لو كانت أعمدة الإنارة وجدران المبانى وأجسام الكبارى بشراً، لاستغاثت من بركان الدعاية الانتخابية، الذى انفجر فى شوارع مصر، ورغم الاتهام الذى يوجهه البعض للانتخابات الرئاسية بأنها غير نزيهة، فإن الاتهام الأجدر الآن، أنها غير نظيفة، بفضل التجاوزات التى تمت من قِبل أنصار كل المرشحين، أثناء إغراق الشوارع بملصقات وبوسترات يصعب حصر حجمها أو المبالغ المطلوبة لإزالتها. «مصائب قوم عند قوم فوائد».. فى الوقت الذى انتفعت فيه شركات الدعاية، والمطابع المختلفة، والمرشحون أنفسهم، من كثرة الملصقات فى الشوارع، تحمل المواطن البسيط تكاليف إزالتها، حيث تنفق الدولة الملايين من المال العام لتنظيف الشوارع والبنايات المختلفة، ودهان الأرصفة والأسوار، فى ظل تجاهل المرشحين دفع رسوم تأمين إزالة المخلفات، المقدرة ب2000 جنيه لكل حى ومدينة وهيئة. «فى ناس كتير فاهمة الحرية غلط» هكذا بدأ المهندس أحمد على، محافظ الفيوم، حديثه حول ما شهدناه فى الدعاية الانتخابية للمرشحين، التى ستتحمل الدولة بمحافظاتها المختلفة تكاليف إزالتها، خاصة مع تقاعس المرشحين فى دفع رسوم الإزالة، التى أقرتها اللجنة العليا للانتخابات. هناك خطة ستبدأ المحافظة فى تنفيذها فور انتهاء جولة الإعادة لإزالة كل آثار الدعاية، مستعينة بالمواطنين ومراكز الشباب، وبالطبع سيتم تقديم أمور تحفيزية لتنفيذ المهمة فى وقت قصير. المهندس حافظ السعيد، رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، قال: قررت ألا تنتظر المحافظة أى تمويل من أحد لإزالة الدعاية، وأن تتولى كعادتها المهمة، لتأكدها من استحالة تحصيل تلك الرسوم. بالطبع يقدر حجم التكاليف المطلوبة بالملايين، خاصة أن هناك 34 حياً على مستوى محافظة القاهرة تحتاج إلى إعادة دهان أعمدة الإنارة والأسوار والكبارى والأنفاق.. إلخ، متسائلاً إذا كان من لم يفوزوا فى انتخابات الشعب والشورى طالبوا المحافظة برد مبلغ الألف جنيه الذى دفعوه للدعاية الخاصة بهم بعد خسارتهم، فهل سيدفع الآن مرشحو الرئاسة رسوم إزالة الملصقات والدعاية؟ الأمر، فى رأيه، يحتاج إلى إعادة ضبط سلوك الشارع المصرى، حتى يشعر كل فرد أن الوطن ملكه، ولا بد أن يكون دائما فى أبهى صورة.