يقبل رأس والدته عقب خروجه من حبس دام لعشرة أشهر بتهمة حرق المجمع العلمى، صورته الموجودة على صفحة «كلنا مهند سمير»، كتب أصدقاؤه أسفل منها «ملعون أبوك يا سكوت.. أنا حلمى مش هيموت». مهند سمير مصيلحى، 19 سنة، طالب بمدرسة النهضة الثانوية التجريبية للغات.. هكذا سطرت تحقيقات النيابة اسمه كمتهم فى قضية مجلس الوزراء.. بينما يعرفه أصدقاؤه بأنه «رجل الميدان». من الوجوه المعروفة فى ميدان التحرير، لا يفارقه إلا لحبس.. لم ينسَ صديقه رامى الشرقاوى، الذى احتضنه يوم 19 ديسمبر 2011 فى أحداث مجلس الوزراء.. ليتلقى بدلا منه رصاصات كانت تطلَق بكثافة على المتظاهرين.. استقرت إحداها فى فخذه اليمنى بينما استقر باقيها فى جسد صديقه ليستشهد بعدها بأقل من ربع ساعة. «يا ريس لازم تسمعنى.. إحنا محبوسين هنا عشان إحنا الخرفان.. أنا بقالى 11 شهر محبوس مع إنى شاهد فى القضية.. إزاى اللى قتل الثوار فى محمد محمود والعباسية وغيرها يكونوا عايشين عادى وشباب الثورة اللى اتبهدل فيها هما اللى يتحبسوا؟!».. تلك الكلمات قالها، دون خوف، للقاضى الذى يحاكم المتهمين فى قضية مجلس الوزراء قبل أن يصدر قرارا بإخلاء سبيله. يعرفه أصدقاؤه بأنه «شعلة نشاط».. يهتف فيردد وراءه الجميع، يلتفون حوله فى حماس يشعله هو بصوته المميز الذى ينادى بحقوقهم وحقوق المصريين، ثم تحولت وجهته إلى المطالبة بحقوق الشهداء الذين شاهدهم ينفرطون أمام عينيه كحبات السبحة. «مهند» يرقد الآن بين الحياة والموت بالمستشفى إثر واقعة إطلاق النار عليه فى ميدان التحرير، أحدهم يخرج ليقول مات وفارق الحياة، والآخر ينفى ويطالب بالدعاء. يكمل حلقة فى مسلسل «جيكا» و«الحسينى أبوضيف»، ورصاصات تعرف طريق أصحابها. المتهم رقم 5 فى أحداث مجلس الوزراء.. هكذا تحول توصيف «مهند» من ناشط سياسى إلى متهم فى جريمتى حرق المجمع العلمى والاعتداء على قوات الشرطة العسكرية فى أحداث مجلس الوزراء، وعلى الرغم من وجوده أمام سلطات التحقيق، كشاهد رؤية فى واقعة مقتل صديقه، وتأكيده أنه رأى الضابط المتهم بقتله، فإنه قضى 11 شهرا من عمره خلف قضبان السجن، على ذمة القضية، حتى قررت المحكمة فى جلستها الماضية إخلاء سبيله وباقى المتهمين المحبوسين، الذين رفضوا أن يبرَّأوا بعفو رئاسى، وآثروا الحصول على البراءة من الاتهامات الموجهة لهم بقانون عادل. مشاهد العنف غير المبرر ضد المتظاهرين السلميين التى بدأت فى ميدان التحرير وتجولت أمام مبنى مجلس الوزراء وميدان سيمون بوليفار وأمام سفارة سوريا والسفارة الأمريكية، ثم إلى الاتحادية، ووصلت إلى مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.. عادت من جديد للتحرير.. نقطة البداية، الأيام تعيد نفسها: «جيكا» يطالب بحق الشهداء فيُقتل. يطالب «مهند» بحق «جيكا» فيُضرب بالخرطوش، ليبقى الهدف واحداً والوسائل متعددة.