يمينى متعصب.. جمهورى متشدد.. هكذا تقول هويته السياسية. جنرال مقاتل.. خاض حرب فيتنام.. شاهد الموت.. وتعرض للأسر.. هكذا تقول هويته العسكرية. وبين الهويتين يمكنك بسهولة قراءة شخصية السيناتور الأمريكى «جون ماكين»، الذى حضر إلى القاهرة على رأس وفد من الكونجرس لمقابلة أركان الحلبة السياسية المصرية.. معارضة وموالاة.. مسئولين مدنيين وعسكريين.. هكذا كانت أجندته فى الزيارة الراهنة التى يسعى من خلالها إلى أن يعود إلى بلاده ومعه قراءة واضحة «للطالع المصرى» قبيل 25 يناير المقبل، الذى تحاول الولاياتالمتحدة معرفة عنوانه الحقيقى؛ هل هو ثورة أم احتفال؟ كان ماكين من أكثر الشخصيات الأمريكية المؤيدة للحرب التى خاضها بوش الابن على العراق، وحاول أن يخلفه فى المنصب، ودخل المعترك الانتخابى أمام باراك أوباما فى 2008 وخسر، ولكنه لم يبتعد عن الساحة السياسية من خلال دوره كسيناتور فى مجلس النواب عن ولاية أريزونا. تجد اسمه بارزا فى جميع الملفات التى تخص الشرق الأوسط، تلك المنطقة التى تجمعت أوراقها فى ذهن السياسى العجوز منذ أن كان طياراً مرابطاً على متن حاملة طائرات أمريكية فى الشرق الأوسط قبيل حرب فيتنام. وفى مطلع 2012 ومع إعلان السلطات المصرية عن قضية تمويل منظمات المجتمع المدنى الأجنبية، التى شملت بين المتهمين عددا من الأمريكيين، أعلن ماكين أنه سيتصدى لهذا الملف.. وبينما كانت القاهرة تعلن أنها لن تركع لضغوط الولاياتالمتحدة.. أعلن ماكين من واشنطن أنه سيذهب إلى القاهرة لا لكى يستجدى السلطات المصرية ولكن لكى يطلعهم على العواقب! وحضر ماكين والتقى المشير طنطاوى والتقى المسئولين فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى.. ولكن كان اللقاء الأهم مع المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.. ذهب إليه ماكين فى مكتبه، وظل هذا اللقاء لغزا إعلاميا وسياسيا فى مختلف الأروقة المصرية إلى أن تمت التسوية وغادر المتهمون الأمريكيون مصر دون محاكمة، ليلقى ماكين بقنبلة فى الساحة المصرية بتوجيه شكر معلن إلى جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها على الدور الذى لعبوه فى إنهاء هذا الملف. قال فى بيان أصدره فى الثانى من مارس من العام الماضى: «أقدم الشكر لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية الحرية والعدالة.. إن بيانهم فى العشرين من فبراير الماضى كان مهما فى حل الأزمة»، وهو الأمر الذى أسعد الإخوان وأزعجهم، فحاولوا تبرئة أنفسهم من الصفقة التى تمت مع وفد ماكين. والآن يعود السيناتور ماكين مجددا إلى مصر، ولا أحد يعرف ماذا تحمل جعبة جنرال «التركيع» من صفقات، ومن هم أبطالها.