النائب العام يوقع مع نظيره الروسى مذكرات تعاون في مجال مكافحة جرائم الإرهاب والتطرف وغسل الأموال    مدرب رومانيا: الجيل الحالي من المنتخب لا حدود له    أخبار الأهلي : أول رد من الأهلي على المفاوضات مع نجم الرجاء المغربي    رجال الشرطة يوزعون الزهور والهدايا على المواطنين بالمحافظات إحتفالا بعيد الأضحى "فيديو"    التخطيط : 31.2 مليار جنيه قيمة الاستثمارات الموجهة لبورسعيد خلال 2023/24    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    الرئيس الروسي يعفي ثلاثة نواب لوزير الدفاع من مناصبهم    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    الفلبين: الصين تنفذ مناورات بحرية خطيرة أضرت بمراكبنا    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    مصر تحصد المركز الخامس عربيا في تصدير البطيخ    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    في ذكري وفاته.. الشيخ الشعراوي إمام الدعاة ومجدد الفكر الإسلامي    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    رئيس وزراء الهند يهنئ السيسي بعيد الأضحى    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    الكرملين: تصريحات الناتو بشأن نشر أسلحة نووية تصعيد خطير    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    إسرائيل تقرر زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية بعد اعتراف بلدان بدولة فلسطين    الإسكان: تنفيذ 1384 مشروعاً بمبادرة «حياة كريمة» في 3 محافظات بالصعيد    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    وزيرة الهجرة تطلق «بودكاست» لتعريف المصريين بالخارج تاريخ حضارتهم    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات من قلب العاصمة الثانية تكشف ملامح تآكل دولة السلفيين
الشيخ جابر قاسم: السلفيون الآن يسلكون نهج مبارك فى «الكذب» وسيعجل ذلك بنهايتهم.. واتجهوا بعد الثورة لهدم الأضرحة متخيلين أنهم سيسقطون التيار الصوفى

40عاماً أو يزيد كانت كافية على ما يبدو لأن تترسخ الدعوة السلفية فى مدينة الإسكندرية، تضع لنفسها منهجاً واضحاً. يخرج من عباءتها شيوخ ورموز. تقيم مساجدها، وتطبع منشوراتها، الجلباب والنقاب، كاد أن يصبح الزى الرسمى لأهالى تلك المدينة، التى كنت إذا حدثت أحداً من السلفيين أنك «إسكندرانى»، يغبطك سريعاً بقوله «يا بختك.. انت من بلد الأشاوس».. تحجم عن المشاركة فى ثورة يناير، بدعوى عدم جواز الخروج على الحاكم، فى البداية، ثم تنضم إلى صفوف الثوار بعد نجاح الثورة فى خلع مبارك من منصبه، فتشكل أحزابها، وتعتمد ساستها.
تحث الناس فى البداية على التصويت ب«نعم» على التعديلات الدستورية التى طرحت للاستفتاء فى مارس 2011، فتأتى النتيجة بموافقة الإسكندرية على التعديلات بنسبة 67%، ثم يبدأ الشارع السكندرى وكأنه يراجع نفسه، فيمنح 5 مرشحين فقط من حزب النور مقاعد فى البرلمان، عقب الانتخابات البرلمانية التى جرت أواخر 2011، وأوائل 2012، رغم تخليها عن رجلها الأهم الشيخ عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية، فيخسر الرجل الانتخابات البرلمانية، ثم يمنح الشارع السكندرى أكثر من نصف مليون صوت للمرشح الرئاسى حمدين صباحى، ليقدمه بذلك على المرشح الرئاسى محمد مرسى، الذى أعلنت الدعوة السلفية بالمدينة دعمها الصريح له، قبل أن يصوتوا لصالحه فى جولة الإعادة، بعد أن اضطروا للاختيار بينه وبين الفريق أحمد شفيق.
يزيد فوران الشارع السكندرى بعد انتخابات الرئاسة، تظهر حركات وتنظيمات وأحزاب، وتنشط أخرى من كمونها، يشتبك السلفيون مع مواطنين سكندريين اعترضوا على توجيه الشيخ أحمد المحلاوى، خطيب مسجد القائد إبراهيم، للمصلين أثناء خطبة الجمعة، بالتصويت ب«نعم» فى الاستفتاء الأخير على الدستور، يقذف المواطنون المسجد بالحجارة للمرة الأولى، وفى نفس الوقت يختطف بعض الموجودين داخل المسجد بصحبة الشيخ عدداً من المهاجمين، ويتولوا تعذيبهم، فيما يدور القتال فى الخارج بين جماعات من السلفيين، وعدد من المواطنين، بالسيوف والسنج، يفرض حصار على المسجد، ويشتد القتال، ثم يتوقف، قبل أن يعود مرة أخرى للاشتعال فى جمعة تالية، فيما عكس حالة التربص الموجودة بين الطرفين.
محب عبود، نقيب المعلمين المستقلة بالإسكندرية، وعضو المكتب التنفيذى للتيار المدنى بالمدينة، يرى أن حالة العداء التى بدأت تغزو المجتمع السكندرى تجاه السلفيين، راجعة فى الأساس إلى محاولة السلفيين لتضييق مساحة الحرية داخل المدينة، التى وصفها عبود بأنها «مدينة تعشق الحرية»، وهو الأمر الذى يشرحه عبود بقصة يرويها عن عاملة فى مدرسة، حكت له أنها كانت تجلس على شاطئ البحر مع زوجها وأولادها، وفوجئت بأحد السلفيين يقترب منهم ويسألهما عن الصلة التى تربطهما ببعضهما البعض، وعندما أخبراه بأنهما زوجان، نصحهما بألا يجلسا على الشاطئ أمام الناس. وهى قصة يؤكد بها عبود أن محاولة التضييق على الناس فى المدينة جاءت بنتيجة عكسية، مضيفاً إلى ذلك طريقة تعامل أعضاء الدعوة السلفية مع معارضيهم، وهى طريقة منهجها الأساسى هو الإقصاء، دون الأخذ فى الاعتبار أن الإقصاء سوف يحرم البلد من عناصر قد تحتاجها مستقبلاً.
يحدث هذا الآن على الرغم من أن السلفيين كانوا حريصين قبل الثورة على ألا يتحدثوا فى السياسة -كما يقول عبود- وهو يتذكر مثلاً عندما وقع حادث مقتل سيد بلال، أحد أعضاء الدعوة السلفية، قبل الثورة بأيام، على أيدى عناصر الأمن، أنه ذهب ومعه عدد من زملائه إلى أهل «بلال»، حتى يعرضوا عليهم الوقوف إلى جوارهم، وفوجئ وقتها بشقيق «بلال» يبلغ أمن الدولة بمجىء عبود وزملائه، ويسألهم كيف يتصرف معهم، وهو سلوك يقول عبود إنه يستطيع أن يفهمه فى ظل حرص السلفيين قبل الثورة على الابتعاد عن السياسة.
وما حدث بعد ذلك أن الثورة كما يقول عبود، أتاحت للسلفيين أن يخرجوا من تحت الأرض، خاصة أن الهجوم على مقرات أمن الدولة أنعش فيهم آمالاً بأن كل ملفاتهم اختفت، ولذلك فقد عرضوا أنفسهم فجأة لضوء الشمس، فظهر ما نراه من تخبطهم بين السياسة والدعوة، الأمر الذى عرضهم للانقسام، الذى من الممكن أن يقضى بعودتهم مرة أخرى لمنازلهم، أو يحولهم إلى مجموعات مسلحة، كما يفترض عبود، الذى يرى أن احتمالية عودة السلفيين لمنازلهم هى الأرجح، لا سيما بعد أن تكشفت لهم لعبة السياسة، غير الشريفة فى نظرهم، مع عدم تمكنهم من تجميع أعضائهم، لمواجهة الشارع الذى دخل معهم فى حالة عداء، وهو ما ظهر واضحاً فى حادث الشيخ المحلاوى.
وفى الوقت الذى يرى فيه عبود انحسار التيار السلفى، يرصد فيه ما يسميه «ظاهرة جديدة»، ألا وهى انضمام الشباب الصغير بكثرة لحزب الدستور فى الإسكندرية، الأمر الذى ينذر كما يقول عبود بنهاية قريبة لكل الأحزاب الموجودة على الساحة، فى مقابل ما يطلق عليه «أساسات جديدة» بخبرة ثورية، أقل يأساً وأكثر استعداداً للفداء والمصالحة، وبقدرة عالية على التكامل، فى الوقت الذى سيؤول فيه السلفيون للتدهور سواء غيروا خطتهم السياسية لأنهم يخسرون أرضاً، كما يقول عبود، أو حتى تمسكوا بأسلوبهم القديم، فهذا سيحولهم لعصابة تواجه الشارع، ويواجهها، كما يحدث الآن.
محمد منصور، أمين لجنة المكتب الإعلامى لحزب الدستور بالإسكندرية، قال إنه لا يوجد شك أن السلفيين بدأوا فى خسارة أرضية، وتبين للناس أن ممثلى السلفيين يغيرون مواقفهم، فعزفوا عن الإقبال على انتخابهم، جاء ذلك تعليقاً على نتيجة الاستفتاء على الدستور الجديد، ونتائج انتخابات الرئاسة، واستغرب من أن التيار السلفى كان رافضاً للدستور فى البداية ثم عاد للقبول به، وأشار إلى أن خسارة السلفيين، تصب فى أرضية التيارات المدنية.
خسارة السلفيين كما يؤكد منصور، فى الإسكندرية بدأت من مجلس الشعب، وأدائهم تحت قبة البرلمان، الذى تُوبع عبر الشاشات، وتبين للمتابعين أن الموضوع هزلى للغاية، وأنهم «يقولون ما لا يفعلون»، ولا يناقشون مشاكل تهم المجتمع بشكل حقيقى، بل يبتعدون عن كل ما يخص مشاكل المواطن البسيط، لكن لا أحد منهم تحدث عن حد أدنى وأقصى للأجور، أو قانون للعدالة الانتقالية لجلب حقوق الشهداء، أو حتى قانون عزل حقيقى، لا قانون يعزل أحمد شفيق فقط.
ولفت إلى أن أغلب المواطنين، الذين حصلوا على مساعدات من قبل الدعوة السلفية وحزب النور فى الإسكندرية، لاحظوا أن الجانب الخيرى لا يظهر إلا فى أوقات معينة، متعلقة بالصناديق، فاكتشفوا أن الأمر متعلق بالسياسة لا بالدعوة إلى الله.
وحلل نتائج الاستفتاء، فى الأماكن ذات التعليم المنخفض، مثل برج العرب والعامرية، فمثلاً فى العامرية وبرج العرب، 76 ألف صوت موافق، مقابل 12 ألف صوت رافض. العجمى: 54 ألفاً موافق، 27 ألفاً غير موافق. كرموز: 21 ألف صوت موافق، 18 ألفاً غير موافق، وفى مينا البصل: 50 ألفاً غير موافق مقابل 25 ألفاً موافق. موضحاً أن السلفيين يذهبون دائماً للمناطق الفقيرة المحتاجة، ويفرضون سطوتهم.
وتبدأ النسبة تختلف فى بعض مناطق ذات الدخل العالى والتعليم، مثل الجمرك: 25 ألفاً غير موافق مقابل 13 ألفاً موافق، ومنطقة باب شرق: 48 ألفاً غير موافق، مقابل 31 ألفاً موافق. سيدى جابر: 56 ألفاً غير موافق، مقابل 31 ألفاً مقابل.
92 ألفاً غير موافق، و116 ألفاً موافق فى منطقة سيدى بشر (دائرة منتزه أول)، التى تعد معقلاً للسلفيين، وهو ما يوضح أن الانخفاض بدأ يطول حتى مناطق تمركزهم، وأن أرضيتهم بدأت تسلك طريق الفقدان.
العطارين من المناطق المحسوبة على التيار السلفى والنتيجة فيها 13 ألفاً رافض، و8 آلاف موافق. ومحرم بك: 53 ألفاً موافق، مقابل 59 ألفاً غير موافق، الأمر الذى يؤكد نفس نظرية انهيار اكتساح السلفيين فى تلك المناطق. وأشار أمين لجنة المكتب الإعلامى لحزب الدستور إلى أن هناك محاولة للتمرد على واقع التغييب السلفى، لاسيما فى الحضر، الذى يغلب عليه نسبة التصويت بالرفض.
ومن ضمن الملاحظات على نتائج الدستور، أن عدد المصوتين فى المرحلة الثانية أكثر من المرحلة الأولى، وانتخابات مجلس الشعب والرئاسة، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً كان لديه «شبه إيمان»، بأن الدستور سيمر حتى لو رفضوا، لذا أحجموا عن النزول والمشاركة، نظراً لغضبهم من الدستور وطريقة إعداده، وغياب الإشراف القضائى عن الانتخابات، ونسبة مشاركة الإسكندرية، كانت 30%، وأكد أن اقتناع الناس بالتغيير يحتاج لوقت، فهم فى البداية يتأملون، ثم يقتنعون وبعد ذلك يقدمون على التغيير.
يصف محمد منصور خسارة السلفيين لأرضيتهم فى الشارع ب«الرائعة»، قائلاً «ربنا عايز كدا»، ويشير إلى أنهم لن يأخذوا وقتاً طويلاً فى خسارة المزيد بين الناس.
يقول الشيخ جابر قاسم الخولى، وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية بالإسكندرية، إن التيار السلفى فى السبعينات، شهد صعوداً لأنّه فى هذا الوقت وحتى عصر حسنى مبارك، كان هناك حالة من الكبت العام، التى سيطرت على أغلب الفصائل، بينما هم كان لهم تنظيم بدأ بالإخوان المسلمين وأدبيات حسن البنا والهضيبى المرتبطة بالوهابية، وانشقوا عنهم مؤسسون لتيارات إسلامية مختلفة، ورفض وكيل المشيخة الصوفية إطلاق لفظ السلف على بعض التيارات، قائلاً إن هذا المسمى خاطئ، لكن السلف هو ما قد مضى، والواقع أن الموجودين حالياً هم الخلف، وأكد أن الصوفيين يتبعون السلف الصالح، ولا يمكن قصر الوصف على جماعة بعينها «إحنا كلنا سلفيين».
كما يشير الشيخ جابر قاسم، إلى إن السلفيين بعد الثورة، اتجهوا إلى هدم الأضرحة، متخيلين أنهم فى ذلك سوف يسقطون التيار الصوفى، ونفى وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، أن تكون الطريقة الصوفية تتبرك بالشيوخ وبالأضرحة وتطلب منهم ما يُطلب من الله وحده، مشيراً إلى أنه عقد محضر اتفاق مكتوباً مع رؤوس السلفية فى الإسكندرية، ياسر برهامى وأحمد فريد وأحمد حطيبة، بعدم هدم الأضرحة، وعدم تكفير الصوفيين، وشهدت على ذلك الأوقاف.
هبوط التيار السلفى من وجهة نظر وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، بسبب الاتجاه العام للوسطية الإسلامية، والبعد عن التيارات المتشددة، والمناداة بالأزهر كيان الوسطية، الذى ينشر قيماً مثل التسامح والابتسام والحب فى المجتمع المصرى، كما أن التمويل الذى يجىء للجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية، قد بدأ يخفت لاسيما أن الاتجاه السائر من الدول الممولة الآن، ناحية الكيانات الوسطية، كما يؤكد الشيخ جابر قاسم.
«الدين علاقة بين الإنسان وربه، ولا دخول للسياسة فيها» هكذا يصف الشيخ جابر قاسم ما يحدث من السلفيين، وإقحامهم للسياسة فى أصول الدين، مشيراً إلى أن التعود من قبل الناس أن الشيوخ مكانهم الدعوة إلى الله ونشر تعاليم الدين، وتحفيظ القرآن، لكن حدث لهم ما يشبه المباغتة، حيث وجدوا هؤلاء الشيوخ يتحدثون فى أمور سياسية، بل ويتناحرون عليها، محاولين استقطاب المريدين.
كما يشير إلى أن أحد أسباب الهبوط، أن كل ما قدموه، هو فكر التكفير، ويكمل قائلاً إن الله عز وجل فى سورة الزمر قال: «إن تكفروا فإن الله غنى عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر»، لكن هؤلاء السلف، على حد وصف جابر قاسم، غفلوا عن هذه الآية، معبراً أنهم أقاموا دولة الكفر، وقاموا بتكفير العلمانيين والليبراليين والفنانين، ووصل بهم الحال إلى تكفير الصوفيين، وقال إن فزاعة التكفير هذه، حين بدأ استخدامها على رجل الشارع العادى، انقلب ذلك عليهم، وشهدت شعبيتهم انخفاضاً كبيراً.
يوضح الشيخ جابر قاسم أن نظام حسنى مبارك سقط بسبب الكذب، والآن التيار السلفى يسلك نفس المذهب، قائلاً إن كثرة كذب حسنى مبارك أودت به لفجور ألقى به فى نيران الثورة، والشعب لم يتحمل الكذب، والآن، الشعب لم يتحمل منهم سوى 6 أشهر فقط، وبدأ فى كراهيتهم، ضارباً مثلاً بعلى ونيس وأنور البلكيمى، من أقطاب حزب النور السلفى، اللذين كذبا على الناس، وتسببا فى خلق حالة عامة لدى رجل الشارع العادى بالتساؤل عن كيفية أن يكون الرجل الذى كانوا يكنون له الاحترام والتبجيل، يكذب عليهم متدثراً فى عباءة الشيخ. كما انتقد الشيخ محمد حسان، وقوله أمام جامعة القاهرة، إن فجر الإسلام بدأ فى الدخول لمصر من جديد، حيث تساءل: «هل كانت مصر كافرة قبل الآن». ودلل أن الرموز السلفية هذه هى التى تسىء إلى التيار السلفى وتتسبب فى هبوط شعبيته.
«شيخ بدقن هو اللى بيقتل المسلم اللى زيه» ويرى الشيخ جابر، أن بداية انهيار الإمبراطورية السلفية التام جاء من عنفهم المفرط، فما لبثوا أن خرجوا من فزاعة التكفير، إلى فزاعة العنف وتصفية المعارضين، ويصب فى المقام الأول بشكل إيجابى على شباب الثورة، حيث هو المستفيد من تعاطف رجل الشارع معه، بعد فضح التيارات السلفية أمامه، وثبوت سعيها للسلطة.
يشير عبدالرحمن يسرى، عضو مؤسس فى حزب مصر القوية، إلى أن السلفيين ينقسمون إلى شقين الدعوة والحزب، وأنه رغم ذلك، ما زال الناس يقبلون التيار السلفى فى الإسكندرية عن تيار الإخوان المسلمين. ويقول إن الوقائع التى صدرت من شيوخ منتمين للتيار السلفى، مثل واقعة الطريق الزراعى للشيخ على ونيس، وواقعة الكذب من أنور البلكيمى عضو حزب النور، يدفع بالناس إلى عدم تصديقهم، حتى وإن نفى الحزب أو التيار السلفى وجود هؤلاء الأشخاص ضمن رموزهم، والكلام لعضو مصر القوية، يقول إنه لا بد أن يكون كل شخص منتمٍ لحزب، خاصةً إن كان إسلامياً، أن يكون مسئولاً عن تصرفه، لأنه يعكس شكل الحزب.
وقال إن المجتمع المصرى، أحياناً لا يقبل فكرة الوسطية الدينية والسياسية، لافتاً إلى أن حزبه قد يقلل من سطوة السلفيين من الناحية السلفية، وليس من ناحية المرجعية الإسلامية، قائلاً إنه من يريد التيار المتشدد فيذهب للسلفى، ومن يريد الوسطى، فسيختار حزب مصر القوية أو غيره من الأحزاب الوسطية، وأوضح أنه بعد الثورة شهد التيار السلفى صعوداً كبيراً، لأن الناس فى الشارع أرادوا «تجريب» ناس يعرفون الله، بعد أن تجرعوا مرارة النظام السابق، لاسيما أن النخبة المصرية تأخرت فى الظهور، مما دفع الشعب إلى الاختيار بين بديلين لا ثالث لهما فى انتخابات مجلس الشعب، إما التيار الإسلامى وإما الفلول، لذلك كانت النتيجة فى صالح التيار الإسلامى، ومن بينه التيار السلفى.
من أسباب تناقص عدد المنتمين للتيار السلفى الآن، كما يؤكد عبدالرحمن يسرى هو اختفاء ما يعرف بالمحبين، إذ أن المحب هذا هو فرد لا ينتمى بشكل رسمى إلى التيار السلفى، لكنه يحب ما يفعلون ويتفق معه، ويحضر خطب الشيوخ مثل برهامى والشحات، ويؤكد أن المحبين الآن قد اختفوا من الساحة تماماً، واقتصرت أعداد السلفيين على من ينتمون إليه بشكل رسمى.
أبدى يسرى، رفضه التام لما يحدث من قبل شيوخ السلفيين، وإقحامهم للسياسة على المنبر، وأكد أنه يرفض ما يحدث من قبل بعض الشيوخ، الذى يتسبب فى انخفاض شعبيتهم، بحيث يوجهون الجمهور من خلال منبرهم لأمور سياسية، من المفترض أن يختص بها رجال السياسة، وعبر عن كون المجتمع الآن أصبح منقسماً على نفسه بشكل كبير.
وعن تحليل نتائج الاستفتاء الأخير، قال إن انخفاض نسبة السلفيين، الذين صوتوا بنعم، حدث بسبب حالة من الوعى بدأت فى الذيوع لدى المجتمع السكندرى، وأكد أن ذلك حدث بسبب النزول إلى الشارع من قبل أحزاب مثل مصر القوية والدستور، الذين حاولوا توعية الناس من خلال مؤتمرات جماهيرية، وتوزيع أوراق فى كل المحافل تشرح أسباب رفضهم للدستور، وهو ما وصل بالفعل، حيث قلت نسبة التصويت بنعم، التى أيدها التيار السلفى بنسبة تصل إلى 20%، عن الاستفتاء الخاص بمارس.
وأكد أنهم فى الفترة القادمة لن يتركوا ساحة السياسة، مشيراً إلى دخول حزب مصر القوية لانتخابات مجلس الشعب القادمة، وتمنى أن يحدث تحالف، يوحد صفوف الأحزاب الوسطية، لتمنع التشدد من الوجود فى المجتمع المصرى.
يقول محمد سعد خيرالله، مؤسس الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر، ذو الأربعين عاماً، إن المتسبب فى ارتفاع مؤشر السلفيين بعد الثورة، تخيل رجل الشارع العادى، أن السلفيين لديهم حلول للمشاكل، لاسيما مع تغلغلهم ونزولهم إلى الشوارع وللناس فى الأزقة والحوارى، حيث يعد الفقراء جمهورهم الرئيسى، لذا صنعوا حالة من السيطرة على رجل الشارع، فكان من الطبيعى والمنطقى، مع تراجع القوى المدنية، أن الأبرز والوحيد على الساحة الإسلام السياسى: السلفيون والإخوان، خاصةً أن الناس يقولون عنهم «دول بتوع ربنا»، حيث نصب السلفيون أنفسهم متحدثين باسم الدين، والدين دائماً ما يدغدغ المشاعر، وانعكس ذلك على نتيجة انتخابات مجلس الشعب، حيث كان لهم تفوق ملحوظ.
لكن اليوم، وكما يشير خيرالله، بدأت شعبيتهم فى التراجع بشكل كبير، لأن: «هناك تصرفات فردية من خلال نوابهم ومن خلال شيوخهم ورموزهم حينما اقتربوا من الإعلام، مثل البلكيمى وونيس، بجانب أن الناس على أرض الواقع، لم تجد أى حلول اقتصادية عندهم، كانوا فى الظلام الناس متعاطفة معاهم، خرجوا للنور اتكشفوا على حقيقتهم».
كما أشار إلى أن اللعب على الوتر المادى لدى الفقراء، من توزيع للبطاطين فى الشتاء، والمعونات الغذائية من زيت وسكر، قد فهمه الفقراء الآن، وأوضح أن كثيراً من هؤلاء أخبروه أنهم يأخذون الزيت والسكر، ولا يقدمون على انتخاب الإخوان.
سبب العنف الذى بدأ يصبغ أسلوب السلفيين من جديد، والذى يتوقع سعد خيرالله أن يزيد الفترة المقبلة، هو تعويض التراجع الذى بدأ يضربهم فى الجذور، وضرب مثلاً بالجزائر التى حين تخلصت من تيارات الإسلام السياسى هناك، كان ذلك على جسد عشرات الألوف من الضحايا، وأن الجزائر الآن، على حد رؤيته، تمتلك مخزوناً اقتصادياً استراتيجياً كبيراً.
بداية سقوط السلفيين فى الإسكندرية كما يرى سعد، يصب فى مصلحة التيارات المدنية والثورية، إن تم استغلاله بشكل أمثل، خاصةً جبهة الإنقاذ التى تعد الأمل الوحيد للمجتمع المصرى الآن، لكن الأزمة كما يعبر خيرالله تكمن فى النخبة السياسية المصرية التى تعانى من أزمة كبيرة وهى الاختلاف فيما بينهم، وعمل حسابات فى كثير من الأحيان للسلطة، ويعود الرجل الذى ينعت نفسه بأنه عمل فى الشارع لاثنين وعشرين عاماً، بأن التعويل حالياً على الشارع المصرى غير المسيس، ورجله الذى لا ينتمى لأى حزب ولا يسمع لأى نخبة، لكنه يعانى من الحكم الإسلامى، والتضييق من قبل السلفيين على حريته حالياً، وقال إن عملهم فى الجبهة يتركز بشكل أساسى فى الشارع، وأماكن مثل العزب والبيوت المبنية من الصفيح، إذ أن تلك الأماكن هى التى تشكل العصب الحقيقى للوطن، مؤكداً أنهم يجلسون معهم ويحاولون أن يشرحوا لهم كل ما هو غائب عن ذهنهم. «الشارع بالنسبة له سئم النخبة، وشطب على التيار السلفى وكفر بشيوخهم» مشيراً إلى أنه فى انتخابات مجلس الشعب القادمة، سوف تشهد سقوطاً مدوياً للتيار السلفى فى الإسكندرية، ومصر كلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.