«اللى جاى على قد اللى رايح، وآدينا عايشين».. يلخص عمال مصنع سجاد المحلة، الذى تخصص فى إنتاج سجاد «أوبيسون» اليدوى النادر، معاناة عمال مصر اليومية فى ظل سوء الأوضاع الاقتصادية. تنثنى ظهورهم ساعات طويلة أمام الأنوال دون كلل، ليتقاضوا جنيهات قليلة، لا تكفى عيشة كريمة، قبل أن يحرمهم الركود من تلك الجنيهات بسبب عجز المبيعات عن تغطية التكاليف، ما دفعهم للصراخ: «عاوزين نعيش يا ريس». بلال شفيق البدراوى، أحد العمال، يؤكد أنه وزملاءه بلغوا حد اليأس من الحياة، مع تضاؤل المرتبات عن كفاية طعام أبنائهم، ويقول: رفعنا مذكرات عاجلة إلى الدكتور أحمد عبدالظاهر، رئيس اتحاد العمال، والدكتور أحمد البرعى، وزير القوى العاملة السابق، شملت طلباً رسمياً بضرورة ضم المصنع لشركة غزل المحلة، لتحسين أوضاعنا، دون جدوى. خضرة حسنى فتيح، إحدى العاملات، 35 سنة، تقول إن مرتبها لا يتجاوز 650 جنيهاً، ما أجبرها على حرمان طفليها من استكمال التعليم؛ لأن زوجها عامل باليومية ولا يزيد أجره على 400 جنيه، مشيرة إلى أن دخل الأسرة كله ينفد قرب نصف الشهر، ما يدفعها للاقتراض واللجوء لمساعدات الأهل. وتقول بأسى: لست قادرة على تجهيز بنتى الوحيدة، ما جعلنى أرفض العرسان لتجنب أى عبء جديد على عاتقى. وتقول صدفة أحمد العطار، 32 سنة: «قبضى 600 جنيه وعندى 3 أولاد، ومش قادرة أعيش أنا وجوزى، بسبب حالته المرضية السيئة، ومصاريف البيت من دروس خصوصية أدفع فيها 200 جنيه شهرياً، غير مصاريف علاجى؛ لأنى مصابة بربو مزمن، وده بيكلفنى 150 جنيهاً»، مشيرة إلى أنها تقدم على شراء حاجات البيت من الس لع التموينية من أحد محلات البقالة بقرية الهياتم، التى تقطن بها، بالتقسيط، على مدار الشهر من باب الله، ومن خلال دعم الأهل، إضافة إلى عبء تجهيز ابنتها الكبرى المخطوبة حالياً. الزوجان ناجى فتوح وسعدة رشاد بدآ حياتهما فى المصنع فى الثانية عشرة من عمريهما، كانت القروش تكفيهما صغاراً، وبعدما كبرا تمكنا من الزواج قبل أن تدور الأيام ويصرخا طلباً للرحمة، بسبب طلبات أبنائهما اليومية التى لا تجد من يلبيها. تعانى أسرة ناجى وسعدة الغلاء وتكاليف الدروس الباهظة، التى تتخطى حاجز ال200 جنيه شهرياً، بخلاف 400 جنيه إيجار الشقة التى يسكنونها. ولفت الزوجان إلى أن مرتبهما معا لا يتجاوز ال600 جنيه شهرياً، مبينين أن الله رزقهما ب3 أولاد: أشرف، 12 سنة، وياسمين، 8 سنوات، وحمدى، 3 سنوات. تضيف سعدة: «كسوة أولادنا من العيد للعيد بالقسط، والدواء بالقسط أو بالسلف من الجيران، من أجل إنقاذ حياة أبنائنا بسب غلاء ثمنه». ويقطع ناجى حديثها باكياً ليناشد «الريس مرسى» قائلا: «إلى متى ستظل شركة غزل المحلة تحت قيادتك ومصنع السجاد تحت قيادة مبارك وأعوانه؟ عاوزين نعيش يا سيادة الريس، بص للأجور، حلمنا نعيّش ولادنا حياة كريمة، وتكون مستورة يا ريس المصريين». محمد العطار، أحد عمال المصنع، يشير إلى أن المصنع يتبع النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج، ولائحة الجزاءات المطبقة على الجمعية هى نفس لائحة عمال الشركة، متسائلاً: كيف لا تتم مساواة عمال مصنع السجاد والعاملين بالجمعية مثل عمال شركة الغزل فى الحقوق وفى جميع الامتيازات والعلاوات والحوافز الشهرية؟ ويقول شوقى عبدالحميد الفخرانى، مسئول بالجمعية التعاونية بالمصنع: إن العمال يتقاضون أجوراً متدنية، ومجلس إدارة شركة غزل المحلة يحرمهم من البدلات والعلاوات، منذ عام 97. المحاسب فتح الله رزق صالح، مدير الجمعية التعاونية بالمصنع، يؤكد أن المصنع به 500 عامل تخصصوا فى صناعة أجود أنواع السجاد «الأوبيسون»، الذى تستغرق صناعته وقتاً طويلاً، يمر على العمال الذين يعانون نقص الدخل، ولا يتعدى حلمهم إلا إلى الحصول على أجرهم الشهرى، ليطعموا أبناءهم. وأشار إلى أن رفع أجور العمال ومستواهم المعيشى لن يتحقق إلا بدمج المصنع فى شركة غزل المحلة. وناشد الرئيس مرسى النظر لأحوال العمال التى تزداد تدهوراً يوماً بعد يوم، مع عجز السيولة المالية بخزانة الجمعية، لافتاً إلى صعوبة تدبير نحو 500 ألف جنيه شهرياً مرتبات وتأمينات ومستلزمات للإنتاج وضرائب، ما يهدد العمال وأسرهم بالتشرد.