(1) فجأة تجد نفسك فى السماء. الملائكة شخصياً أمامك ينادون من الكشف على الأسماء فى ترتيب، تسمع اسماً مشابهاً لاسمك لكنك لا ترد. يدخل الجميع الجنة؛ لأن ربنا، سبحانه وتعالى، رحمن رحيم. تسأل عن حكمة ذكر النار ما دام الجميع يدخلون الجنة، فيردون عليك بأن الحكمة هى التخويف، فإن كان الجميع يعلمون بأمر النار وتُرتكب كل هذه الموبقات والشرور والجرائم والحروب والكوارث، فما بالك لو علموا بأنه ليس هناك نار؟ فجأة ينتبهون إليك ويسألونك: لماذا لم تدخل فتكتشف أن اسمك لم يأت. يراجعون الأسماء وقد أدركوا المصيبة، فيجدون اسماً مشابهاً، ويعرفون أنه ليس أنت، وأن عزرائيل قبض روحك ظاناً أنه أنت. لا شىء سيعيدك إلى الحياة مرة أخرى. قُضى الأمر. يعتذر إليك عزرائيل. يصير صديقك. يحكى لك عن قصة حبه لإحدى الحور العين. يستأذنك أن تحل محله فتصبح نائب عزرائيل، بينما يذهب لمقابلتها. تقبض الأرواح بإذن الله، وتتلبس بعض الأجساد أحياناً وتحلم بأن تقبض أرواحاً بعينها؛ لأن أصحابها ولاد 60 كلب! تظل هكذا حتى نهاية الرواية التى كتبها يوسف السباعى فى الأربعينات وتسأل نفسك: ماذا سيحدث لو كانت هذه الرواية صدرت الآن؟ (2) ينظر المصريون للدين أصلاً باحترام، ويعتبرونه (يسر) مش (عسر)، ومن أسباب الحياة وليس من طرق الموت وكره العيشة واللى عايشينها. حتى سعادتك لو لم تكن متديناً و«مابتركعهاش»، فإن صلاة الجمعة هى الموعد الذى تحافظ عليه مهما كانت العوائق والوسوسات، ستدخل إلى محل عصير القصب فتجد صاحبه قد كتب على حوائطه «وسقاهم ربهم شراباً طهوراً».. ستذهب إلى ترزى فتجده يعلق الآية الكريمة: «وكل شىء فصلناه تفصيلاً»، ستدرك أن الحانوتى يتفاءل بالآية الكريمة: «كل من عليها فان»، وستندهش حين تجد النتيجة التى علقها الفكهانى مكتوباً عليها «وفاكهة وأبًّا»، ومن المؤكد أنك ستنتبه فى المرة القادمة وأنت تشترى الفراخ من الفرارجى الذى كتب «ولحم طير مما يشتهون». صحيح أنك تعطى الشاى للموظف الذى يفتح درجه وأنت تطبق فى يدك ورقة بخمسة، لكن هذا لا يمنع الموظف نفسه من وضع الآية الكريمة: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» على مكتبه، ولا يمنع الحرامى المختبئ من الشرطة أو الطالب الذى يغش فى الامتحان من أن يتمتموا بمنتهى الخشوع «فأغشيناهم فهم لا يبصرون». إذا ألقى بك حظك المنيل -لا قدر الله وبعد الشر- إلى أحد المستشفيات الحكومية، ستجد الآية: «وإذا مرضت فهو يشفين» فى كل مكان، وهى الآية التى تجعل الطبيب مطمئناً وهو يخبرك: «إحنا عملنا اللى علينا لكن الحاجات دى بتاعة ربنا.. شد حيلك»، وفى بعض المطاعم تجد «وكلوا واشربوا»، لكنك أبداً لا تجد «ولا تسرفوا»، ما أريد أن أقوله يا صديقى إن الإسلام موجود.. بس احنا اللى «مسلمين صينى».. لذلك أشعر بأن الآية التى تتسق مع ما يحدث فى مصر هى قوله تعالى: «كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب». الرحمة من عندك يا رب.