ميدان التحرير يزدحم، وشارع قصر العينى يضج بالفوضى، وكوبرى قصر النيل أغلق بفعل الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين، ووسط كل ذلك لم يفكر منصور خلف «بائع فى ميدان التحرير» فى مصلحة البلد، وقرر أن يبيع أقنعة سوداء رغم علمه بأن الشباب يستخدمها فى أعمال العنف، هرباً من ملاحقات رجال الشرطة لهم. على طرف صينية ميدان التحرير جلس يدخن سيجارة، غير مبالٍ بالأحداث المشتعلة التى تحدث حوله، رافضاً تحمل جزء من مسئولية ما يحدث بقوله: «وانا مالى؟ أنا جاى أسترزق وبس». الرجل الثلاثينى الذى يعمل «ترزياً» لم يجد وسيلة للربح بعد توقف عمله فى مصنع الملابس الذى كان يعمل به منذ أربعة أشهر سوى اللجوء لميدان التحرير ليصبح واحداً من الباعة الجائلين المنتشرين فيه، بل أشهرهم، لتخصصه فى بيع «الأقنعة السوداء». «الثورة وقفت حالى كنت بكسب فى اليوم 170 جنيه، وأنا عندى 4 عيال أصرف عليهم منين؟ اللوم مش عليا اللوم على اللى ماسك الدولة ومش عارف يديرها».. بهذه الكلمات رفض «منصور» إلقاء اللوم عليه، مشيراً إلى أن الأطفال الصغار والصبية هم الأكثر إقبالا على شراء أقنعته: «مصر بتتحرق، ومفيش حد قلبه عليها، يبقى انا اللى هيبقى قلبى عليها». الأقنعة التى يبيعها «منصور» ب10 جنيهات للواحد، جاءته فكرتها بالصدفة خلال عمله ترزياً، عندما جاءه زبون يعمل بإحدى الشركات السياحية بالغردقة، وطلب منه تصنيع عدد كبير من الأقنعة لحماية الوجه خلال رياضة التزلج على الرمال، ليقرر أن تكون هذه الأقنعة هى منتجه الجديد، الذى يبيعه فى ميدان التحرير فى الذكرى الثانية للثورة، خاصة بعد ظهور جماعة «البلاك بلوك» التى تغطى وجهها بقناع أسود.