منذ أن دخل مبارك القفص للمرة الأولى، فى 3 أغسطس 2011، ينتظر أهالى الشهداء اللحظة التى سيقتصون فيها لدماء سالت من أجل حرية شعب وكرامة وطن، ولكن بعد أن استبشروا خيراً حينما سمعوا مبارك يرد على القاضى «موجود يا فندم» من داخل القفص، أصبحت أحلامهم تتلخص فى أن يحصل «المخلوع» ولو على عقوبة رمزية تشعرهم بأن الثورة مستمرة، بدلاً من أن يكتب المستشار أحمد رفعت بحكمه شهادة وفاتها. «سندول القضية».. كانت هذه عبارة السيدة سهى سعيد، زوجة الشهيد أسامة أحمد محمد، شهيد ميدان الجيزة، أثناء مظاهرات جمعة الغضب، موضحة أن هذا هو الحل حال تبرئة حسنى مبارك، مؤكدة أنها ستلجأ لكافة منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، ولن يجدوا مسلكاً غير اللجوء للميدان، مؤكدة أن هناك تواطؤا وتباطؤا وانحيازا شاب المحاكمة، من خلال سيطرة نظام مبارك ممثلا فى القضاة ومجلس الوزراء والنائب العام، قائلة: «شلنا مبارك من القصر وديناه شرم الشيخ ومنها للمركز الطبى العالمى». وقالت زوجة الشهيد، عن عدم وجود أدلة، إنه يجعل إدانة مبارك أمرا صعبا، متوقعة أن تكون أقصى عقوبة ثلاث سنوات، موضحة أن تبرئة ضباط الأقسام فى قضايا قتل المتظاهرين والحكم على محمد السنى ب5 سنوات رغم قتله ل18 شخصا، كانت مقدمة لتبرئة مبارك. وقالت «سهى»، التى وجدت نفسها وحيدة بعد استشهاد زوجها إثر تلقيه رصاصة فى الظهر نفذت إلى كليته ونقل على إثرها لمستشفى القصر العينى حيث وافته المنية، إن المستندات التى تدين مبارك أحرقت، «كان ينبغى محاكمة مبارك فى محاكم ثورية وليست مدنية»، موضحة أن ما يحدث فى مصر الآن من تخطيط المجلس العسكرى، خاصة الانفلات الأمنى، الذى يريدون منه تخويف المصريين من الثورة والثوار، مشيرة إلى رفضها مناداة البعض بمحاكمة المشير، حتى لا يحصن نفسه، مكتفية بضرورة المناداة بخروج الجيش من الحياة السياسية، وأن يعود لثكناته. واستطردت «زوجة الشهيد» بأن شفيق «الرئيس المزعوم»، قال إن مبارك مثله الأعلى، ويجب تكريمه وليس إهانته، قائلة: «تاريخ مشرف مملوء بالفساد والسرطان والثروات المنهوبة والفقر والجوع»، وقالت عن محاكمة مبارك إنها حقوقية وليست انتقامية، وعلى الجميع أن يعطى الحق للشهيد بعد أن حرم منه وهو حى، قائلة: «حسنى مبارك وأولاده جعلونى أرملة، وجعلوا أبنائى أيتاما». وتساءلت «سهى» عن سبب وصف كل من استشهد أمام أقسام الشرطة بالبلطجة، متعجبة من فتح جميع السجون عدا سجن القناطر للسيدات، وتمنت أن ينهى القاضى أحمد رفعت، رئيس المحكمة التى تنظر محاكمة القرن، حياته القضائية كما بدأها. « الحاج على الجنيدى».. يلقبونه ب«والد الشهداء» لأنه تولى رعاية أسر شهداء المدينة الباسلة منذ الثورة وحتى الآن، حزم حقائبه من السويس استعدادا لرحلة التجمع الخامس، برغم أنه توقع، خلال حديثه ل«الوطن»، أن جلسة النطق بالحكم على الرئيس السابق حسنى مبارك، ستشهد تأجيلا من قبل المحكمة. وقال «جنيدى» إن الحكم بالبراءة لن يكون مفاجأة، متوقعا أن تأتى البراءة، حال صدورها، ضمن السيناريو المرتب لإهدار حقوق الشهداء، من خلال سياسات المجلس العسكرى، التى ما زالت تخضع لمبارك نفسه، قائلا: «مبارك ما زال يحكم من خلال المجلس العسكرى وحكومة الجنزورى». بعدما شاهد والد الشهيد، سلسلة البراءات المتتالية لضباط الشرطة فى قضايا قتل المتظاهرين أمام الأقسام، قال إنه لا يصعب الآن أن يحصل مبارك و«حبيبه» العادلى، حسب «جنيدى»، على البراءة، بعدما جاءت حيثيات الأحكام السابقة تقول إن المتظاهرين كانوا عناصر خطيرة، وإن «الداخلية» كانت تدافع عن نفسها، مضيفا: «لنا قصاص ودم ولا بد أن نثأر لكرامتنا وأبنائنا، وسنتخطى مرحلة الاعتصام وقد نصل للصدام». وأضاف: «عندما رأينا «شفيق» فى الإعادة تأكد لنا أن السيناريو الذى أشرف المجلس العسكرى على تنفيذه، أوشك على الانتهاء، بعد أن استعان المجلس بالإخوان والقوى السياسية لتلعب دور المتفرج، أو الكومبارس، فضلا عن سيناريو افتعال الأزمات». الحاج على جنيدى، هو والد الشهيد إسلام جنيدى، الذى لقى مصرعه فى شرفة منزله، حيث يقع المنزل على بعد 40 مترا من قسم الأربعين، وعندما كان «إسلام» يمد المتظاهرين بالمياه، أطلقت قوات الشرطة الرصاص الحى بشكل عشوائى على الجميع، فأصابته رصاصة أودت بحياته. محمد سليمان، طالب فى السنة النهائية بكلية الهندسة، وقع ضحية فى ميدان المرج، ظهيرة جمعة الغضب، وترقد والدته الآن بالمستشفى، بعدما داهمها مرضا الضغط والسكر بعد عام ونصف العام من الفراق، بينما ينتظر الأب والأخ حكما «غير عادل»، حسب وصف أخيه «تامر سليمان» الذى توقع إدانة لمبارك تصل إلى 15 عاما، ولكنه تخوف من قدوم «شفيق» الوشيك لقصر الرئاسة، ما قد يجعل من مبارك رئيسا داخل السجن. وقال الأخ، إنه إذا حصل مبارك أو العادلى على الإعدام، لن نعترض على الحكم وسنرضى، لأننا سنشعر وقتها أن رسالة 1700 شهيد مصرى وصلت. ولكنه أعلن أن أهالى الشهداء قرروا العودة للأب الشرعى للثورة، ميدان التحرير، «إذا قرر القاضى أحمد رفعت أن الثورة «فوتوشوب»، وأن مبارك والعادلى أبرياء من الدم»، مؤكدا أن تدويل القضية خيار مطروح بقوة.