«يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى».. رغم أن هذه هى الشريعة، إلا أن القصاص مصير لم يعرفه أى من حكام مصر من قبل، أما اليوم، فالكل يترقب «حكماً»، قد يحدد مصير شعب بأكمله، فأهالى الشهداء ينتظرون أن يحكم المستشار أحمد رفعت، بما يقر أعينهم، بعد أن فقدوا ذويهم، دفاعاً عن الحرية، وأملاً فى مستقبل أفضل للبلاد. وبالقدر نفسه، ينتظر المصريون من المستشار أحمد رفعت، أن يختم حياته المهنية، كقاضٍ، يخرج على المعاش نهاية الشهر الجارى، بحكم تاريخى، يعيد الثورة إلى مسارها، دون أن يكتب شهادة وفاتها. «حتى إن كان حكم البراءة قضائياً، فسنعود للميدان، الأب الشرعى للثورة».. تلك هى كلمات قوى الثورة، أفصحوا بها عن نواياهم حال تبرئة مبارك، معتبرين أن جرائم مبارك السياسية لا بد أن تدرج ضمن المحاكمة، ولا يكتفى بالجانب القانونى. وتوقع رجال القانون، تأجيلاً لجلسة النطق بالحكم، من قبل المستشار أحمد رفعت قاضى المحكمة، بيد أن كبر سنه قد يحول دون ذلك، نظراً لبلوغه سن المعاش، فيما رأى خبراء العلوم السياسية ضرورة تأجيل النطق بالحكم، لحين الانتهاء من جولة الإعادة، فى سباق الانتخابات الرئاسية، نظراً لأن الساحة السياسية لا تحتمل مزيداً من التوترات. شهور من التأجيل، شهدتها محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك، ونجليه ووزير داخليته وعدد من معاونيه، حملت أحداثاً مختلفة، وشهادات عدة، لا أحد يستطيع القطع بماهية الحكم، إلا أن الجميع موقنون من أن الشعب الذى خرج وقاتل واعتقل واستشهد فى سبيل الحرية، وزج بسجانه فى قفص المحاكمة، قادر على أن يكرر ثورته وقتما أراد. بدأ الأمل فى القصاص، بجلسة 3 أغسطس العام الماضى، عندما ظهر مبارك ممدداً على سرير طبى، داخل «قفص» المحكمة، لتتعالى صيحات أهالى الشهداء، وترقص قلوبهم فرحاً، خارج أسوار المحكمة، قبل أن يقرر المستشار أحمد رفعت التأجيل، ليوم 15 أغسطس، لفض أحراز القضية. المحاكمة شهدت الكثير من المفاجآت، وأدرج ضمن قوائم شهودها كثير من الشخصيات المهمة، أبرزها المشير حسين طنطاوى، والفريق سامى عنان، واللواء عمر سليمان، واللواء منصور العيسوى، واللواء محمود وجدى، الذين مثلوا أمام المحكمة فى جلسات سرية، للإدلاء بأقوالهم.