أكد اللواء السعودى المتقاعد الدكتور أنور ماجد عشقى، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر، مفصلية، وفى غاية الأهمية، كونها تأتى ضمن سلسلة زيارات تبادلية، بين اثنتين من أكبر الدول العربية والإسلامية وفى المنطقة بأسرها، وأضاف ل«الوطن»، أن توقيت الزيارة بالغ الأهمية، وأن المملكة ممثلة فى خادم الحرمين لها هدف استراتيجى وهو تحقيق السلام والأمن فى العالمين العربى والإسلامى. رئيس مركز الشرق الأوسط ل«الوطن»: زيارة «سلمان» مفصلية.. و«السيسى» سيزور تركيا قريباً ■ بداية، كيف ترى أهمية زيارة خادم الحرمين إلى مصر؟ - زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر هى الأولى من نوعها، وتعد زيارة مفصلية وفى غاية الأهمية، كونها تأتى ضمن سلسلة زيارات تبادلية، بين اثنتين من أكبر الدول العربية والإسلامية، وفى المنطقة بأسرها، وخاصة أن توقيتها يأتى فى سياق بالغ الأهمية. وهذه الزيارة يمكن وصفها بأنها «تاريخية» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهى تعد أولى الزيارات الرسمية للعاهل السعودى إلى دولة عربية، والثانية من نوعها فقط لأى دولة فى العالم بعد زيارة الولاياتالمتحدة. وتوقيتها يأتى فى أعقاب عملية «عاصفة الحزم» وتشكيل التحالف الإسلامى وإجراء مناورات رعد الشمال فى المملكة، حيث كانت القوات المسلحة للبلدين أكبر قوتين مشاركتين فى هذه المناورة ذات الدلائل الواضحة ثنائياً وإقليمياً ودولياً، كما تتركز أهمية الزيارة فى أنها سابقة على مؤتمر القمة الإسلامية المقرر انعقاده فى تركيا، وهى أيضاً تأتى بعد جولات من الاجتماعات المشتركة للمجلس التنسيقى المصرى السعودى والتى عقدت 5 اجتماعات بالتناوب بين القاهرةوالرياض. ■ كيف تعولون على أهمية الزيارة فى تخفيف حدة التوتر بين القاهرةوأنقرة؟ - أعلم أن المملكة ممثلة فى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، من أهم أهدافها الاستراتيجية تحقيق الأمن والسلام فى العالمين العربى والإسلامى، ومنع زعزعة استقرار المنطقة وأمنها وتهديد دولها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، ومنع تدخل أى دولة أو قوة إقليمية أو دولية فى هذا الأمر، ولهذا الملك يريد -كما أتوقع- أن يصطحب معه الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى مؤتمر القمة الإسلامية فى أنقرة، فلا بد أن يذهب الرئيس «السيسى» إلى هناك لأنه رئيس مؤتمر القمة، وسيسلم الرئاسة إلى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ولا بد أن يحضر الاجتماع. وهناك خلاف كبير بين أنقرةوالقاهرة ولا يتعلق الأمر فقط بحضور مؤتمر القمة، ولكن فى الفترة الأخيرة خفتت حدة الخلاف وبدأت تركيا ترسل إشارات حسنة وصحية فى هذا المجال، كما أن أنقرة تستطيع أيضاً بحكم علاقاتها مع الإخوان أن تخفف من الوضع بين قيادات التنظيم ومصر، وأنا على يقين بأن الإخوان لا يرغبون فى أن تصاب مصر بأذى، وأن مصر أيضاً لا تريد أن يكون هناك إقصاء لأحد التيارات أو لبعض الجماعات، ولكن كل من قام بعمل عنف لا بد أن يقدم للمحاكمة ويحكم عليه ويلقى جزاء ما فعله، أما على مستوى الملفات الإقليمية ومواقف مصر وتركيا منها، فلا بد من التفرقة بين الخلاف والاختلاف، وما بين مصر وتركيا هو اختلاف فى وجهات النظر وليس خلافاً على مستوى الشئون الإقليمية والدولية. 30 مليار دولار استثمارات جديدة فى مصر.. وتهميش سيناء لن يستمر.. والرياض لا ترى شراً فى «الإخوان» وستصل لحل وسط معهم ■ كيف يمكن أن تسهم الزيارة فى تنسيق المواقف بين القاهرةوالرياض، فى القضايا الإقليمية؟ وهل هناك ثمة خلافات بين البلدين؟ - لا خلافات بين البلدين، ولكن لا بد من زيادة تنسيق المواقف، وأعتقد أن الرئيس السيسى والملك سلمان لديهما هدف استراتيجى واحد وهو الحفاظ على الأمن القومى العربى، ولأول مرة تتفق الدول العربية وخاصة جناحى الأمة العربية، مصر والسعودية، على هدف استراتيجى واحد بهذه الدرجة من التطابق، وإدراك لضرورة أن يكون للدول العربية الدور الأول فى حل مشكلاتها عن طريق الاعتماد على الذات. ■ ما أبرز التهديدات المشتركة التى تواجه البلدين والمنطقة؟ - ثلاثة تهديدات: إيران وإسرائيل والإرهاب، وكما قلت سابقاً إذا كانت إسرائيل نزيفاً مستمراً يمكن إيقافه، فإن إيران سرطان يجب إقصاؤه، أما الإرهاب فيتطلب مواجهة شاملة لأنه عامل تدمير وهدم لمقدرات دول المنطقة. ■ كيف يمكن أن يتحقق الإقصاء والمواجهة بالنسبة لإيران؟ - ليس لدينا مشكلة مع الشعب الإيرانى أو الأمة الإيرانية، ولكن المشكلة فى نظام الحكم الذى يريد تصدير الثورة وزعزعة الاستقرار والتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، لدرجة أن يخرج مسئول إيرانى ليقول إن بلاده أصبحت تسيطر على 4 عواصم عربية حتى الآن، وهذا أمر غير مقبول، ومن ثم فإن أولويتنا هى الوقوف فى وجه هذه المطامع، ونحن على استعداد ليس فقط للتهدئة ولكن للمصالحة مع إيران بشرط التوقف عما تقوم به فى الشرق الأوسط، وتسحب قواتها من سوريا وتتوقف عن دعم حزب الله بالمال للقيام بأعمال إرهابية. ■ وماذا عن التنسيق والتعاون فى مكافحة الإرهاب؟ - مستوى التعاون بلغ ذروته فى اجتماع رؤساء أركان جيوش الدول الإسلامية المشاركة فى التحالف الإسلامى لمكافحة الإرهاب فى الرياض قبل أيام، وما أقره رؤساء الأركان من إجماع حول ضرورة تفعيل المواجهة الشاملة للإرهاب بكافة مكوناته العسكرية والأمنية والفكرية والاقتصادية. وقد اتفقت الدول على أن وقف تمدد الإرهاب والقضاء عليه لا بد أن يقوم على عدة عوامل وفى مقدمتها تحقيق العدالة. ■ هل هناك رؤية مشتركة بين البلدين للتعامل مع تيار الإسلام السياسى؟ - لا بد أن نحرر المصطلح ونعيد فهمه، فالإسلام السياسى المقصود به أنه هو الذى انشأ الجماعات الإسلامية الساعية إلى الوصول إلى السلطة وجعلت هدفها هو السلطة، والإسلام لا يسعى للوصول إلى السلطة بل رفع راية التوحيد، فإن مصطلح الإسلام السياسى بذلك يكون قد جعل من الإسلام وسيلة للوصول إلى السلطة. أما الرؤية المشتركة بين البلدين حول التعامل مع تيار الإسلام السياسى فهى ستكون موجودة ولكنها الآن رؤية مختلفة، فالقيادة المصرية ترى أن الإخوان شر، بينما المملكة لا تعتبرهم كذلك، ولكنها تختلف معهم فى بعض الأمور. فالإخوان أصبح هدفهم هو إسقاط النظام، ومصر تريد إقصاء الإخوان، ولابد من إيجاد حل وسط. ■ وهل هناك تطابق فى المواقف أو رؤية مشتركة للبلدين للأوضاع فى اليمن وسوريا؟ - هناك اتفاق كامل بين القاهرةوالرياض فى اليمن، أما سوريا فهناك اختلاف يتركز فى أن القيادة فى مصر تريد الحفاظ على النظام السورى لأن البديل عنه هو الإرهاب، فى حين ترى المملكة المحافظة على هيكل النظام فقط وليس شخص الرئيس السورى، لأن الأخير زائل أما سوريا فباقية، وحالياً هناك تقارب فى وجهات النظر فى مسألة الاتفاق على الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، واتفق الطرفان على ذلك. وخلاصة القول أنه يمكن التأكيد تماماً أنه لا خلاف بين مصر والمملكة فى اليمن، الذى أصبح يشهد الفصل الأخير من مسرحية الانقلاب الحوثى وخلال شهر سينتهى الأمر. ■ ماذا عن العلاقات الثنائية وخاصة فى الجانب الاقتصادى؟ - المملكة ترى أنها دخلت مرحلة جديدة من التحول الاقتصادى وهى أن النفط ناضب وسينضب خلال الفترة المقبلة، وحالياً المملكة تكرس جهودها من أجل توسيع الاستثمار العام وتأسيس استثمارات واسعة ومتنوعة فى المملكة وفى الخارج عن طريق تأسيس صندوق استثمارى بقيمة 2.5 تريليون دولار تقريباً، وهذه الأموال سوف تستثمر فى الداخل والخارج، وستكون البداية فى مصر بما لا يقل عن 30 مليار دولار، مع التركيز على الاستثمار فى سيناء وبقية المناطق فى مصر. كما أن الاستثمار فى سيناء أصبح له أهمية خاصة بعد تعرضها للتهميش عبر العهود السابقة، ولا يمكن لهذا التهميش أن يستمر. الأمن القومى المصرى لا خلافات بين القاهرةوالرياض، ولكن لا بد من زيادة تنسيق المواقف، وأعتقد أن الرئيس السيسى والملك سلمان لديهما هدف استراتيجى واحد وهو الحفاظ على الأمن القومى العربى، ولأول مرة تتفق الدول العربية وخاصة جناحى الأمة العربية، مصر والسعودية، على هدف استراتيجى واحد بهذه الدرجة من التطابق، وإدراك لضرورة أن يكون للدول العربية الدور الأول فى حل مشكلاتها عن طريق الاعتماد على الذات.