فرق كبير بين أن تكتفى بالتحذير من مغبة كارثة على وشك الحدوث، وأن تبادر بطرح حلول لإنقاذ الموقف، هكذا يجرى المشهد السياسى الحالى، حيث أجمعت كل الفصائل السياسية والقوى الثورية على احتمالية اندلاع حرب أهلية وشيكة فى مصر، إذا استمر التناحر السياسى على هذا النحو، آخرها التحذير الذى أطلقه خالد داود، المتحدث الرسمى باسم جبهة الإنقاذ الوطنى، دون تقديم مبادرات محددة للخروج من الأزمة وإنقاذ الموقف المحتدم. هذه المفارقة أرجعها الدكتور عمار على حسن، الباحث السياسى، إلى السلطة الحاكمة، أو بمعنى أدق إلى جماعة الإخوان المسلمين، فالقوى السياسية، فى رأيه، لم تكن عاجزة عن تقديم مبادرات لإنقاذ الموقف، بل قدمت أكثر من محاولة جادة لوقف العنف ولم شمل الصف الوطنى، لكنهم جميعاً يصطدمون بصخرة السلطة، التى تتعامل مع المعارضة بشكل مَرَضى، أى إنها تنصت إليهم وفى نفس الوقت ترفض الوصول إلى حل سياسى، فيصبح الحوار شكلياً لا هدف منه سوى كسب الوقت لصالح تحقيق أهدافها. «الإخوان يريدون اختزال الوطن فى ثوب جماعة الإخوان المسلمين فقط»، وفقاً لرأى عمار، لكنهم لا يعلمون أنهم بذلك يدفعون مصر إلى هاوية الحرب الأهلية، بسبب عنادهم، فالقوى الثورية بلا شك ستسعى للانتقام بعد أن تخلت الجماعة عنهم، كما أن بعض أعضاء الجماعة مهدوا للعنف الذى يسبق الحرب، وذلك من خلال تصريحات استفزازية، مثل: «هنخليها دم فى دم»، معلقاً: «الحرب الأهلية بدأت بمثل تلك التصريحات فى بلدان مثل رواندا والبوسنة والهرسك، لذا يجب على الإخوان المسلمين عدم الارتكاز على فكرة أنهم أكبر قوة منظمة، لأنهم فى النهاية سيكونون أول من سيخسر». «مصر بعيدة عن الحرب الأهلية، ومن يعتقد غير ذلك شخصية حالمة»، هكذا جاء رد المهندس أسامة سليمان، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، معتبراً أن إشاعة مثل هذه الأقاويل أمر مُستهدف داخلياً وخارجياً، من أجل زعزعة الاستقرار، داعياً كل القوى السياسية بألا تكون غطاءً سياسياً لمن يمارسون العنف، معلقاً: «هى مجرد حملات مغرضة، ولن يسمح بها العقلاء والشرفاء فى هذا الوطن العظيم».