داخل قاعة الكلمة بساقية الصاوي، جلس رسامو الكاركاتير يتحدثون بغضب عن استبعاد بعض الصور من المعرض والتي وصفوها بأنها تنتقد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي. على الجدار الطويل الممتد داخل القاعة لصقت صور الكاركاتير، بعضها بالأبيض والأسود والأخرى ملونة، ولا يوجد أي بوستر كبير يدل على أن الصور المعلقة على الحائط نشرت ضمن معرض، لاسيما ورقة صغيرة علقت على الحائط بجوار مدخل القاعة كتب عليها "معرض حصاد الكاركاتير 2012. وقف محمد الصباغ، منسق المعرض هذا العام ورسام كاركاتير، ينظر على الحوائط التي وصفها بالخالية من الصور، وأشار إلى جدار فارغ تماما لا يحمل أي صور، في حين أن الجدار المقابل له به صف واحد ممتد بعرض الجدار. وقال ل"الوطن"، عندما جمعت أعمال الفنانين الخاصة بالمعرض كان عددهم حوالي 500 لوحة، وأشرفت على تعليقهم مع مسؤول المعرض طارق زايد، الذي لم يبدِ أي اعتراض على كل اللوحات، وبعد أن انصرفت وقبل افتتاح المعرض تلقيت مكالمة هاتفية من أحد المسؤولين بالساقية أبلغني أنهم تلقوا تهديدا، وأنه يجب إزالة الصور التي تنتقد جماعة الإخوان المسلمين. وفي اليوم التالي، وجد بعض اللوحات قد تم استبعادها وأصبح المعرض "شبه فارغ"، حيث استبعدت أكثر من نصف الأعمال المشاركة، ونظرا لوجود راعٍ رسمي للمعرض لم يستطع أي من الفنانين أن يتخذ موقفا حتى يمر الافتتاح بسلام، والذي تزامن مع أول أيام العام الجديد الثلاثاء الماضي. ومعرض حصاد الكاركاتير ينظم كل عام في ساقية الصاوي وضيفه هذا العام هو شهيد الصحافة الذي استشهد في أحداث الاتهادية نوفمبر الماضي، تم تنسيق الصور بحيث وضعت صور الحسيني كلها في مدخل المعرض. وأكد الصباغ أن جميع الصور التي انتقدت الرئيس تم استبعادها، هذا بخلاف رسومات أخرى تنتقد جماعة الإخوان المسلمين، نافيا أن تكون الرسومات دون المستوى أو طباعتها ردئية كما قيل. وصف ما حدث أنه معادٍ للديمقراطية، وأنه لا يحق للساقية أو المسؤول عن المعرض التدخل في اللوحات المشاركة فنيا، وأنه لا يعقل أن 100 لوحة يتم حذفهم وجميعهم ضد الإخوان. ويرى أن موقف الساقية الآن يعني أن باب الحرية لديها أصبح مغلقا وعلى الفنانين البحث عن أماكن جديدة لإقامة المعارض. الفنان هاني طلبة أبدى استياؤه بشدة من استبعاد بعض الصور، خاصة وأنه تأكد من منسق المعرض أنه تم تعليق كافة الرسومات، لكنه عندما ذهب في الافتتاح وجد أنه تم حذف حوالي 90% من أعماله تم استبعادتها. وبعد يومين سمع في التلفزيون أحد المسؤولين عن الساقية، قال إن الأعمال المستبعدة "دون المستوى"، متعجبا من أن تدخل إدارة الساقية تقييم الأعمال، لأن هذا ليس دورهم، وعليهم فقط أن يسلموا لنا القاعة دون أن يتدخلوا في نوعية الأعمال. وفي رأيه أن أعماله تم استبعادها لأن بها "نقد لاذع"، ووجه خطابه لمؤسس الساقية عبد المنعم الصاوي قائلا: "لو هو خايف لا يدعونا من البداية لإقامة المعرض"، وقرر أنه لن يشارك في أي معارض بالساقية مرة أخرى بعض هذا الموقف. أما الرسام حسن فاروق، فهو يري أن الصاوي يقع تحت ضغط لأنه أحد المشاركين في وضع الدستور الذي انتقدته معظم الرسومات التي تم حذفها، وأنه مسؤل المعرض طارق زايد هاتفه تلفونيا وأبلغه أنه سيتم استبعاد بعض الرسومات، ولكنه استخدم طريقة مواربة أبلغني بها "أنهم مضغوطين وأننا يجب أن نقف بجانبهم.. وده موقف مش هننساه لكم" وفرز الأعمال معه واستبعد منها كل ما ينتقد الإخوان المسلمين. وتعجب فاروق من موقف الساقية لأنه كان دائما هناك كاركاتيرات ضد النظام قبل الثورة، ولم يتم استبعادها، كما حدث هذا العام، ولكنهم قرروا نشر الرسومات المستبعدة حتي تصل لكل المواطنين ليتأكدوا إنها ليست دون المستوى. طارق زايد، الفنان التشكيلي، والمشرف علي معارض ساقية الصاوي، كان له رأي آخر، أكد خلاله أن استبعاد اللوحات كان بسبب الطباعة الرديئة أو المساحة فقط، وأن جدران القاعة لن تتحمل كل الأعمال المقدمة، لذلك استبعدت بعض اللوحات. ونفى أن يكون الصاوي زار المعرض قبل افتتاحه لأنه كان خارج مصر، وأنه شاهده للمرة الأولى صباح اليوم، كما أنه لم يعترض على الرسومات، مؤكدا أن هذه مهامه هو ولا يتدخل بها أحد. وكانت جبهة الإبداع المصري قد أصدرت بيانا دعت فيه أعضاءها لمقاطعة ساقية الصاوي وكل أنشتطها، احتجاجا على ما بدر من المهندس محمد عبد المنعم الصاوي من منع عرض رسوم كاريكاتيرية، ناقدة لجماعة الإخوان المسلمين وممارساتهم السياسية وإلقاء تلك اللوحات على الأرض في إهانة لصناعها في معرض حصاد الكاريكاتير المقام في الساقية. ودعت جبهة الإبداع كل أعضائها وكل المؤيدين إلى تنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء القادم 8 يناير في تمام الساعة السادسة مساء أمام الساقية، للتعبير عن موقفهم ضد ممارسات الساقية ومن يديرها، واقترح البيان أن تتم طباعة اللوحات المذكورة بعد استئذان رساميها ورفعها خلال الوقفة.