تتفق الآراء والقوانين والأعراف على أن المسئولية الأولى فى أى دولة كانت، تقع على رئيسها حتى لو كان الأمر يتعلق بسقوط طفل فى «بلاعة»، وبالتالى فإن المشهد المخزى والمحزن والمشين والجديد فى التاريخ المصرى، وأعنى به مشهد جنود من الأمن المركزى وهم يجرِّدون مواطناً من ملابسه، بما فى ذلك «ورقة التوت»، ويتسابقون إلى سحله على الأرض بوحشية وسادية تندرج فى إطار الممارسات النازية، وربما قبلها فى العصر الحجرى. هذا المشهد هو وصمة فى جبين الرئيس أولاً وبعد ذلك فى جبين وزير الداخلية الجديد الذى كنت -واتساقاً مع المادة 36 من الدستور- أتوقع أن يُبادر إلى تقديم استقالته فور بث واقعة السحل والتعذيب «العارى»، التى لفتت نظر العالم أجمع؛ ولكن خاب ظنى، وما زلت فى انتظار ألا تطول الخيبة وقد تنجلى حقائق كثيرة، منها على سبيل المثال ما يطوف بذهن البعض من وجود مخطط إخوانى لتشويه صورة الشرطة التى لم تغتسل تماماً بعد من مظاهرات يناير 2011، وحتى تقفز ميليشيات جماعة الإخوان على مفاصل هذا الجهاز الحيوى، الذى يعدّ مع الجيش دعامتى كيان الدولة المصرية القائمة على المؤسسات.. وإذا كان بعض الظن إثماً فإنه ليس كل الظن إثماً.. فى أى دولة كان مثل هذا المشهد العار كفيلاً بخروج الرئيس ليُعلن موقفه منه، وحتى لا يفقد الشعب ثقته فى مصداقية بقية مواد الدستور الذى مرّ بأصوات 20% من الناخبين الذين لهم حق التصويت.. ويجب ألا ينسى الدكتور مرسى أن أغلبية البسطاء المصريين انتخبوه على أساس أنه «رجل بتاع ربنا»، وقد تموج صدورهم الآن بالشكوك إذا ما قارنوا بين النظام السابق وعدم وقوع مثل هذا الفعل المشين فى عهده وبين ما شاهدناه فى ظل حكم الدكتور مرسى بحيث يكون «رأس الذئب الطائر»، وعلى المعارضين أن يتوقعوا مصيراً مثل مصير مسحول «الاتحادية»، خصوصاً تعريته!!! إن هذا المشهد سيظل فى سجل الدكتور مرسى وتاريخه مهما كانت المماطلة التى يتبعها منهجا.. فمثلما لم نسمع شيئاً عن كل الجرائم السابقة، لا سيما استشهاد 16 من جنودنا بأيدى آثمة فى سيناء، والذى قال د. مرسى إنه سيتابع التحقيق فى الحادث المفجع بنفسه، فلن نصل إلى التسلسل الذى أطلق للعنف الوحشى العنان فى التعامُل مع المواطنين، فرئيس الدولة سيقول إنه طالب بالتعامل مع «المخربين!!؟؟» بحسم وهو ليس مسئولاً عن فهم وزير الداخلية لتعليماته.. والوزير سيدّعى أن الضابط الذى يليه، ويستمر التدحرج حتى نصل إلى الجنود الذين ارتكبوا الجريمة، ويا دار ما دخلك شر.. ولى سؤالان.. أولاً: هل يتصور الإخوان ورئيسهم، أن المواطنين ناكرو جميل، لأنهم يعربون عن غضبهم، رغم أنهم يتمرغون فى النعيم والرفاهية؟ وهل لدى الدكتور مرسى مثال واحد فى التاريخ على قدرة القهر على قمع شعب وإخراسه، خصوصاً وقد قام هذا الشعب بثورة؟ ثانياً: هل وصل إلى أسماع أركان النظام أن «الكرامة الإنسانية» كانت من أبرز مطالب الثوار؟ قبل أن تطالبوا بوقف العنف، طالبوا بإزالة أسبابه!!