ما كادت السماء تبتلع قرص الشمس فى أحشائها؛ حتى لاحوا بخيلهم ورجالهم فغمر غبارهم قبة «الاتحادية» ومحيطها، دهسوا بسنابكهم خيام المعتصمين العُزّل وأشعلوها بنيران غضبهم، رافعين سيفين ومصحفاً هاتفين «إن الحكم إلا لله» و«مرسى». زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتساءل السائلون أى الفريقين أحق؟ حتى نادى منادٍ من بعيد: قُتل الحسينى أبوضيف.. صحفى وجهه منحوت نحتة صعيدية وديعة، معارض للإخوان أصيل، غير أن المتحدث الإعلامى باسم جماعة الإخوان المسلمين، محمود غزلان، هبّ إلى وسائل الإعلام يدّعى: لا.. لسنا من قتله، «إنما قتله من أخرجه»، ومن ماتوا أصلاً كلهم من الإخوان. يبرر المتحدث الرسمى باسم «الجماعة» قراراتها ومواقفها دائماً؛ قُبيل تغيير «الجماعة» موقفها من الدفع بمرشح رئاسى أوضح ما لقرار «الجماعة» من مميزات، وبعد الدفع بخيرت الشاطر مرشحاً للرئاسة نشر مقالاً تحت عنوان «شهادتى لآل الشاطر» كان قد كتبه فى 2009 رثاء فى والدة «الشاطر»، وبعد الدفع بالرئيس الحالى أبرز فى تعليقاته لوسائل الإعلام مميزات المهندس الدكتور محمد مرسى. تحت وقع ريشات «شباب الجرافيتى»، خرج المتحدث الرسمى للإخوان رافضاً كل ما يحدث «الشباب الذى رسم الجرافيتى سبّ الإخوان وقياداته».. لا يخرج إلا فى أوقات الأزمات، وجهه حاد الملامح، أبيض وعلى جبينه آثار الصلاة، ولحية كثة تداخل فيها أبيض الشيب بأسود الشباب، وعينا صقر محفوفتان بحاجبين كثيفين أسودين. محمود غزلان، ابن عام 1948، انضم فى بداية شبابه إلى جماعة الإخوان المسلمين؛ حتى بلغ مكتب إرشاد الجماعة فأصبح عضواً بمكتب الإرشاد منذ تسعينات القرن الماضى، ومن ثم خلف إبراهيم شرف فى منصب الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية 2001 حين حوكم عسكرياً فى «قضية الأساتذة» بقرار رئاسى أصدره «مبارك» لمحاكمة 22 من رموز وقيادات «الإخوان المسلمين»؛ وهو المتحدث الرسمى باسم الجماعة ولسانها الإعلامى. أكاديمياً، يعمل «غزلان» أستاذاً بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، وهو زوج فاطمة الشاطر، شقيقة نائب مرشد الإخوان المهندس خيرت الشاطر، ول«غزلان» الكثير من التصريحات التى لا ترفضها «الجماعة» لكنها تقلب الرأى العام المعارض ل«الجماعة»، منها إعلانه موقف «الجماعة» الرافض لكثير من المظاهرات ضد المجلس العسكرى الذى خلَّف «مبارك» فى حكم البلاد. انتفض الإخوان وقياداتهم، ومتحدثهم الرسمى عندما عاد الجرافيتى ليقترب من «مكتب الإرشاد»، أثارت الرسومات حفيظة السدنة والحراس فقاموا بالتعدى على الحابل والنابل، والمشارك والمشاهد، كسروا كاميرات الصحافة والنشطاء رجالاً وسيدات، وكان أمام المتحدث ليلة إعلامية «تبريرية» شاقة فظهر «غزلان» مرة أخرى ليعاود التبرير لوسائل الإعلام: لماذا تلومون شباب الإخوان الذود عن مكتب إرشادهم؟ الشباب هم من اقترب من حمانا واستفزونا بالرسومات وبالهتافات.. فلا يلومون إلا أنفسهم.