صمت قليلاً ثم نظر إلى جمهوره الأثير بمسرح راديو الوثير، ورفع أحد حاجبيه، وتحدث بلسان حاد ذى لثغة واضحة، هذا قبل أن يذيع خبر قضية «ازدراء الأديان وإهانة رئيس الجمهورية» المقامة ضده، ثم سخر وضحك، فصفق له الجمهور، وعاد باسم يوسف إلى بيته آمناً مطمئناً ليستعد للمثول أمام النائب العام بتغريدات ساخرة يعلق عليها مئات الآلاف من المعجبين يشدون من أزره، وينتظرونه أمام دار القضاء العالى، ويسلم نفسه إلى النيابة بسلطانية ضخمة على رأسه ولا يكف عن إصدار القفشات والنكات من داخل غرفة التحقيق التى تهتز لها الأركان، ويخشى منها العمالقة فيسخر مرة من سؤاله عن لون عينيه، ويسخر مرة أخرى من طلب المحامين وضباط الشرطة التصوير معه، ليتساءل «ألأجل ذلك طلبتمونى» ثم يرفض طلب محامى الإخوان صبحى صالح بالدفاع عنه. علم باسم رأفت محمد يوسف صاحب ال39 عاماً أن سخريته من قيادات الدولة ومشايخ القنوات الدينية ستكون لها عواقب وخيمة، لكنه رفع شعار لا تراجع ولا استسلام، طلب ساخراً ممن ينتقدهم عدم حرق المسرح الذى تكلف تجديده مئات الآلاف من الجنيهات، لم يسلم من نقده وسخريته الفذة أى مسئول أو إعلامى بما فيهم أصدقاؤه المقربون، زاروه فى عرينه وتضاحك معهم وسخر منهم وخرجوا من المسرح مسرورين، لم يأبه بنصائح شباب التيار الإسلامى بعدم الاقتراب من الذات الرئاسية، فى الوقت الذى انتقدوه فيه لكف لسانه عن خصوم الرئيس والمسيحيين. ولد باسم يوسف فى 22 مارس 1974، وتخرج فى كلية الطب عام 1998، وحصل على دكتوراه فى جراحة القلب والصدر من جامعة القاهرة ثم سافر للعمل فى أمريكا وأوروبا لمدة سنتين ونصف فى إحدى شركات الأجهزة الطبية. وفى بداية عام 2011 أطل «يوسف» على الجماهير للمرة الأولى لمدة 5 دقائق فقط على موقع «يوتيوب» من خلال عرض ساخر تناول فيه دعوات معارضى الثورة بإخلاء ميدان التحرير قبل تنحى الرئيس السابق مبارك، وحققت هذه الدقائق القليلة نسبة مشاهدة عالية جداً على شبكة الإنترنت، وسريعاً ما عرضت قناة «أون تى فى» المصرية على «يوسف» صفقة لإنتاج برنامج سياسى ساخر اسمه «البرنامج» وخصصت له ميزانية تبلغ نصف مليون دولار تقريباً، مما جعل «يوسف» هو الشخص الأول فى الشرق الأوسط الذى يتحول برنامجه من الإنترنت إلى شاشة التليفزيون. كان العرض الأول للبرنامج فى رمضان 2011، ولا يزال «البرنامج» يحظى بشهرة واسعة فى مصر وفى جميع أنحاء العالم خلال عرضه على قناة «سى بى سى» يوم الجمعة من كل أسبوع، وكان نجاحه مصدراً لإلهام العديد من الهواة على الإنترنت يعتمدون فى ذلك على برنامج «باسم يوسف شو».