عندما قرر رجل الأعمال البلجيكى، «البارون إمبان»، بناء ضاحية مصر الجديدة، أراد لها أن تكون مختلفة عن أى شىء سبقها، لم يستعن بنظم البناء الأوروبية وفقاً للثقافة التى جاء منها، كذلك لم يجعلها شبيهة بالتراث المعمارى المصرى، لكنه بنى معماراً خاصاً جداً يميزه عن غيره وتتلاقى فيه عدة ثقافات مختلفة. أثناء تجولك بحى مصر الجديدة، لن تعرف تحديداً على أى طراز تم بناؤها، حيث مزج «إمبان» بين الطرازين الهندى والمغربى والمصرى والأوروبى فى معمار واحد، «شكرى أسمر» منسق مبادرة تراث مصر الجديدة يحكى عن تاريخ المنطقة: «معمار مصر الجديدة مميز جداً، وله سمات واضحة مثل البلكونات الواسعة التى اهتم «إمبان» بها، كذلك الأسقف العالية والمساحات الكبيرة للشقق وهو نفس معمار دولة بلجيكا التى أتى منها «إمبان»، واستوحى منها التقسيم الداخلى للشقق الذى يكون فى أغلبه عبارة عن صالة واسعة متفرع منها عدة غرف، وكل عمارة يحيط بها مساحات خضراء، كذلك يوجد عدة مناطق بنى فيها «إمبان» بطريقة البواكى، حيث كان يبنى عدة عمارات بحيث لا يدرى من يشاهدها فى الخارج بداية كل عمارة من نهايتها». لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة للبارون «إمبان» فى بداية القرن الماضى أن يخلق حياة فى منطقة جديدة مثل «مصر الجديدة»، لذلك قرر أن تكون واحة سياحية وصناعية حتى تجذب المواطنين إلى هذا المكان البعيد فى هذا التوقيت، واهتم بما يسمى «جودة الحياة»، فى البداية شيد أكبر فندق فى الشرق الأوسط كله وهو فندق «هليوبوليس بالاس»، الذى تم تأميمه فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ليكون قصر الاتحادية، وتم بيعه وقتها بمبلغ 700 ألف جنيه مصرى، وأقام إمبان خطين للمترو، واحد يصل إلى العباسية، والآخر إلى العتبة التى كانت تعتبر «وسط البلد» فى هذا التوقيت، وكتشجيع للمواطنين فى كافة أنحاء القاهرة على الذهاب لمصر الجديدة، كان «إمبان» يعطى كل راكب مترو إلى مصر الجديدة تذكرة مجانية ل«لونا بارك» وهو أول ملاهٍ مائية فى القاهرة وكان موجوداً مكان سينما روكسى، بالإضافة إلى مجموعة من المدارس الخاصة مثل: «الجيزويت» و«الساكر كير» و«الإنجليش سكول»، أما مكان منطقة الميريلاند حالياً فبناها «إمبان» لتكون سباقاً للخيول، بالإضافة إلى بنائه لعدد من الكنائس والمساجد.[Image_2] جمعية الحفاظ على تراث مصر الجديدة التى تم إطلاقها بعد نجاح الدكتور عمرو حمزاوى فى الانتخابات البرلمانية لسنة 2011، وتهدف لخلق جودة حياة لقاطنى مصر الجديدة، من خلال تجمع خبراء متخصصين ومتطوعين فى مختلف المجالات لخلق وتحقيق رؤية قصيرة وطويلة المدى تؤثر على طريقة الحياة التى نريد أن نراها فى مصر الجديدة، عن طريق العمل فى ثلاثية تجمع المسئولين التنفيذيين، مع القطاع الخاص، مع المجتمع المدنى حول رؤية واحدة، ويقول شكرى: «إحنا كشباب فى الثلاثينات شفنا جمال مصر الجديدة، قبل الزحمة غير الطبيعية، والجناين التى لم تعد موجودة، مفيش تخطيط فى إيه اللى بيتبنى، وجودة الحياة مش موجودة، عايزين مصر الجديدة بالطريقة اللى إحنا كبرنا فيها، وعايزين نثبت أن المجتمع المدنى لو اشتغل مع الأجهزة التنفيذية ممكن نرجع لمصر الجديدة رونقها». من أهداف المبادرة أيضاً تحويل قصر البارون «إمبان» إلى متحف يحكى تاريخ مصر الجديدة، والحفاظ على المبانى التراثية التى تتعرض للهدم، كذلك عمل جولات سير فى شوارعها بغرض السياحة والتعريف بجمال المكان. أخبار متعلقة: «مصر» التى كانت «جديدة» بيت «جمال عبدالناصر»في منشية البكري.. حلم المتحف الذى لم يكتمل الكوربة.. واحة على الطراز البلجيكى مترو مصر الجديدة.. «زقزوقة» لأصحاب المزاج وطلبة المدارس الثورة فى زيارة خاصة ل«مصر الجديدة» والفضل ل«مرسى» "اللي بني الحي كان في الأصل بارون" فى رسالة ماجستير عن «الضاحية البعيدة»: سكانها يركبون العجل ويتنزهون فى «جروبى» و«أمفتريون» حديقة «الميرلاند» التى تحولت لأطلال تحتضن العشاق من «الشهبانو» إلى «الحسين بن طلال».. ميدان «تريومف» يتحدى الحكومة