دون ضوضاء أو ثرثرة كلامية، وليس بمعزل عن الأنين المجتمعى وسخونة الأحداث، يطوى طبقات حزنه بين ضلوعه.. فالصورة تتشح بالسواد، «شريف السمرى»، صاحب محل كماليات سيارات، انغلق على نفسه، ناصبا حالة حداد على فقيده الغالى «مصر» -حسب قوله- ناقلا حاله إلى الجميع بلافتة سوداء كتب عليها «حداد على مصر». فى شارع النيل بمنطقة جراج إمبابة، أعلن «السمرى» طوارئ الحزن بلافتة قماش سوداء إلى جوار لافتة مشروعه الصغير، المظاهرات والعصف السياسى أصابت «الرجل الأربعينى» بالإحباط والتشاؤم: «خلاص حال البلد دى مش هيتعدل أبدا»؛ فالأزمة الاقتصادية رغم تأثيرها على نشاطه التجارى لا تقلقه بقدر الوضع السياسى المضطرب.. موضحا: «الحال الاقتصادى ممكن يتعدل قريب لكن سياسيا مصر بقت تاكل فى بعضها وما حدش سايب التانى»، حالة التربص وتصيد الأخطاء بين القوى السياسية وجماعة الإخوان أزعجت «السمرى» وخيبت آماله فيهم: «ما حدش قلبه على البلد، كلها أمور ومصالح شخصية».. بلهجة تؤكد إجادته للتاريخ المصرى يؤكد مستنكرا: «إحنا خلاص رجعنا لعصر المماليك تانى». يتمسك «السمرى» بحالة الحداد لحين إشعار سياسى آخر: «مش هشيلها غير لما أحس إن جو البلد بدأ يهدا واشوف صلاح حقيقى وإتقان للعمل».. لهجته التشاؤم تعود مرة أخرى فى قوله: «بس إحنا كده هنعيش فى مظاهرات لغاية ما نموت»، حالة السخط تتضاعف لدى «محمد عيد» -عامل بالمحل- معتبرا أن مصر تسير فى طريق الهاوية: «الجملة اللى كاتبها المعلم معناها كبير قوى». «البضاعة غليت والزبون قل والعيشة بقت زفت».. قالها بتعبيرات وجه حزينة.. همّه مادى يختلط بالقضية السياسية: «حسنى مبارك كان حرامى لكن الناس كانت عايشة على الأقل، لكن دلوقتى البلد فعلا ماتت زى ما قال المعلم»، قائلا عن منطقته التجارية: «حال البيع والشرا واقف، والواحد لو باع غطيين عربية وعرّاقة فى اليوم يحمد ربنا».