فوتوشوب». ترشيح البلتاجى لفت النظر إلى العديد من الكفاءات التى تضمها جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة، خاصة تلك التى يتعلق عملها بالإدارة والتنظيم وعلى رأسهم أسامة نصر الدين، رئيس قسم التنمية الإدارية بالجماعة، والرئيس السابق للمكتب الإدارى للجماعة بالإسكندرية، الاسم الذى بدا ملحاً فى ظل الفوضى التى تشهدها البلاد، وانعدام النظام فى كافة المرافق جعل الكثير من المصريين يتساءلون: أين هو رجل النظام والتنظيم من الفوضى التى يعيشها الشعب، وكيف يتابع ما آلت إليه الأمور وفى يده الحل؟ الخيال المصرى يتساءل: أين الكفاءات أمثال جمعة أمين، المفكر والمؤرخ الرسمى للجماعة، أين رجل الجماعة الذى يعلم من وزارة الثقافة، أو وزارة التربية والتعليم المصرية؟ وهو الوحيد الموثق من قبل الجماعة لتاريخ الإخوان فى مصر، يعلم دورها فى ثورة 23 يوليو، ويعلم دورها فى حرب 48، أين الرجل من عقول المصريين التى كدها الإعلام الفاسد والتعليم المريض؟ «الأخونة» التى يهلل بها الإعلام لم تتم بعد، العديد من رموز الجماعة العتيقة لم تمس الحكم من قريب أو من بعيد، المهندس حسام أبوبكر، الدكتور المهندس ما زال بعيداً عن كيان مثل وزارة الإسكان، يتساءل الناس: لماذا الطلبة ثائرون فى كل مكان؟ والإجابة بسيطة، لأن رشاد بيومى، مسئول قسم الطلبة بالجماعة، الأستاذ المتفرغ بقسم الجيولوجيا كلية العلوم جامعة القاهرة، لا يتولى شئونهم، ولا يوجههم كما يوجه أبناء الجماعة. يتحدث المغرضون عن الأخونة بينما عبدالرحمن البر، أستاذ علم الحديث فى جامعة الأزهر، بعيد عن رأس المؤسسة الأزهرية فى مصر، وشخصية كبيرة مثل عبدالعظيم أبوسيف، الرئيس السابق للمكتب الإدارى لمحافظة بنى سويف، الذى انتخب فى 6 أغسطس 2011 ممثلاً لمقعد شمال الصعيد خلفاً للدكتور سعد الكتاتنى والذى استقال للتفرغ لحزب الحرية والعدالة، كيف به بعيداً عن مسئولية سجون مصر هو الرجل الذى أمسك مأمور السجن بفمه قائلاً له: «إيه اللى خلاكم مسجلين خطر؟». يدور الحديث عن الأخونة بينما الدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية لشئون العلاقات الخارجية، بعيد عن جامعة الدول العربية، الرجل الذى يقابل سفراء جميع دول العالم، ويسافر إلى برلين وغيرها من العواصم العالمية لبحث سبل التعاون الاقتصادى، الرجل الذى قام أوباما باستقباله شخصياً. ما زال الدكتور محمد أحمد إبراهيم بعيداً عن وزارة الزراعة وبعيداً عن الإشراف على المشروع النووى لمصر، الرجل الذى بدأ حياته العملية معيداً بهيئة الطاقة الذرية، لم يبدأ بعد مشواره الكبير فى النهضة النووية لمصر. الدكتور محمد طه وهدان، رئيس قسم التربية بالجماعة وأستاذ دكتور فى كلية الزراعة جامعة قناة السويس، الذى عجزت المواقع والصفحات الإخبارية عن معرفة تاريخ ولادته، كيف يستقيم الأمر وهو بعيد عن رأى جهاز المخابرات المصرية. الرجل الذى يتردد اسمه أكثر من اسم الرئيس المصرى نفسه، خيرت الشاطر، الرجل الأكثر تأثيراً فى المصريين تفتقده وزارة المالية، يوسف مصر -كما أطلق عليه الإخوان- والذى جاملته المؤسسة العسكرية من قبل برد اعتبار، الرجل الحديدى والسياسى المحنك الذى يخطط لغزو العالم اقتصادياً وسياسياً، لم يزل بعيداً عن بيت مال المصريين. أما محمود عزت، الرجل الحديدى، الذى تنظر له الصحف العالمية بأنه الرجل الأكثر انضباطاً وصرامة، فلا يزال بعيداً عن وزارة الدفاع وعن المؤسسة العسكرية ككل. رغم ابتعاد هؤلاء جميعاً عن مراكز صنع القرار الحقيقية، إلا أن الحديث عن الأخونة ما زال دائراً دون انقطاع، بينما الحقيقة أن المرشد محمد بديع ضنّ على مصر بهذه الكفاءات جميعاً، كى لا يبقى وحيداً فى مكتب الإرشاد، مغلباً مصلحة الجماعة على مصلحة البلاد.