"أنتظر أحياناً 8 ساعات للتزود بالسولار..أكاد أموت من التعب"، عبارة يقولها سائق الميكروباص، أشرف كامل، معلقاً على أزمة نقص السولار أو الديزل المتزايدة في مصر، والتي ضاعفت من أعباء المواطنين والاقتصاد المتراجع أساساً، حيث أن مصر تعاني من أزمة نقص شديدة في هذا النوع من الوقود المستخدم للشاحنات وعربات النصف نقل والحافلات الصغيرة (ميكروباص)، التي تعد عماد النقل في الاقتصاد المصري، وتمتد الأزمة بطول البلاد وعرضها مخلفة طوابير طويلة من هذه العربات أمام محطات الوقود. وقال كامل، 36 سنة، بينما يقف إلى جانب حافلته الصغيرة منذ أربع ساعات في منتصف طابور طويل للسيارات بانتظار التزود بالوقود: "أعمل الآن يوماً ثم أتزود بالوقود طوال اليوم التالي، لقد انخفض دخلي إلى النصف بسبب هذه الأزمة"، وقال السائق محمد رجب، 32 سنة: "أحياناً كثيرة أنتظر أربع ساعات، ثم يبلغونا أن الوقود نفد"، وتابع: "حينها قد أبات ليلتي أمام المحطة بانتظار دوري". وتتزايد حدة الأزمة في صعيد مصر، حيث تمتد طوابير الشاحنات لمسافات تقدر بالكيلومترات، وقال سائقون في محافظة الأقصر، أنهم أحياناً يقضون يومين في انتظار التزود بالوقود، وتتسبب الطوابير الطويلة للسيارات في محطات الوقود داخل المدن وعلى الطرق السريعة، في إعاقة حركة المرور بشكل كبير، كما تسبب اختفاء حافلات الميكروباص، التي تخدم كل أحياء العاصمة المصرية، عجز آلاف المواطنين عن قضاء مصالحهم، فقد دخل سائقو هذه الحافلات الصغيرة في إضراب، الأحد الماضي، للمطالبة بتوفير الديزل، كما قطع بعضهم طرقاً ومحاور مرورية هامة للفت انتباه الحكومة إلى مشكلتهم. وقال السائق ياسر الطحاوي، بانفعال شديد: "أضربنا عن العمل، لكن أحداً لم يسمعنا، الحكومة لا تشعر بنا". ويؤكد السائق محمد عاطف، أنه يضطر إلى شراء احتياجاته من السولار من السوق السوداء بضعف الثمن، ما جعل دخله يتناقص بمقدار النصف ليصبح عاجزاً عن تسديد أقساط شاحنته. والغضب الناتج عن ساعات الانتظار الطويل يولد خلافات حول ترتيب الوقوف في الطوابير فتتحول إلى مشادات حادة، وأحيانا تكون دامية، فمنذ عشرة أيام، أدت مشاجرة من هذا النواع في محافظة الشرقية (دلتا النيل)، إلى مقتل شخصين وإصابة 15 شخصا آخر. من جهة أخرى، أدى نقص السولار إلى توقف الكثير من مخابز الخبر "البلدي"، وهو الجزء الرئيسي من طعام المصريين اليومي، عن العمل بسبب نقص الديزل وخصوصاً في محافظات عدة بالصعيد، ويشكو كثير من المزارعين عدم قدرتهم على الحصول على الديزل اللازم لتشغيل المعدات الزراعية المستخدمة في الري والحصاد. وأرجع وزير البترول أسامة كامل الأزمة إلى "تهريب كميات كبيرة من الديزل وبيعه في السوق السوداء"، لكن محمد درديري، مدير محطة لبيع الوقود في حي مدينة نصر (شرق القاهرة)، قال: "هذا غير صحيح، الكميات التي تصلنا قلت بمعدل الثلثين تقريباً، فأنا أستلم الآن 10 آلاف لتر بدلاً من 35 ألفاً، وهو ما لا يكفي". وقال خبير في قطاع البترول، طلب عدم الكشف عن هويته، إن "التهريب يلعب دوراً هامشياً في الأزمة"، ويقول خبراء أن مصر تستورد نحو 40% من احتياجاتها من السولار من الخارج، كما تدعم أسعار المشتقات البترولية، ومن بينها الديزل بنحو 70 مليار جنيه (10,3 مليار دولار أمريكي) سنوياً، أي ما يمثل نحو 8% من الموازنة العامة للدولة. وتعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة، انعكست خصوصاً في تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى "مستوى حرج"، بحسب البنك المركزي حيث انخفض إلى نحو 13.5 مليار دولار في نهاية يناير الماضي، ويعتقد رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن أساس الأزمة هو عدم وجود سيولة نقدية لدى الحكومة المصرية لتمويل شراء الديزل بسبب تراجع الاحتياطي النقدي". وقال خبير في قطاع الوقود، طلب عدم ذكر اسمه، إن الحكومة قررت أن تستورد على نحو عاجل كميات من الديزل، ما سيسمح بانفراج الأزمة قليلاً خلال الأيام المقبلة، ولكن الأزمة ستستمر طالما استمر الوضع الاقتصادي على حاله.