لا شىء فى جسدك بإمكانه أن يحملك و«يصلب» طولك سوى «العمود الفقرى».. افقأ عينيك وستمشى حتى لو سحبك عزيز أو تحسَّستَ الطريق.. ازرع كبداً أو كلية أو دعامات فى القلب، وستعيش.. ولكن، تُرى لو نزعوا عمودك الفقرى، هل تستوى الحياة؟!.. ارمِ حملك على الظهر، بشرط أن يكون «العمود الفقرى» مستوياً..! مصر ليست بدعة بين الأمم.. لها عمود فقرى واحد.. قد تصاب بوهن عام.. بضعف فى البصر والبصيرة.. بضربات قلب سريعة.. بإنزيمات كبد مرتفعة بفعل «السموم» التى تجرى فى العروق.. بالتهابات مفاصل، لأن الذين يحكمون ويعارضون لا يحبونها أكثر من أنفسهم ومصالحهم الخاصة.. بضعف فى السمع أو حتى «صمم»، فلا تتناهى إلى أسماع «الحاكم» هتافات الغاضبين.. غير أنها ستبقى قوية.. وقادرة على الوقوف من جديد، إذا حافظت على «عمودها الفقرى».. الجيش.. نعم الجيش.. ومن يغضب يشرب من مياه قناة السويس..! عمودنا الفقرى لا يزال «صلباً»، فإذا كان المجلس العسكرى السابق ارتكب أخطاء فى المرحلة الانتقالية، فإن الانصاف يجعلنا نفصل بين الأداء السياسى لأعضاء المجلس فى مرحلة صعبة وأبناء القوات المسلحة الذين حرروا الأرض، وستروا العرض، وسكبوا دماءهم طوعاً وعقيدةً على خريطة مصر العريضة! أسألك الآن: هل بإمكانك الشعور بالأمان ووجود «ظهر» يحمينا جميعاً من الفوضى والضياع سوى قواتنا المسلحة.. ابنك وأخى وغيرهما، الذين يختارون الاستشهاد لتوفير لحظة آمنة على «وسادة» النوم ليلاً لوطن كامل.. هل لديك شك فى أنهم المؤسسة الوطنية الوحيدة التى لم يطُلها التخريب والفساد والترهل، هل اهتزت ثقتك فى أن بقاء المؤسسة العسكرية قوية وفى منأى عن الخطايا التى يرتكبها الجميع فى حق البلد، إنما هو الضمانة الوحيدة لإنقاذنا فى أى لحظة من أخطار محدقة تدبرها لنا أطراف عديدة على الحدود، ومخاطر جسيمة تهدد الجبهة الداخلية، فى ظل هذا الصراع الجنونى على السلطة والاستحواذ والتزاحم والتكالب على جثة شعب كامل؟! أجب عن هذه الأسئلة بضميرك الوطنى وبإحساسك الراهن بالخوف على اليوم والغد.. ثم فكّر معى فى إجابة عن السؤال الأخطر: لماذا تتعمد أطراف سياسية ما تسريب ونشر شائعات حول القوات المسلحة والإطاحة بقياداتها؟!.. لماذا فى هذا التوقيت بالتحديد، وبهذا الأسلوب المنظم، وكأن قضية مصر الآن هى الجيش، رغم أنه المؤسسة الوحيدة المتماسكة والقادرة على إنقاذ البلد من أى مصير مجهول وغامض ومرعب؟! سأقول أنا لك: الحقيقة الثابتة أن مصر شهدت خلال العامين الماضيين محاولات قذرة وناجحة بامتياز فى تخريب وتدمير جميع المؤسسات باستثناء المؤسسة العسكرية.. كان المخطط يقضى بإرجاء «ضرب الجيش» من داخله وفى المجتمع من حوله إلى المرحلة الأخيرة من خطة إسقاط «الدولة»، والآن.. والآن فقط.. حان -فى المخطط القذر- وقت ضرب العمود الفقرى، وبعدها لن تجد مصر ولن يجد شعبها «قشة» واحدة يتسنّد عليها، فإذا انهار «العمود الفقرى» بقوته وتماسكه.. قُل على مصر السلام..! إلى الفريق عبدالفتاح السيسى.. إلى قادة قواتنا المسلحة.. إلى الضباط والأفراد والجنود.. إلى المؤسسة العسكرية الوطنية الصامدة: لا يهزنّكم ريح الشائعات المغرضة والمدبرة.. فأنتم «عمود مصر الفقرى».. وليس من بعد الله بعزته وجلاله ورحمته بمصر وأهلها سوى جنود عاهدوا خالقهم سبحانه وتعالى على حماية أطفال ونساء وشيوخ ترتعد أوصالهم ليل نهار خوفاً من المستقبل!