دعت صحيفة "الجارديان" البريطانية مجلس الأمن الدولي لضرورة اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتفادي حدوث كارثة إنسانية جديدة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بالسودان، تنذر بتحولهما إلى دارفور أخرى. وأكدت الصحيفة، في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم، أن دارفور تمثل مرادفا لأكثر الصراعات الحديثة وحشية، لذلك فإن العالم بات في أمس الحاجة لقيادة عالمية موحدة لمنع حدوث كارثة إنسانية من صنع الإنسان، وتمهيد الطريق نحو إحلال السلام في المنطقة. ولفتت إلى أنه قبل عقد من الزمن شنت الحكومة السودانية عملية عسكرية ضد الجماعات المسلحة في دارفور، ما أدى بطبيعة الحال إلى مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد ثلاثة ملايين، الأمر الذي وصفته لجنة الأممالمتحدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بأنه "جرائم ضد الإنسانية". وقالت الصحيفة: "بزغ نجم بعض الجماعات الإرهابية هناك، ما أدى إلى نزوح العديد من السودانيين، فيما واجه الأطفال العديد من الأمراض نتيجة إصابتهم بسوء التغذية الحاد، محاولين الحصول على العلاج من قبل المنظمات الدولية، مثل منظمة أطباء بلا حدود، نظرا لأن الصراع المسلح قضى على كافة المحاصيل، واصفة ذلك بالمشهد القاتم الذي يجب تفادى حدوثه مرة أخرى. وأشارت إلى أنه برغم ما تواجهه دارفور اليوم من مظاهر البؤس الشديد وتصاعد حدة أعمال العنف وتزايد أعداد الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات الغذاية ليصل إلى ثلاثة ملايين شخص، يبدو أن الحكومة السودانية مستمرة في مسلسل العنف من استخدام نفس التكتيكات الوحشية منذ 18 شهرا كذريعة للقضاء على الجماعات المسلحة ولكن في جزء آخر من السودان. وتابعت الصحيفة البريطانية أن "ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق هما جزء من أكبر بلدان القارة السمراء غير معروف لكثير من الناس، إلا أنهما قد يشتهران بوصفهما دارفور أخرى ما لم تتخذ دول العالم كافة الإجراءات اللازمة لتفادى حدوث ذلك"، مشيرة إلى أنه "كما هو الحال في دارفور، تم محاصرة المدنيين في المنطقتين والغالبية العظمى من الأطفال والنساء وسط تبادل لإطلاق النار، في ظل استمرار الحرب المسلحة السودانية بعيدا عن أنظار وسائل الإعلام العالمية". وقالت إنه "في محاولة لإخراج السكان من أراضيهم من خلال التخويف والجوع، منعت الحكومة السودانية تقديم المساعدات الإنسانية إلى المنطقتين، كما استهدفت المدنيين من خلال القصف الجوي العشوائي والهجمات البرية، والهجمات المحددة الوقت التي تهدف إلى عرقلة الزراعة ومواسم الحصاد". وأشارت الأممالمتحدة إلى أن نحو 1.2 مليون شخص فروا من المنطقتين وتأثروا بأعمال العنف، فيما يحذر الخبراء من احتمال أن تواجه أجزاء من المنطقتين مجاعة بحلول أبريل المقبل، لاسيما في ظل استنفاد آليات المواجهة إلى حد كبير، حيث خلصت آخر التقارير الأممية إلى أن اللاجئين مجبرون على تناول الجذور والأوراق والعيش في الكهوف. وشددت الصحيفة على ضرورة التعلم من دروس التاريخ، خاصة مع اقتراب ذكرى مرور عشر سنوات على نزاع دارفور، لافتة إلى أن مجلس الأمن سبق تجاهل الفظائع في دارفور وفشل في الاعتراف بأهمية إنهاء الصراع لإحلال السلام في جميع أنحاء المنطقة، الأمر الذي تمخضت عنه عواقب وخيمة. ونوهت بإمكان تكرار مثل هذا السيناريو مرة أخرى إذا لم يخرج مجلس الأمن من "قوقعة الصمت" على معاناة أبناء المنطقتين، وينجح في الحصول على دعم لقراراته بشأن الصراع، فضلا عن عدم وضع قوته السياسية وراء خطط الاتحاد الأفريقي لإنهاء هذه المعاناة.